250
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي
المبحث الرابع:الحملة الصليبية السادسة:
عاشراًً:هل الملك الكامل رجل سياسة قدير سبق عصره؟
13-ليس هنا مقام عرض كافة الآراء التي أوردها قطاع
بارز من المؤرخين المسلمين المحدثين بشأن اتفاقية يافا، وأكتفى هنا إلى جانب ما أوردته من قبل عن رأى العلامة سعيد عاشور من قبل – بأن أذكر ()ما أورده المؤرخان أحمد رمضان وقاسم عبده وهما من المختصين في عالم الحروب الصليبية يقول أحمد رمضان عاشور : فرط الكامل وبدون قتال ولا هزيمة ودون إراقة قطرة دم واحدة في مناطق لا يحق له أن يدعي أنها ملكاً له بل هي ملكاً للمسلمين جميعاً أراقوا فيها دماءهم تحت راية عمه صلاح الدين الأيوبي في حطين وبعدها في معارك يشهد الله على عنفها وضروراتها ومهما أدعى الكامل من أسباب دعته إلى قبول الصلح في يافا سنة 1229م إلا أنها أسباباً شخصية لا علاقة لها بالإسلام والمسـلمين وبدل أن يرفع راية الجهاد بعد صلاح الدين يأتي برفع راية الاستسلام في قبوله هذه المعاهدة ().
وأما قاسم عبده قاسم، فأورد مانصه : أما العالم الإسلامي فقد رأى – بحق أن الهدنة التي عقدها الكامل الأيوبي كارثة حقيقية، وكان رد الفعل الشعبي عنيفاً ضد السلطان الذي بعث سفراءه إلى كل مكان لتبرير فعلته، وقد علق ابن الأثير على ذلك بقوله: واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه، يسر الله، فتحه وعوده إلى المسلمين بمنه وكرمه ().
وفي حقيقة الأمر أن النتيجة الكبرى، التي تمخضت عنها تمثلت في عودة بيت المقدس للصليبيين دون إراقة الدماء ومن خلال حملة صليبية عجيبة خرجت ولعنات البابا تلاحق زعيمها فردريك الثاني، وإذا كانت قد حققت ذلك الهدف الكبير إلا أنها – من ناحية أخرى – تمكنت من زرع بذور الإنشقاق والاختلاف بين المسلمين بشأن اتفاقية يافا 1229م 627ه المثيرة لأكبر قدرة من الجدل بين المعاصرين وحتى المتأخرين ومن زاوية أخرى؛ نجد أن تلك الحملة جعلت لألمانيا موقعها الجديد الفعال على خريطة القوى السياسية الأوروبية المشاركة في المشروع الصليبي، ويلاحظ أننا بذلك لدينا ثلاثة أباطرة من الألمان شاركوا في ذلك المشروع منذ بدايته، فهناك كونراد الثالث الذي شارك في الصليبية الثانية، ثم فردريك بارباروسا الذي شارك في الثالثة أما فردريك الثاني فحقق إنتصاراً كبيراً عجز عن تحقيقه من قبل ملك فرنسا فيليب أغسطس، وملك انجلترا ريتشارد الأول قلب الأسد، وبذلك تدعم النفوذ الألماني شرق البحر المتوسط حيث رأى أنه لا حل لمشكلة الحرمان الكنسي الذي فرضه البابا جريجوري التاسع إلا بالاشتراك في حملة صليبية في بلاد الشام، على نحو عكسي أن السياسة الخارجية الألمانية حينذاك كانت على صلة وثيقة بالسياسة الداخلية وأنهما كانا وجهي عملة واحدة وأن المستقبل السياسي لذلك الإمبراطور الألماني لم يكن في ألمانيا ذاتها؛ بل في بلاد الشام ذاتها وكذلك نتج عن تلك الحروب الصليبية أن اتضح لنا أن البابوية جعلت من القدس لعبة سياسية، فهي، لا تقبل عودتها على يد رجل فرض عليه الحرمان الكنسي بل لابد من أن يكون ذلك من خلال رجل أداءه طيعة في يدها على نحو أوضح لنا الدور السياسي الذي لعبته البابوية التي كانت تتباكى من قبل على ضياع تلك المدينة المقدسة في أيدي المسلمين، وها هي الآن تضع العراقيل لتحول دون عودتها للمسيحيين. ()
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق