إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 9 يوليو 2014

75 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية : المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين: رابعاً :مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود: 4- هجرة العلماء إلى دولة نور الدين محمود :


75

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :

المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين:

رابعاً :مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود:

4- هجرة العلماء إلى دولة نور الدين محمود :

شهدت بلاد الشام في عصر نور الدين نشاطاً عالمياً لم تشهد له مثيلاً من قبل إلا لماماً، وتدفق العلماء على حواضر الدولة وبخاصة حلب ودمشق من أطراف الأرض، وقصدوا الرجل من البلاد الشاسعة ( ) حتى أن بلاد الشام كانت، كما يصفها أبو شامة : خالية من العلم وأهله، وفي زمانه صارت مقراً للعلماء والفقهاء والصوفية ( )، فالدولة التي تهييء الأرضية الأكثر صلاحية للعطاء العلمي، وتمنح المال الأكثر للبحث والدراسة والتفرغ، وتنشيء المؤسسات اللازمة لإبداع العلماء والباحثين – هي التي تستقطب العقول الكبيرة في كل زمان ومكان، ولقد أدرك نور الدين أهمية هذه الهجرة العلمية فعمل بنفسه على توسيع نطاقها وراح يكاتب العلماء من شتى البلاد البعيدة والقريبة، ويستقدمهم إليه ويبالغ في إكرامهم والإحسان إليهم ( ) ،
وقد استقدم – على سبيل المثال.

أ- برهان الدين أبو الحسن علي بن محمد البلخي (548ه/1153م) وهو من علماء الاحناف، فقد استقدم من دمشق، حال استكمال بناء المدرسة الحلاّوية وفي حلب لغرض التدريس فيها، وكان قد تفقه فيما وراء النهر، وبغداد، والحجاز، ثم قدم دمشق عام 519ه وجلس للوعظ وكان يتميز بصدق كلماته فلقيت قبولاً حسناً في قلوب الناس، وكان حسن الاعتقاد زاهداً في الدنيا، وقفت عليه الأوقاف الكثيرة، وكثرت الأعطيات فلم يلتفت إليها ( ) ، وقد قام برهان الدين البلخي بدور كبير في مساعدة نور الدين في القضاء على مظاهر التشيع بحلب ( ).

ب- الفقيه أبو العباس السلفي : فقد قام برهان الدين البلخي إثر توليه الحلاوية، باستدعاء الفقيه برهان أبا لعباس أحمد السلفي – من دمشق أيضاً – ليكون نائباً عنه فيها فاعتذر عن القدوم فسّير إليه برهان الدين كتاباً ثانياً يستدعيه فيه ويشدد عليه في الطلب، فقدم الرجل ولم يزل نائياً عن برهان الدين في المدرسة المذكورة حتى وفاته، حيث حزن عليه برهان الدين حزناً شديداً ولم يزل – الأخير – مدرساً هناك إلى أن غادر حلب إلى دمشق بسبب خلاف وقع بينه وبين ابن الداية نائب حلب، وما يلبث أن يتوفى عام 548ه. وحل محله في التدريس عبد الرحمن ابن محمود بن محمد الغزنوي حتى وفاته سنة 564ه ( ) ، تم تعاقب عليها المدرسون القادمون من جهات شتى ( ) .

ج- عالي بن إبراهيم الحنفي الغزنوي : تعاقب على المدرسة الحلاّوية مدرسون من جهات شتى وكان من بينهم رضي الدين محمد بن محمد السرخسي صاحب كتاب (المحيط) وكان في لسانه لكنه غير عربية، فكتب نور الدين إلى عالي بن إبراهيم الحنفي الغزنوي البلقي، وكان في الموصل، يطلب منه الوصول إلى حلب ليوليه التدريس في المدرسة المذكورة وعين في المدرسة الحلاّوية حتى وفاته عام 581ه أو 582ه بينما أقّر علاء الدين على التدريس في الحلاوية وظل هناك يمارس مهمته التدريسية حتى وفاته عام 587ه أي بعد ثمانية عشر عاماً وقد وصفه ابن شداد بأنه : كان من ذوي التحصيل والتصانيف  البديعة في أحكام الشريعة والكتب التي سارت في الآفاق ذكرها ( ) تفقه في بلاد المشرق على محمد بن أحمد السمرقندي وقرأ عليه معظم تصانيفه فزوجه شيخه بابنته فاطمة، الفقيهة العالمة، وقد برع علاء الدين في علمي الأصول والفروع وصنف كتاب البدائع في شرح (التحفة) التي ألفها شيخه ( ) . وكانت زوجته فاطمة على قدر كبير من العلم والتقوى، تفقهت على أبيها وحفظت مصنفه التحفة وكانت تنقل المذهب نقلاً جيداً وكان زوجها ربما يهمّ بالفتوى فترده إلى الصواب وتعرفه وجهة الخطأ فيرجع إلى قولها وكانت تمارس الإفتاء وكان زوجها يحترمها ويكرمها، وكانت الفتوى تخرج بخطها وخط أبيها وزوجها وهي التي سنّت تقديم طعام الإفطار في رمضان لفقهاء المدرسة الحلاوية في حلب ( ) .

د- الإمام شرف الدين ابن أبي عصورن : وعندما تم استكمال المدرسة العصرونية في حلب عام550ه استدعى لها نور الدين من إحدى نواحي سنجار – غربي الموصل – الشيخ الإمام شرف الدين ابن أبي عصرون الذي كان – بحق – من أعيان فقهاء عصره وأراد نور الدين الإفادة من كفاءة الرجل إلى المدى الأقصى فبنى له مدارس عدة في منبج وحماة وحمص وبعلبك ودمشق وفوضّه أن يولي التدريس فيها من يشاء ولم يزل ابن أبي عصرون يتولى أمر مدرسته في حلب إدارة وتدريساً إلى أن غادر حلب إلى دمشق سنة 570ه ( ).

ه- قطب الدين مسعود النيسابوري :

وفي عام 544ه تم بناء المدرسة النفرية في حلب لتدريس المذهب الشافعي، واستدعى للتدريس فيها الفقيه المشهور قطب الدين مسعود النيسابوري مصنف كتاب (الهادي) في الفقه ( ) وكان النيسابوري قد بدأ ممارسة نشاطه العلمي في نيسابور ومرو، وسمع الحديث على عدد من الشيوخ وقرأ القرآن والأدب على والده، والتقى بأبي نصر القشيري ودرّس بالنظامية في نيسابور نيابة عن ابن الجويني، ثم سافر إلى بغداد حيث مارس الوعظ والكلام في المسائل، فلقي هناك قبولاً حسناً، وغادرها إلى دمشق عام 540ه فدّرس في مدارسها ووعظ في مساجدها فأقبل الناس عليه، ومن هناك استدعي إلى حلب للتدريس في المدرسة المذكورة وكان من العلم والدين والصلاح والورع بمكان كبير ( ) . ووصفه العماد الأصفهاني بأنه : فقيه عصره ونسيج وحده ( )، وقد أرسله نور الدين ثانية إلى دمشق سنة 568ه لاستئناف نشاطه التدريسي هناك، فدرّس في زاوية الشافعية بمدرسة الجاروخ شمالي الجامع الأموي واجتمعت طلبة العلم عليه ومن أجل الإفادة من فقهه قرر نور الدين بناء مدرسة كبيرة للشافعية يتولى الرجل التدريس فيها، وقد شرع بالبناء فعلاً، لكن الأجل أدركه قبل استمكال عمارتها ( )، وتوفي النيسابوري بعده بحوالي عشر سنين 578ه ( ) .

و- سعيد بن سهل أبو المظفر المعروف الفلكي النيسابوري : المتوفي سنة 560ه والذي درس الحديث وأقام في خوارزم وزيراً لأميرها ورحل إلى بغداد مراراً وحّدث بها عند جماعة من الشيوخ، ثم سافر إلى دمشق في طريقه لزيارة القدس فقدم في أيام نور الدين الذي أكرم وفادته ولما طلب النيسابوري العودة إلى بلاده لم يسمح له نور الدين وأمسك به وأنزله الخانقاه والسميساطية وجعله شيخها فأقام بها حتى وفاته. وقد روى عنه المحدث الشهير أبو القاسم بن عساكره ( ) ويذكر المؤرخ البغدادي ابن الجوزي كيف أن نور الدين (كاتبه مراراً ) ( ) .

ز- الأديب المؤرخ الشاعر العماد الأصفهاني : وفي قمة هؤلاء يقف الأديب الشاعر المؤرخ العماد الأصفهاني الذي قدم إلى دمشق عام 562ه وقد قدّمه كمال الدين الشهرزوري قاضي القضاة لنوِر الدين فاعتمده الأخير في عديد من المهام الإدارية والسياسية والإنشائية فضلاً عن الإفادة من قدراته العلمية والتدريسية حيث ولي المدرسة النورية التي سميت – بعدئذ – بالمدرسة العمادية نسبة إليه وليس ثمة من لا يعرف معطيات العماد المتنوعة الخصبة في حقول التاريخ والأدب والشعر والتي تم انجاز الكثير منها في عصر نور الدين نفسه : الخريدة، البرق الشامي، تاريخ دولة آل سلجوق، زبدة النصرة، الفيح القسي، ثم معطياته الشعرية التي لاتقل جمالاً وإبداعاً عن شعر أيّ من معاصريه الكبار كابن القيسراني وابن منير ( ).

ح- الحسن بن أبي الحسن صافي مولى الأرموي البغددي، ملك النحاة كما يسميه سبط بن الجوزي ولد ببغداد سنة 489ه وقرأ النحو وأصول الفقه على عدد من الأساتذة ثم دخل الشام واستوطن دمشق وله ديوان شعر جيد ومدائح في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وكان يضم يده على المائة والمائتين ويمسي وهو صفر اليدين وقد عاش في ظل نور الدين إلى أن مات وكان يكتب إليه ( ) .

ط- أبو الفتح بن أبي الحسن الأشتري الفقيه : كان معيداً بالنظامية سافر إلى دمشق وجمع لنور الدين سيرة مختصرة، أفاد منها عدد من المؤرخين وبخاصة أبي شامة في كتابه " الروضتين " ( ).

ي- أبو عثمان المنتخب بن أبي محمد البحتري الواسطي الواعظ ... ورد أربل ووعظ بها، وكان له قبول عظيم لدى الناس وسافر إلى نور الدين في الشام طلباً للجهاد وأنفذ له الأخير جملة من المال، لم يقبلها وردّها عليه ( ).

ك- شيخ الشيوخ عماد الدين أبو الفتح محمد بن علي بن حموية : وفد إلى الشام عام 563ه وكان كبير الشأن في ميدان التصوف لم يكن له فيه يومذاك مساوٍ فأقبل عليه نور الدين ورغبّه في المقام بالشام، وأحسن إليه، وأمر بإصدار منشور يعيّن الرجل بموجبه في مشيخة صوفية الشام ( ) وغير ذلك من العلماء والفقهاء الذين استقدمتهم الدولة أو جذبتهم الظروف المشجعة في دولة نور الدين والذين تدفقوا على حواضرها وملأوا نشاطهم العلمي والأدبي مؤسساتها التعليمية، وإداراتها كذلك حتى صارت بلاد الشام في عصره مهجراً لكبار عقول الأمة



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق