385
موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي
الفصل الثالث:معركة حطين وفتح بيت المقدس والحملة الصليبية
المبحث الثالث:الحملة الصليبية الثالثة ووفاة صلاح الدين:
خامساً:سقوط عكا:
3-غدر الصليبيين ونقضهم للعهود:
قبل الصليبيين تلك الاتفاقية، وحلفوا لسيف الدين المشطوب فسلم لهم البلد، ودخلوه سلماً، ولما دخل الصليبيون عكا نقضوا عهودهم كعادتهم وغدروا بمن فيه من المسلمين، واحتاطوا عليهم وعلى أموالهم وحبسوهم وذلك في 17جمادى الآخرة 587ه/يوليه 1191م متظاهرين بأنهم فعلوا ذلك حتى يصل إليهم ما اتفقوا عليه من الفدية والأسرى. وهنا شرع صلاح الدين في جمع الأموال، واجتمع عنده مبلغ كبير من المال، واستشار أصحابه في تسليمه للصليبيين فأشاروا عليه بأن يعود مرة أخرى فيستخلف الصليبيين على إطلاق أصحابه وأن يضمن الداوية ذلك "لأنهم أهل تدين ووفاء إلا أن الداوية امتنعوا عن ذلك، وقالوا "لا نخلف ولا نضمن، لأننا نخاف غدر من عندنا ( )"؟. عند ذلك علم صلاح الدين غدرهم فلم يجبهم إلى ذلك ( )، كان ألوية الصليبيين ترفرف في ذلك الوقت فوق أبراج عكا واستطاع الصليبيون دخول عكا بعد أن حاصروها قرابة عامين، الأمر الذي أثار موجة من الأسى والحزن عبّر عنها المؤرخون المسلمون ويبدو أن الصليبيين ماطلوا في تنفيذ الشق المتعلق بهم، وكان صلاح الدين قد أرسل لهم القسط الأول من المال والرجال الأسرى ولما طالبهم بتنفيذ البند الخاص بهم كاملاً رفضوا عندها أدرك عزمهم على الغدر ورفض أن يسلمهم ما تبقى من المال والأسرى ( ) ، ولما رآ ريتشارد قلب الأسد توقف صلاح الدين عن بذل المال والأسرى وصليب الصلبوت لهم لم يعاود الاتصال بصلاح الدين، بل دفعه تهوره وحمقه إلى أن ساق أسرى المسلمين الذي بعكا وكانوا زهاء ثلاثة آلاف مسلم إلى تلك العياضية وأوثقهم بالحبال ثم حمل الصليبيون عليهم حملة واحدة وقتلوهم عن آخرهم وذلك في 27 رجب 587ه/20أغسطس 1191م ( ) ولاشك أن ذلك التصرف الوحشي الذي اتخذه ريتشادر مع أسرى المسلمين في عكا لم تكن له نتيجة سوى إثارة النخوة الإسلامية في صفوف المسلمين، الذين استشعروا ذلك الخطر الصليبي، فهبوا من كافة الأقطار الإسلامية للجهاد ضد الصليبيين وبالفعل فإن الجيوش الإسلامية قد منعت الجيوش الصليبية من تحقيق أي انتصار عقب دخولهم عكا وذلك لتفاني الجيوش الإسلامية في ميادين القتال لشعورها بزيادة الخطر الصليبي، فضلاً عما أعقب دخول الصليبيين عكا من خلاف وشقاق بين قادتهم أدى إلى اختلاف كلمتهم وعجزهم عن تحقيق انتصار آخر غير دخولهم عكا ذلك الانتصار الذي لا يقاس في حد ذاته بما لحق بالصليبيين من خسائر ( ) وشتان بين السلوك الهمجي الذي اتبعه ريتشارد مع أسرى المسلمين بعكا، وبين ذلك السلوك الإنساني الذي كان صلاح الدين قد اتبعه مع الصليبيين في مواقف كثيرة، منها ما فعله بأسراهم عقب انتصاره في حطين ثم عقب استيلائه على بيت المقدس، إذ حرص دائماً على السماح لأهل المدن التي استولى عليها من الصليبيين بمغادرتها سالمين ( ) ومن المواقف الإنسانية الإسلامية الصلاحية التي ظهرت من صلاح الدين وهو في حصار عكا.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق