43
دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الثاني
نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي
المبحث الأول : صفات وزير الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي :
ثانياً : صفات الوزير السلجوقي :
حدد سلاطين السلاجقة بعض الصفات الواجب توفرها في الوزير ومن هذه الصفات :
1-محبة العلم والعلماء : أن يكون محباً للعلم والعلماء وفاضلاً وكريماً، فقد عرف عن الوزير نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق الطوسي حبه للعلم والعلماء وهذا واضح من خلال إنشائه العديد من المدارس .
2-سداد الرأي : ويجب أن تتوفر في الوزير صفة سداد الرأي فالوزير عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري، وزير السلطان طغرل بك عرف بسداد الرأي ووفور العقل .
3-العدل : أن يكون الوزير عادلاً بعيداً عن ظلم الرعية فالوزير نظام الملك أبو علي الحسن بن إسحاق الطوسي كان رجلاً عادلاً منصفاً، حافظاً، لرعيته، فيقال عنه : إذا اجتاز بضيعة فأفسدها العسكر غرم لصاحبها فيه ما أفسدوا ، وفي سنة 533ه نال الوزير كمال الدين محمد بن علي الخازن الرازي وزارة السلطان مسعود، فأخذ يعمل على نشر العدل وإزالة الظلم .
4-الصلاح والفقه : يجب أن يكون الوزير صالحاً فقيهاً وسمع الحديث وقرأ القرآن وشجع علماء الدين، فالوزير نظام الملك أبو علي الحسن بن إسحاق الطوسي، اشتغل بالحديث والفقة، وكان يحب علماء الدين والفقهاء ويجزل صلاتهم، وينفق عليهم أموالاً ، كما سمع الحديث وتفقه على مذهب الشافعية وقرأ القرآن واشتغل بالعلم .
5-إجادت اللغتين العربية والفارسية :فيجب أن يكون الوزير أديباً بليغاً وكاتباً ناجحاً وشاعراً يجيد اللغتين العربية والفارسية بفصاحة فالوزير محمد بن منصور عميد الملك الكندري وزير السلطان طغرل بك كان مترجماً بارعاً ، وكاتباً يجمع في العربية والفارسية بين الفصاحتين .وكان أديباً وشاعراً ناجحاً ومن شعره :
إذا كان بالناس مزاحمتي
فالموت قد وسع الدنيا على الناس
قضيت والشامت المغرور يتبعني
إن المينة كأس كلنا حاسي
6-الكفاية : لا بد أن تتوفر في الوزير صفة الكفاية، فالوزير سعد الملك أبي المحاسن سعد بن محمد الآبيّ الذي استوزر للسلطان محمد بن ملكشاه، عرف بسداد الرأي ووفور العقل والكفاية العالية، فقد استطاع هذا الوزير من جمع العساكر على الطاعة السلطانية، وبذلك استطاع أن يزيل الخلافات والفتن في دولة السلاجقة .
7-تدبير البلاد والجيوش : ويجب أن يمتاز الوزير بحسن تدبيره للبلاد والجيوش، فقد كان الوزير نظام الملك أبي علي الحسن الطوسي عارفاً بأمور البلاد، وناجحاً في تدبيرها . وكان يهتم بأمور الجيش وتفريقهم وبحفظ البلاد، فلما عاد ملك شاه من محاربة عمه قاورد تطاول جند السلطان قائلين : أنا قد طفرنا بهذا الفتح وهزمنا جيشاً جراراً فنريد زيادة أرزاقنا وإذا لم يزدد أرزاقنا وقطائعنا فسوف ندعو بالسعادة إلى قاورد إلا أن الوزير نظام الملك أبا علي الطوسي استطاع أن يخمد غضب الجند ويجددوا ولاء الطاعة للسلطان .
8-الشهامة والصبر : فهناك بعض الصفات التي لا بد أن تتوفر في الوزير السلجوقي مثل الشهامة والصبر، فقد عرف الوزير عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري بشهامته وكرمه . أبو علي الحسن الطوسي فقد عرف عنه ثباته وصبره وخاصة في الأزمات التي مرت بها الدولة السلجوقية والأزمات التي مّر بها الوزير شخصياً، فكان شهماً ، وكان الوزير نظام الملك محبوباً لدى الناس، وكان شديد الاحترام والنفوذ في مملكة السلطان ملكشاه .
ومن الجدير بالذكر أن سلاطين السلاجقة كانوا حريصين في اختيار وزراءهم وحددّوا بعض الصفات التي تتوافر في الوزير، لأن أغلب سلاطين السلاجقة كانوا جاهلين بالعلوم والمعارف واللغة والفقه وبطبيعة المؤسسات الإدارية وفي كيفية إدارة أمور البلاد، فأوكلوا هذه المهام لوزراءهم لتمشية المهام السياسية والإدارية والمالية، بينما بقيت أمور الجيش والحرب بأيدي السلاطين لأنه بطبيعتهم هم رجال حرب ، وعلى الرغم من ذلك فإن سلاطين السلاجقة قاموا باختيار بعض الوزارء الذين لم تتوفر فيها صفات الوزير الجيد، وإنما كان اختيارهم بدافع حصول السلاطين على الأموال، وبحكم الظروف العصيبة والصراع الذي دار بين الأسرة السلجوقية حول كرسي السلطنة .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق