73
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :
المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين:
رابعاً :مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود:
2- البذل والعطاء للعلماء :
لم يقف نور الدين في تعامله مع العلماء عند حدود التشجيع الأدبي والعلاقة الودية، والكلمة الطيبة ولكنه تجاوز هذا – على أهميته – إلى البذل والعطاء، فكان يمنحهم بسخاء مقدراً أن هذه الفئة الممتازة يجب أن تظل عزيزة الجانب وألآ تلجئها الضرورات القاسية إلى أن تنزل درجات إلى أسفل فتحني رأسها وتلوي فكرها أو تتملق وتداهن وتغش وتكذب طلباً للأجر وسداً للحاجة، ويدرك في الوقت نفسه كم هي عظمة الجهود التي يبذلها هؤلاء الرجال ( ).
إن أمة تريد من علمائها أن يعطوها ثمار قرائحهم صافية خالصة عليها ألا تبخل عليهم بما يسدّ حاجتهم الضرورية ويفيض عليها لكي لا تشدّهم إلى أسفل، ولكي تظل رؤوسهم مرفوعة إلى فوق، فلا يشغلهم شيء في بحثهم عن الحقيقة، ولا تتدلى بهم حاجة عن المواقع التي بلغوها بعلمَّهم، كان نور الدين إذا أعطى أحداً منهم الشيء الكثير يقول : هؤلاء جند الله وبدعائهم ننتصر على الأعداء ولهم في بيت المال أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنّة علينا ( )، ولم يبخل عليهم بتخصيص أوقاف ضخمة على المدارس وعلمائها حتى تحفظ لهم حياة كريمة.
وقد وسع نور الدين نطاق (الخدمات العلمية) للدولة ومنح الضمانات الكافية للمدرسين والدارسين على السواء، ومكنّ العلماء بما خصصه لهم من أعطيات، من أن يتفرغوا لمهامهم العلمية ( )، وهذا المنهج من هدي عمر بن عبد العزيز، فقد وضع قانون التفرغ للعلماء والدعاة والمفكرين، كي تتيح لهم التفرغ الكامل لإنجاز مشاريع فكرية دعوية التي يعكفون عليها باختيار أو بتوجيه من الدولة فأجرى الأرزاق على العلماء، ورتب لهم الرواتب ليتفرغوا لنشر العلم ويكفوا مؤونة الاكتساب ( ) ، وهذا الفعل من نور الدين محمود وعمر بن عبد العزيز من أسباب التمكين المادية، فالأعمال العظيمة تحتاج إلى أوقات كبيرة وجهود ضخمة وهمم عالية، ولذلك تضطر الأمة الواعية إلى مبدأ التفرغ مع التنوع والتكامل حتى تسد كل الثغرات التي تحتاجها ولا يقع تركيز على جانب فيتضخم بينما تهمل جوانب الأخرى ولابد من توفير المال اللازم لهذه المشاريع لأنها من أعظم القربات إلى الله – تعالى – كما يجوز أخذ مال الزكاة أو الصدقة أو الوقف أو الوصية أو الهبة أو الهدية لسد هذه الثغرات المهمة، كما ينبغي توفير كل ما يحتاجه المتفرغ وذويه من الأجر الكافي حتى يتفرغ للعطاء والبذل مع مراعاة عدم الإسراف والبذخ، ولا بد من الخوف من الله تعالى عند اختيار المتفرغ بحيث يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون محابة لعمرو أو زيد ( ) ، قال تعالى : " إن خير من استئجرت القوى الأمين " (القصص : 26).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق