إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 9 يوليو 2014

72 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية : المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين: رابعاً :مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود:


72

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :

المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين:

رابعاً :مكانة العلماء في دولة نور الدين محمود:

فهم نور الدين محمود زنكي أن من أسباب النهوض وجود القيادة الربانية، فهي التي تستطيع أن تنتقل بفضل الله وتوفيقه بالأمة نحو أهدافها المرسومة بخطوات ثابتة وكان على قناعة تامة بأهمية وجود العلماء الربانيين على رأس القيادة الربانية فهم قلب القيادة الربانية وعقلها المفكر فنور الدين زنكي يعرف أن تحرير الأرض وتوحيدها ليس عملاً سياسياً أو عسكرياً فحسب، بل أنه أوسع بذلك بكثير، إنه مواجهة المذهب الشيعي الرافضي الباطني والذي كان بالفعل خطراً داخلياً يهدد عقيدة الأمة وسلامة دينها والصراع الحضاري مع الغرب الأوروبي النصراني، أي بين أمة وأمة وإنه بدون تأصيل (الذات العقائدية) للأمة المسلمة فلن تكون انتصاراتهم على الخصم سوى أعمالاً جزئية موقوته معرضة دوماً للمد والجزر وللتغيير والتبّدل كما كان يحدث دائماً وما يقتضيه " الموقف " هذا، ليس مجرد انتصار خارجي في معركة أو استرداد حصن.. إنما بناء أمة مقاتلة تعرف كيف تحمي وجودها العقائدي وتحفظ حدود شخصيتها الحضارية من أن تتفتت وتضيع وحينذاك سوف يتحول كل عنصر عسكري أو كسب سياسي إلى إنجاز بنائي يزيد المجتمع المقاتل قوة وأصالة وتماسكاً لا مجرد تكديس شيء لا يشده الرباط تكديس كمي يثبت للضربة والضربتين ولكنه الثالثة أو الرابعة ينهار فتذهب مع انهياره هدراً جهود السنين الطوال وعرقها ودماوها ( ) .

فالنشاط العلمي في عصر نور الدين لم يكن أبداً ترفاً فكرياً، ولا إفرازاً تقليدياً لأجهزة الدولة، لكنه "تصميم" هادف يسعى إلى عملية "التأصيل العقائدي" من خلال نشاط ثقافي وتربوي واسع النطاق يرتبط به الفكر بالسلوك، والعلم بالعمل، وتزول حواجز الفصل والإزدواج، وتنمحي الثنائيات، ويبرز إلى حيزّ التاريخ "الإنسان" المتوازن الذي أراده الإسلام، (والجماعة) المؤمنة التي دعا إليها كتاب الله وسنة رسوله ( ) وهذا الإنسان المتوازن لا بد أن يشرف على إخراجه قيادة ربانية على رأسها العلماء الربانيين، وقد كان نور الدين نفسه عالماً قبل أن يكون حاكماً وكان هذا نقطة البدء وحجر الزاوية ( ) فقد كان يعشق العلم ويسعى وهو في قمة السلطة إلى التشبه بالعلماء والصالحين والاقتداء بسيرة من سلف منهم ( )، وكان العلماء عنده في المنزلة الأولى والمحلّ العظيم ( )، يحضرهم إلى مجلسه، فيدينهم ويتواضع لهم، وإذا أقبل أحدهم إليه يقوم له مذ تقع عينه عليه، ويجلسه معه ويقبل عليه بكليته تعظيماً وتوقيراً واحتراماً ( ) ، وكان مجلسه ندوة كبيرة يجتمع إليها العلماء والفقهاء للبحث والنظر ( ) وكان نور الدين عارفاً بمذهب أبي حنيفة، ملتزماً به، من غير تعصب منه ولا تحيّز فالمذاهب عنده – كما أجمع المؤرخون – كلها سواء والإنصاف سجيته في كل شيء ( )، سمع الحديث حتى حصل على الإجازة العلمية التي تتيح له أن يسمعه للآخرين .. ولقد مارس مهمة التحديث هذه رغم كثافة عمله السياسي والعسكري، محاولة في تعزيز مكانة (السنّة) ونشرها بالحفظ والأداء والتحديث ( )، كما ألف كتاباً في الجهاد ( ) ، وأوقف كتباً كثيرة في مدارسه، وكان حسن الخط كثير المطالعة للكتب الفقهية متميزاً بعقله المتين ورأيه الثاقب الرزين ( ) ، ولا شك أن هذا التوجه العلمي عند نور الدين اثر على سياسته التعليمية والتربوية التي شهدتها دولته ( ).

إن أمة يسوسها العلماء والمتخصصون يمكن أن تينع وتزهو فيها شجرة المعرفة، ويوم نرى هذه الشجرة تذبل وتذوى وتنفض عنها أوراقها الصفراء، فلنا أن نحكم بأن هنالك في القمة حفنة من الجهلاء.

إن جهود نور الدين محمود في دعم العلماء واحترامهم وفتح مؤسسات الدولة للاستفادة منهم تذكرنا بمنهج عمر بن عبد العزيز، فيمكن أن نطلق على دولة عمر بن عبد العزيز، دولة العلماء، كما أن في دولة نور الدين مكانة للعلماء غير مسبوقة بالنسبة لمن سبقه من السلاجقة أو الحكام الذين حوله.

1- تقديمه للعلماء على الأمراء :

كان أمراء نور الدين يحسدون العلماء والفقهاء على مكانتهم عنده فكان إذا أعطى أحداً منهم شيئاً مستكثراً يقول لأصحابه : هؤلاء جند الله وبدعائهم ننتصر على الأعداء ولهم في بيت المال حق أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا ( ). وكان هؤلاء الأمراء يحاولون أحياناً الإيقاع برجال الدين والعلماء عند نور الدين، ينهاهم وإذا نقلوا عن إنسان عيباً يدافع عنه ويقول لهم من المعصوم ؟ ويكفينا هنا أن نذكر رده على بعض أكابر الأمراء عندما حاول النيل من الفقيه قطب الدين النيسابوري ( )، عنده وكان نور الدين قد استقدمه من خراسان وبالغ في إكرامه والإحسان إليه فقال نور الدين له : يا هذا إن ما تقوله فله حسنة تغفر له كل زله تذكرها وهي العلم والدين، وأما أنت وأصحابك ففيك أضعاف ما ذكرت وليست لكم حسنة تغفرها لو عقلت لشغلك عيبك عن غيرك وأنا أحتمل سيئاتكم مع عدم حسناتكم، أفلا أحتمل سيئة هذا – إن صحت – مع وجود حسناته ؟ على أنني والله لا أصدقك فيما تقول، وإن عدت ذكره أو غيره بسوء لأوذينَّك، فكف عنه ( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق