إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 يوليو 2014

8 موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي الفصل الأول:الحملات الصليبية التي سبقت قيام الدولة الأيوبية المبحث الثاني : أهم أسباب ودوافع الغزو الصليبي: أولاً : الدافع الديني:


8

موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي

الفصل الأول:الحملات الصليبية التي سبقت قيام الدولة الأيوبية

المبحث الثاني : أهم أسباب ودوافع الغزو الصليبي:

أولاً : الدافع الديني:

كان الدافع الديني من الأسباب الرئيسية التي دفعت بالجموع الصليبية إلى قلب المعركة، فقد كان شعار الحروب الصليبية ومما يظهر أهمية الجانب الديني أنهم قد وضعوا إشارة الصليب على أسلحتهم والأمتعة الخاصة بهم وقصدوا فلسطين بالذات ()، وقد كانت حركة الإحياء الديني قد ظهرت في غرب أوروبا في القرن العاشر الميلادي، وبلغت أشدها في القرن الحادي عشر، قد أدت إلى تقوية مركز البابوية، وإثارة الحماسة الدينية في نفوس الناس، هذه الحماسة استغلتها الكنيسية في متنفس خارجي وعندما ما ظهرت فكرة الحرب الصليبية اتخذت الكنائس الغرب الأوروبي ميداناً واسعاً لاستغلال نشاطه المكبوت وحماسته المنطلقة ()، وكان ذلك باسم تخليص القدس من أيدي المسلمين () ، ومن أشهر من تبنى الدعوة إلى الحروب الصليبية هو البابا "أوربان الثاني" والذي يعتبر المسؤول الأول عن الترويج لحرب المسلمين والتحريض على إرسال الحملة الأولى إلى بلاد الشام وكانت الظروف مهيأة، فسارع إلى عقد اجتماع في مدينة (كليرمنت) في فرنسا واستمر المؤتمر عشرة أيام حضره أكثر من ثلاثمائة من رجال الكنيسة () كما حضره أمراء من مختلف أنحاء أوروبا، ومندوبون عن الإمبراطور البيزنطي، وممثلون عن المدن الإيطالية.. واستطاع البابا أن يثير حماس السامعين في "خطابه" فتجاوب في أرجاء المجتمع هتاف بترديد عبارة " هكذا أراد الله " وبادر الحاضرون إلى اتخاذ الصليب شارة لهم ()، كما أن البابا أشار إلى ما أسماه بالخطر الإسلامي المحدق بأوروبا من جهة القسطنطينية، وأعلن أن النصارى في المشرق يعانون من ظلم المسلمين، وأن الكنائس والأديرة، قد أصابها الدمار، وحث الحاضرين على الانتقام من المسلمين () . والحقيقة إن ما أثاره البابا من تعرض نصارى المشرق إلى اضطهاد هو إدعاء باطل، لا يتفق وروح الإسلام وطبيعة الدعوة إليه، وما أحاط النصارى به، من رعاية وعناية (). وكان من الشعارات التي رفعت في هذه الحرب أن الحجاج من النصارى كانوا يتعرضون للاضطهاد والعدوان وهم في طريقهم إلى بيت المقدس – قبيل الحروب الصليبية وهذا إدعاء باطل كذلك () ، يقول أحد كبار المؤرخين الأوروبيين : إن حالات الاضطهاد الفردية التي تعرض لها المسيحيون في البلدان الإسلامية في الشرق الأدنى بالذات لا يصح أن تتخذ بأي حال سبباً حقيقياً للحركة الصليبية، لأن المسيحيين بوجه عام تمتعوا بقسط وافر من الحرية الدينية وغير الدينية في ظل الحكم الإسلامي، فلم يسمح لهم فقط بالاحتفاظ بكنائسهم القديمة، وإنما سمح لهم أيضاً بتشييد كنائس وأديرة جديدة جمعوا في مكتباتها كتبا دينية متنوعة في الاهوت (). كما أن الإدعاء بتخريب الكنائس وهدم الأديرة أو مصادرتها لم يقم عليه دليل : وإنما هي شائعات دور الدعاية الباطلة بفتح جبهة على المسلمين وأهمية إعطاء دور الإعلامي عنه ربما أدى إليه تصرف بعينه في قرية بعينها، لا يمكن بحال من الأحوال أن يعتبر هو الأصل في معاملة المسلمين للمسيحيين وكنائسهم في البلاد الإسلامية (). ويقرر أكثر من مؤرخ منصف أن النصارى الذين خضعوا لحكم السلاجقة، كانوا أسعد حالاً من إخوانهم الذين عاشوا في قلب الإمبراطورية البيزنطية ذاتها، وما وجد أي دليل على اضطهاد السلاجقة للنصارى في المشرق (). إلا أن صيحات البابا كانت محمومة حاقدة لا تعقل ولا تفكر في العواقب الوخيمة لتصريحاته الرعناء، وإلا ماذا يعنى قوله لأتباعه : اذهبوا وأزعجوا البرابرة، وخلصوا البلاد المقدسة من الكفار، وامتلكوها لأنفسكم، فإنها كما تقول التوراة، تفيض لبناً وعسلاً () . وقد وعد الباب الجموع المشاركين بالحرب، برفع العقوبات عن المذنبين منهم، وبإعفائهم من الضرائب، كما وعدهم برعاية الكنسية لأسرهم مدة غيابهم () ، ولعل ما يدخل ضمن الدافع الديني أيضاً أنه ذاعت في الغرب أخبار الكرامات والمعجزات التي بثتها الكنيسة، وساد الاعتقاد بأن نزول المسيح ثانية إلى الأرض أصبح وشيكاً ولابد من المضي في الاستغفار وعمل الخير، قبل هبوطه، كما ساد تصور مفاده أنه ينبغي استرداد الأرض قبل عودة المسيح ()، وقد أدرك البابا أن فورة الحماس الديني لن تستمر طويلاً، فدعاً إلى القسم بأن تؤدى الصلاة في كنيسة القيامة، وأشاع أن اللعنة (سيف النقمة) ستحل على كل من يستولي عليه الجبن والضعف أو نكص على عقبيه، وهدد بأن يتعرض كل من لا يلبي نداء الكنيسة بالتوجه صوب الديار الإسلامية بالحرمان من الكنيسة () . وهذا من دهائه وقدرته على توظيف العواطف والمشاعر لخدمة مشروعه لقد أثرت الكنيسة لما لها من سلطان على قلوب الناس في غرب أوروبا في تلك العصور على الدعوة لهذه الغزوة، وترتب على دعوة الكنيسة خروج الناس أفواجاً في حملات صليبية ضخمة متلاحقة إلى المشرق الإسلامي ()، ولا ننسى الحقد الصليبي على الإٍسلام وأهله، فقد انتزع من أيديهم أرضاً كانت تحت سلطتهم وحرر منهم عبيداً كان يرزحون تحت وطأتهم واستلب منهم ملكاً كان في قبضتهم، فغلت مراجل الحقد في صدورهم، وتأججت نار العداوة في قلوبهم، وأخذوا يتحينون الفرص ليستردوا ما فقدوا وينتقموا لأنفسهم ممن نكبوهم، ومزقوا مملكتهم () ، وهذا المستشرق المشهور الأميرليون كايتاني (1869م إلى 1926م) الذي بذل معظم أمواله ليؤرخ لحركة الفتح الإسلامي في كتابه المعروف؛ حوليات الإسلام يوضح لنا سر الحقد على الإسلام والمسلمين في مقدمة كتابه حيث يقول: إنه إنما يريد أن يفهم من عمله ذاك سر المصيبة الإسلامية (كانا ستروفيكا إسلاميكا) التي انتزعت من الدين المسيحي ملايين من الأتباع في شتى أنحاء الأرض ما يزالون يدينون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويؤمنون به نبياً ورسولاً ()، قال تعالى " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءَهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير " (البقرة، آية : 120) وقال تعالى " ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " (البقرة، آية : 217).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق