96
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :
المبحث الخامس:النظام الاقتصادي والخدمات الاجتماعية:
أولاً :مصادر دخل دولة نور الدين وسياسته الاقتصادية:
13- إلغاء الضرائب :
أدرك نور الدين محمود أن أي تغيير أساسي في واقع الحياة البشرية نحو الأحسن والأمثل لن يستكمل أبعاده إلاّ من خلال إعادة تشكيل الأرضية الاجتماعية بالحق والعدل بحيث لا يبقى هناك ظالم أو مظلوم، وكان موقفه الفعال ينطلق من الرؤية الإسلامية الموضوعية العادلة التي صاغها كتاب الله وسنة رسوله، ونفذتها سياسات الخلفاء الراشدين والقيادات الإسلامية الملتزمة عبر حركة التاريخ وكان الملك العادل نور الدين محمود زنكي يرى في الدولة مؤسسة لحماية (حقوق) جماهير المواطنين وتقديم أوسع الخدمات لهم وهو التصور الذي يرفض بالكلية صيغ الأخذ والاستلاب والابتزاز والتضييع التي مارستها الكثير من الحكومات عبر التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي، وكان هذا الابتزاز يأخذ يوم ذاك صيغ التوسّع الضرائبي السالب، والامتناع في المقابل عن تقديم الخدمات، ومن أجل تجاوز هذا المنطق الخاطئ سعى نور الدين إلى التحرك صوب الطرف المقابل تماماً، فعمل على تقليص الضرائب إلى الحد الأدنى المتاح، ونشط من أجل تقديم أوسع الخدمات لجماهير أمته وكان يحوط هذا التحرك – الذي أخذ يتصاعد بمرور الزمن – برقابة صارمة على أموال الدولة العامة ويقطع اليد التي تسعى إلى أن تمتد إليها بسوء، كما يحوطه بانفتاح عجيب على القطاعات الفقيرة المسحوقة من أبناء الأمة، من أجل تفهم واقعها المرير ودفعها إلى مستوى الكفاية يستند في ذلك كله على قدر من السياسات والموارد، كانت قديرة على تغطية متطلبات العطاء الواسعة التي نفذتها دولته الراشدة ( ) كانت الضرائب في عصر نور الدين تتزايد مع الزمن حتى أن الفاطميين في مصر كانوا يأخذون على البضائع مكسباً يصل إلى خمسة وأربعين في المائة من قيمتها، وابتكر ظلمة الحكام منها أشياء بعد أشياء ناء الناس بثقلها، حتى استغنى الكثير من التجار عن المتاجرة، وأخفى الناس أموالهم وأصبحوا مع حكامهم في بلاء شديد، وارتفعت نسبة الخراج الذي كان يجبى على الأرض حتى لم يبق للزراع ما ينفقون به، وأصبح الحكام يكلون جباية الضرائب إلى نفر من الجهابذة التزاماً، فيدفع الواحد منهم مبلغاً ثم يجبي أضعافه من الناس ( ). في عصر كهذا كان إسقاط الضرائب بعد – ولا شك – كانت تشير استغراب الكثير من أبناء ذلك الجيل وهي خطوة إيجابية في طريق العدل الاجتماعي وأخذ نور الدين في تنفيذ سياسته هذه منُذ فترة مبكرة، وكان حيناً بعد حين – يصدر الأوامر ويعمّم الكتب والمناشير بإسقاط حشود الضرائب (اللا شرعية) التي كانت تأخذ بخناق المواطنين من جراء سياسات الابتزاز التي اعتمدها الحكام والأمراء الذين سبقوا نور الدين ، والتي كان لا يزال العديد من الحكام والأمراء الذين عاصروه يعتمدونها، وكانت شعبيّته تزداد باطّراد عجيب في خط متواز مع مقادير الضرائب التي كان يطلقها ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق