إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 16 يوليو 2014

261 والاخيرة موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية المبحث الخامس : فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية : عاشراً : وفاة نور الدين محمود :


261 والاخيرة

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية

المبحث الخامس : فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية :

عاشراً : وفاة نور الدين محمود :

 قال العماد الأصفهاني : وأمر نور الدين رحمه الله تعالى بتطهير (ختان) ولده الملك الصالح إسماعيل يوم عيد الفطر، واحتفلنا لهذا الأمر، وغُلقَّت محالُّ دمشق أياما.
قال : ونظمت للهناء بالعيد والطُّهر قصيدة منها :

عيدان : فطرٌ وصُهُر
    ??فتح قريب ونصر

كلاهما لك فيه
    ??حقاً هناء وأجر

وفيهما بالتَّهاني
    ??رسمٌ لنا مستمر

طهارة طاب منها
    ??أصل وفرع وذكر ( )


قال : وفي يوم العيد يوم الأحد ركب نور الدين على الرّسم المعتاد محفوفاً من الله بالإسعاد، مكنوفاً من السماء والأرض بالأجناد، والقدر يقول له : هذا آخر الأعياد ووقف في الميدان الأخضر الشمالي لطعن الحلق، ورمي القبق وكان قد ضرب خيمته في الميدان القبلي الأخضر، وأمر بوضع المنبر. وخطب له القاضي شمس الدين ابن الفَّراش قاضي العسكر، بعد أن صلَّى به وذكَّر، وعاد القلعة، طالع البهجة بهيج الطلعة، وأنهب سِماطه العام على رَسْم الأتراك، وأكابر الأملاك، ثم حضرنا على خوانه الخَاص، وله عقد كمال مصون من الانتقاض والانتقاص  ( ) ، ... وفي يوم الاثنين ثاني العيد بكَّر وركب وجمَّل الموكب ... ودخل الميدان والعظماء يسايرونه، والفهماء يحاورونه، وفيهم همام الدَّين مودود، وهو في الأكابر معدود، وكان قديماً في أوّل دولته وإلى حلب وقد جّرب الدهر بحنتكه.. فقال لنور الدين في كلامه عظة لمن يغتر بأيامه : هل نكون ههنا في مثل هذا اليوم في اليوم في العام القابل ؟ فقال نور الدين : قل هل نكون بعد شهر، فإنَّ السِنة بعيدة، فجرى على منطقها ما جرى به القضاء السَّابق، فإن نور الدين لم يصل إلى الشهر والهمام لم يصل إلى العام، ثم شرع نور الدين في اللغب بالكُرة مع خّواصه، فاعترضه في حاله أمير آخر اسمه يَرَنْقُشى وقال له : ياش  ( ) ، فأحدث له الغيط والاستيحاش، واغتاظ على خلاف مذهبه الكريم، وخلقه الحليم، فزجره وزبره ونهاه ونهره، وساق ودخل القلعة ونزل، واحتجب واعتزل، فبقي أسبوعاً في منزله، مشغولاً بنازله، مغلوباً عن عاجلة بحديث آجله والنَّاس من الختان لا هون بأوطارهم في الأوطان، فهذا يروح بجوده، وذاك يجود بروحه، فما انتهت تلك الأفراج إلاَّ بالأتراح، وما صلح الملك بعده إلا بملك الصالح  ( ) . قال : واتصل مرض نور الدين وأشار عليه الأطباء بالقصد فامتنع، وكان مهيباً فما روجع، وانتقل حادي عشر شوال يوم الأربعاء من مربع الفناء إلى مرتع البقاء ولقد كان من أولياء الله المؤمنين وعباده الصالحين  ( )، وكانت وفاة نور الدين رحمه الله تعالى بسبب خوانيق اعتزته عجز الأطباء عن علاجها  ( ) " وقد توفي يوم الأربعاء الحادي عشر من شّوال سنة تسع وستين وخمسة مئة" ودفن بقلعة دمشق ثم نقل إلى تربة تجاور مدرسته التي بناها لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله جوار الخوَّاصين في الشارع الغربي رحمه الله
تعالى  ( ) . وكان رحمه الله حريصاً على الشهادة وكان يقول : طالماً تعرضت للشهادة فلم أُدْركْ وقال الذهبي : نور الدين الشهيد  ( ) ، وقد رثاه الشعراء بقصائد رائعة من أحسنها ما قاله العماد الأصفهاني :

الدَّين في ظُلم لغيبة نوره
    ??والدهُر في غُمم لفقد أميره

فليندُبِ الإسلامُ حامَي أهله
    ??والشام حافظ ملكه وثغوره

ما أعظم المِقدار في أخطاره
    ??إذ كان هذا الخطب في مقدوره

ما أكثَر المتأسَّفين لفقد من
    ??قرَّت نواظرُهُم بفقد نظيره

ما أغوصَ الإنسانَ في نسيانه
    ??أو ما كفاه الموت في تذكيره

من للمساجد والمدارس بايناً
    ??لله طوعاً عن خُلُوصِ ضَمِيره

من ينصر الإسلام في غزواته
    ??فلقد أصيب بُركنه وظهيره

من للفرنج ومن لأسر ملوكها
    ??من للهُدى يبغي فكاك أسيره

من للخطوب مذلَّلاَ لجماحها
    ??من للزمان مُسهَّلاً لو عوُره

من كاشفٌ للمعاضلات برأيه
    ??من مُشرقٌ في الدَّاجيات بنوره

من للكريم ومن لنعش عِثاره
    ??من لليتيَم ومن لجبر كسيره

من للبلاد ومن لنصر جيوشها
    ??من للجهاد ومن لحفظ أمُوره

من للفتوح محاولاً أبكارها
    ??برواحه في غزوه وبكوره

من للعُلا وعُهودها من للنَّدَى
    ??ووفوده من للحِجا ووفوره

من كنت أحسب نورَ دينِ محمدٍ
    ??يخبو وليلُ الشرك في دَيْجوره

أعزز عليَّ بليث غاب للهُدى
    ??يخلو الشَّرى من زوره وزئيره

أَعْزِز عليَّ بأن أراه مُغيَّبا
    ??عن محفل متشرَّفٍ بحضوره

لهفي على تلك الأنامل إنَّها
    ??مُذغُيَّت غاض النَّدى ببحوره

ولقد أتى من كنت تُجري رسمه
    ??فضع العلامة منك في منشورة

ولقد أتي من كنت تكشف كُرْبَه
    ??فارفع طلامته بنصر عشيرة  ( )

ولقد أتى من كنت تؤمن سِرْبَهُ
    ??وقَّع له بالأمن من محذُوره

ولقد أتى من كنت تُؤثر قُرْبَه
    ??فأَدِم له التَّقْرِيْبَ في تقريره

والجيش قد ركب الغَداَة لَعرْضِهِ
    ??فاركب لتُبصَِرهُ أوان عبوره

أنت الذي أحييت شرع محمد
    ??وقضيت بعد وفاته بنشوره

كم قد أقمت من الشَّريعة مَعْلماً
    ??هو مُنْذ غبتَ مُعَرَّضٌ لدُِثوره

كم قد أمرت بحفر خندق مَعْقِل
    ??حتى سَكَتت اللَّحْدَ في محضوره

كم قيصرٍ للروم رُمْتَ بقسره
    ??إرواء بيض الهند من تاوره  ( )

أُوتيت فتح حصونه وملكت
    ??عَقَر بلاده وسبيتَ أهل قصوره

أَزَهِدْتَ في دار الفناء وأهلها
    ??ورَغبت في الخُلْدِ المقيم وحُوره

أوَمَا وعدت القُدْسَ أنك منُجِزٌ
    ??ميعاده في فتحه وظهوره

فمتى تجير القُدْسَ من دَنسِ العِدَى
    ??وتقِدَّس الرحمن في تطهيره
   
يا حاملين سريره مهلاً فمن
    ??عَجَبِ نهوضكم بحمل ثبيره  ( )

يا عابرين بنعشه أنشقتُمُ
    ??من صالح الأعمال نشر عبيره

نزلت ملائكة السماء لدفنه
    ??مستجمعين على شفير حفيره

ومِنَ الجفاءَ له مقامي بعده
    ??هلاَّ وفيتُ وسرتُ عند مسيره

حَيَّاك مُعْتلُّ الصَّبا بنسيمه
    ??وسقاك مُنْهَلُ الحيا بدروره

ولبسْتَ رضوان المهيمن ساحِباً
    ??أذيال سُندس خزَّه وحريره

وسكنت علَّيَّين في فِرْدَوْسِهِ
    ??حِلفَ المسَرَّة ظافراً بأجوره  ( )


وبعد وفاة نور الدين حمل راية الجهاده تلميذه الذكي وجنديه المخلص صلاح الدين الأيوبي الذي بنى جهاده على ما أسَّسه نور الدين من جهاد المشركين وقام بذلك على أكمل الوجوه وأتمنها، وهذا ما سوف نعرفه بإذن الله تعالى في كتابنا القادم عن عصر الدولة الأيوبية وسيرة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

تم بتوفيق من الله نقل الكتاب بكل حروفه ومضامينه
واتمنى من الله العلى القدير ان ينفعنا بما علمنا

تابعونا مع الكتاب الثالث

 موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)


صلاح الدين الأيوبي

وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس


يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق