إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 16 يوليو 2014

256 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية المبحث الخامس : فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية : ثامناً : فتوحات صلاح الدين في عهد نور الدين زنكي : 1- جهاد الصليبيين وإخراجهم من بلاد المسلمين :


256

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية

المبحث الخامس : فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية :

ثامناً : فتوحات صلاح الدين في عهد نور الدين زنكي :

1- جهاد الصليبيين وإخراجهم من بلاد المسلمين :

تحقق هدف نورالدين محمود " المرحلي" وهو الوحدة الكاملة بين شمال العراق وبلاد الشام ومصر وبعد سنتين أي في عام 569ه/1174م شملت مملكة نور الدين السودان والحجاز واليمن، فأصبح المشرق الإسلامي كله دولة واحدة تأمر بأمر زعيم واحد ينظر بشوق ولهفة إلى الهدف الاستراتيجي الذي سعى لتحقيقه، منُذ بداية حكمه، وهو تحرير بلاد الشام من الفرنجة المحتلين ( ) ، وقد أصبح هذا الهدف يلوح في الأفق فأمر بصنع منبر فخم للمسجد الأقصى لكي يأخذه معه عندما يتوجه لفتح القدس ( ) ، وكتب إلى صلاح الدين يأمر بالمسير على رأس جيش مصر ليلقاه على قلعة الكرك الفرنجية ( )، سار صلاح الدين كما أمره نور الدين وحاصر قلعة الشوبك "جنوب الكرك " فلم علم نور الدين بذلك خرج من دمشق نحو الجنوب ليلقى صلاح الدين ولكنه تلقى رسالة منه قبل وصوله إليه يبلغه فيها أن الأمور اضطربت بمصر وأنه يخشى استيلاء المعارضين على الأمور فيها، ولابد له من العودة لضبط الأمور وأنه سيعود في العام القادم للجهاد مع نور الدين ( ) ، كان نور الدين مهتماً اهتماماً كبيراً بقلع الكفار من بلاد الشام وعندما وصله شيء من ذخائر قصور الفاطميين، وغرائب المصنوعات من الذهب واللؤلؤ : قال : والله ما كانت بنا حاجة إلى هذا المال ولانسد به خلة الإقلال - فهو صلاح الدين - يعلم أنا ما أنفقنا الذهب في مصر وبنا إلى الذهب فقر .. لكنه يعلم أن ثغور الكفار من بلاد الشام ( ) . أي أنه لا يريد من المال والرجال إلا قلع الكفار من سواحل البلاد ( ) وأما صلاح الدين فقد كان يتفق مع نور الدين في الأهداف الاستراتيجية إلا أنه خاف من اضطراب مصر، فكان يهمه ترتيب شؤون مصر أولاً وصرف همه لهذا، ولذلك اضطر للرجوع ويبدو أن نور الدين فكر بدخول مصر بجيوشه والألتفاف على الصليبيين منها بقيادته وأحس صلاح الدين بنية نور الدين فجمع أهله في مصر وكان من بينهم أبوه نجم الدين وخاله شهاب الدين الحارمي ( ) ، وبعض قادة الجيش وشاورهم فيما سمعه عن نية نور الدين التوجه لمصر وعزله عنها، فأشار عليه أحد أبناء إخوته ويدعى عمر بأن يتم الاستعداد لمقاتلة نور الدين إذا حضر لمصر، ووافقه بعض الحاضرين على رأيه، فبادر نجم الدين والد صلاح إلى زجِرهم واستنكار قولهم وقال لصلاح الدين : أنا أبوك وهذا خالك شهاب الدين ونحن أكثر محبة لك من جميع من ترى، ووالله لو رأيت أنا وخالك هذا نور الدين لم يمكننا إلا أن نقبل الأرض بين يديه، ولو أمرنا أن نضرب عنقك بالسيف لفعلنا، فإذا كنا نحن هكذا، فما ظنك بغيرنا، وكل من تراه عندك من الأمراء لو رأوا نور الدين وحده لم يتجاسروا على الثبات على سروجهم، وهذه البلاد له، ونحن مماليكه ونوابه فيها، فإن أراد عزلك سمعنا وأطعنا والرأي أن تكتب كتاباً مع نجاب تقول فيه : " بلغني أنك تريد الحركة لأجل البلاد فأي حاجة إلى هذا، يرسل المولى نجاباً يضع في رقبتي منديلاً ويأخذني إليك، وماها هنا من يمتنع عليك ( ) وقال للجماعة كلهم : قومُوا عنا، فنحن مماليك نور الدين وعبيده، ويفعل بنا ما يريد، فتفرقوا على هذا، وكتب أكثرهم إلى نور الدين بالخبر ( ) ، ولما خلا نجم الدين أيوب بابنه صلاح الدين قال له : أنت جاهل قليل المعرفة، تجمع هذا الجمع الكثير، وتطلعهم على ما في نفسك، فإذا سمع نور الدين أنك عازم على منعه من البلاد جعلك أهمَّ الأمور إليه وأولاها بالقصد، ولو قصدك لم تَر معك من هذا العسكر أحداً، وكانوا أسلموك إليه وأما الآن بعد هذا المجلس، فسيكتبون إليه ويعَّرفونه قولي وتكتب أنت إليه وترسل في هذا المعنى وتقول : أي حاجة إلى قصدي ؟ يجيء نجاب يأخذني بحبل يضعه في عنقي، فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك، واشتغل بما هو أهمّ عنده ( ) وكان نجم الدين أيوب شديد الحب والولاء والطاعة لنور الدين رحمه الله تعالى - الأمر هكذا عدل عن قصده، وكان الأمر كما قال نجم الدين ( ) . وفي بداية عام 568ه/1173م وبعد عودة نور الدين من أذربيجان وأرمينية، تسلم منشوراً من الخليفة بالموصل والجزيرة وإربل وخلاط والشام وبلاد قلج أرسلان وديار مصر وفي شهر شوال من نفس العام خرج صلاح الدين بجيشه إلى الكرك وحاصرها وأعلم نور الدين بخروجه تنفيذاً لما تّم الاتفاق عليه في العام السابق، فخرج نور الدين دمشق بدوره ليلقاه فلما وصل إلى الرقيم (في وسط الأردن) تلقى رسالة من صلاح الدين يبلغه فيها أن والده بمصر مريض، ويخشى عليه الموت فيستغل المصريون الفرصة ويستولوا على البلاد ويمتنعوا فيها وأنه مضطر للرحيل إلى مصر ( ). وعندما علم نور الدين بذلك قال : إن حفظ مصر أهم عندنا من غيره ( ) ثم لم تلبث أن جاءت الحوادث مصدقة لمخاوف صلاح الدين فقامت عليه ثورة كبيرة بقيادة مؤتمن الخلافة جوهر، كما قامت بعدها مؤامرة ضخمة شارك فيها عمارة اليمني وبقية أنصار المذهب الشيعي الرافضي وقد بينت ذلك فيما مضى وفي عام 568ه شن نور الدين الغارات على الصليبين وكان العماد الأصفهاني راكباً مع الملك العادل وهو يقول له كيف تصف ما جرى ؟ فمدحه بقصيدة : وكان ذلك في دفاع نور الدين عن حوران فقال :

 عُقِدت بنصرك راية الإيمان
    ??وبَدَت لِعَصْرِكَ آية الإحسان

يا غالب الغُلْبِ الملوك وصائد
    ??الصيد اللُّيوث وفارس الفُرسان

يا سالبَ التَّيجان من أربابها
    ??حُزت الفخار على ذوي التَّيجان

محمود المحمود ما بين الورى
    ??في كلَّ إقليم بكلَّ لسان

يا واحداً في الفضل غير مُشَارَكٍ
    ??أقسمت مالك في البسيطة ثان

أحلى أمانيك الجهاد وإنّه
    ??لك مؤذِنٌ أبداً بكلَّ أمان

كم بكر فتح ولَّدته ظُباك من
    ??حرْبٍ لقمع المشركين عَوَان

كم وقعةٍ لك بالفرنج حديثها
    ??قد سار في الآفاق والبلدان

قَمَّصت قُومَصهُم رداء من ردّى
    ??وقرنت رأس برنسهم بسنان

وملكت رِقَّ ملوكهم وتركتهم
    ??بالذُّل في الأقياد والأسجان

وجعلت في أعناقهم أغلالهم
    ??وسحبتهم هوناً على الأَذقان

إذ في السوابغ تُحطمُ السُّمُر القنا
    ??والبيض تُخضبُ بالنَّجيع القاني

وعلى غِنَاءِ المشرفيَّة في الطُّلى
    ??والهام رَقصُ عواليَ المُرَّان

وكأن بين النَّقع لَمْعَ حديدها
    ??نارٌ تألَّفُ من خلال دُخان

في مأزق وردُ الوريد مُكَفَّلُ
    ??فيه برِيَّ الصَّارم الظمان

غطّى العجاج به نجوم سمائه
    ??لتنوب عنها أنجٌم الخُرصان

أو ماكَفاهم ذاك حتى عاودوا
    ??طُرُق الضَّلال ومركب الطُّغيان

ومنها :

وجلوت نور الدين ظُلمةَ كُفرهم
    ??لمَّا أَتيت بواضح البُرهان

وهزمتهم بالرَّأي قبل لقائهم
    ??والرأي قبل شجاعة الشُّجعان

أصبحت للإسلام ركناً ثابتاً
    ??والكفُرُ منك مضعضع الأركان

قَوَّصت أساس الضَّلاَل بعزمك
    ??الماضي وشِدت مباني الإيمان

قل أين مثلُك في الملوك مجاهدٌ
    ??لله في سَّر وفي إعلان

لم تَلْقَهم ثقة بقوة شوكة
    ??لكن وَثِقت بنصرة الرّحمان

وبلغت بالتَّأييد أقصى مَبْلَغَ
    ??ما كان في وُسع ولا إمكان

دانت لك الدُّنيا فقاصيها إذا
    ??حقَّقته لنفاذ أمرك داني

فمن العراق إلى الشّاَم إلى ذُرا
    ??مصر إلى قُوص إلى أُسوان

لم تَلْهُ عن باقي البلاد وإنما
    ??ألهاك فرض الغزو عن هَمَذان

للرُّوم والإفرنج منك مصائب
    ??بالترك والأكراد والعربان

أذعنت لله المهيمن إذ عنت
    ??لك أوجه الأملاك بالإذعان

أنت الذي دون الملوكِ وجدته
    ??ملآن من عُرْفٍ ومن عِرفان

في بأس عمرو في بسالة حيدر
    ??في نطق قُسَّى في تُقَى سلمان

سِرٌ لو أنَّ الوحي يَنْزل أنُزلت
    ??في شأنها سُوَرٌ من القرآن

فاسلم طويلَ العُمرْ ممتدَّ المدى
    ??صافي الحياة مُخَلَّدَ السُّلطان( )




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق