إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

28 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الخامس :وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله : رابعاً :نظام الملك :


28

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الخامس :وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله :

رابعاً :نظام الملك :

قال عنه الذهبي : الوزير الكبير، نظام الملك، قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، عاقل، سائس، خبير سعيد متدين، محتشم، عامر المجلس بالقّراء والفقهاء، وإنشاء المدرسة الكبرى ببغداد وأخرى بنيسابور، وأخرى بطوس، ورغب في العلم وأدّر على الطلبة الصلات، وأملى الحديث، وبعد صيته   تنقلت به الأحوال إلى أن وزر للسلطان ألب أرسلان، ثم لابنه ملكشاه، فدبر ممالكه على أتم ما ينبغي، وخفف المظالم، ورفق بالرعايا، وبنى الوقوف، وهاجرت الكبار إلى جانبه  ، وأشار إلى ملكشاه بتعيين القواد والأمراء الذين فيهم خلق ودين وشجاعة وظهرت آثار تلك السياسة فيما بعد، ومن هؤلاء القواد الذين وقع عليهم الاختيار آق سنقر جد نور الدين محمود، الذي ولي على حلب وديار بكر، والجزيرة، قال عنه ابن كثير : من أحسن الملوك سيرة وأجودهم سريرة  ، وقام ولده عماد الدين زنكي ببداية الجهاد ضد الصليبيين، ثم قام من بعده نور الدين محمود، هذه الأسرة هي التي وضعت الأساس لانتصارات صلاح الدين والظاهر بيبرس وقلاوون ضد الصليبيين، وافتتحت عهد التوحيد والوحدة في العالم الإسلامي  ، وكذلك كان آق سنقر البرسقي من قواد السلطان محمود السلجوقي، وكان أميراً للموصل، واشتغل بجهاد الصليبيين، وفي سنة 520ه قتله الباطنيون، وهو يصلي في الجامع الكبير في الموصل قال عنه ابن الأثير : وكان مملوكاً تركياً خيراً، يحب أهل العلم والصالحين ويرى العدل ويفعله، وكان خير الولاء، يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجداً  .

ويحدثنا المؤرخ أبو شامة من آثار السلاجقة لا سيما في زمن نظام الملك : فلما ملك السلجوقية جددوا من هيبة الخلافة ما كان قد درس لاسيما في وزارة نظام الملك، فإنه أعاد الناموس والهيبة إلى أحسن حالاتها .

1-ضبطه لأمور الدولة :

لما تولى ملكشاه أمور الدولة انفلت أمر العسكر وبسطوا أيديهم في أموال الناس وقالوا ما يمنع السلطان أن يعطينا الأموال إلا نظام الملك، وتعرض الناس لأذى شديد، فذكر ذلك نظام الملك للسلطان، وبين له ما في هذا الفعل من الضعف، وسقوط الهيبة والوهن ودمار البلاد، وذهاب السياسة، فقال له : أفعل في هذا ما تراه مصلحة، فقال له نظام الملك: ما يمكنني أن أفعل إلاّ بأمرك، فقال السلطان : قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها إليك، فأنت الوالد، وحلف له، وأقطعه إقطاعاً زائداً على ما كان، وخلع عليه، ولقبه ألقاباً من جملتها : أتابك، ومعناه الأمير الوالد، فظهرت من كفايته وشجاعته وحسن سيرته ما أثلج صدور الناس، فمن ذلك أن امرأة ضعيفة استغاثت به، فتوقف يكلمها وتكلمه، فدفعها بعض حجّابه، فأنكر ذلك عليه،
وقال : إنما استخدمتك لأمثال هذه، فإن الأمراء والأعيان لا حاجة لهم إليك، ثم صرفه عن حجابته  .

2-التصور النظري للدولة عند نظام الملك :

كان النظام مؤمناً بالإسلام مقدساً لتعاليمه كما كان شغوفاً بعلومه محترماً لأعلامه حتى صار دينه ودولته على السواء، وأن كلاّ منهما يكمل الآخر كما تستكمل الأرض بالسماء.. ولفرط تهميش النظام للدين وشدة دفاعه عن الدولة يحار فإنه يرى الدولة وسيلة من وسائل نشر الإسلام وإذاعته بين الناس وقد ظهر علماء كرام في عهد النظام، بينوا ارتباط الدين بالدولة، بحيث صار وسيلة لها وغاية في آن واحد، فالإمام الغزالي والماوردي يقولان : إنه ليس دين زال سلطانه إلاّ بدلت أحكامه وطمست أعلامه وكان لكل زعيم فيه بدعة، كما إن السلطان إن لم يكن على دين تجتمع به القلوب حتى يرى أهل الطاعة فيه فرضاً والتناصر له حتماً  . وقيل : الدين أس والسلطان حارس، ومالاً أس له فمهزوم ومالا حارس له فضائع  .

وشاعت هذه المقولة أيضاً في شرق العالم الإسلامي وأخذ يرددّها الطرطوشي وابن خلدون  وغيرهم في غربه  ... وبذلك الدافع من إيمانه القوي في الدين واعتقاده الراسخ في إصلاحه للحياة الفانية، وبذلك اليقين من أعماق نفسه بضرورة الدولة العادلة لرعاية الناس وإسعادهم كتب رسالته في السياسة ووضع فيها الأسس العامة للدولة الجديدة التي كان ولم يزل يدأب من أجلها ويضع الخطط اللازمة لتكوينها ، وما كان النظام خيالياً حالماً وهو يخطط لمعالم دولته المنشودة، كمن يرسم صورة زيتية على ورقة بيضاء استجابة لداعي الفن أو كمن سبقه من أصحاب الجمهوريات والمدن الفاضلة وإنما كان أقرب إلى الواقع منه إلى الخيال  ، وقد انطلقت رؤيته للدولة من أصول المذهب السني والتي نظّر لها علماء عصره، كالغزالي والجويني- وهؤلاء دعمهم النظام دعماً معنوياً ومادياً يأتي بينه في محله بإذن الله تعالى، وقد كان سلاطين السلاجقة الأوائل يدينون بالإسلام وكانوا في أشد الحاجة لفهمه ولذلك فقد حاول وزيهم الكبير نظام الملك – أن يوجه عنايتهم إلى العلم، وحرمتهم للعلماء   فقد تكلم في الكتاب عن السلطان وعن واجباته واختصاصه، وعن خزينة الدولة والمراسيم السلطانية، والحاشية السلطانية، والمائدة السلطانية، والاستقبالات السلطانية، والحرس السلطاني، وناظر الخاصة، والوزير والوزارة، والموظفون في الدولة، والسفراء بين الدول، القضاة والقضاء، والمحتسبون للمراقبة، والولاة وأمراء الإقطاع، والغلمان والتجنيد، والجيش وإعداده، والألقاب وتحديدها .

3-اهتمام نظام الملك بالتنظيمات الإدارية :

اهتمام نظام الملك بالتنظيمات الإدارية فكان اليد الموجهة لأداء الدولة في عهد السلطان ألب أرسلان، واتسعت سلطاته في عهد السلطان ملكشاه ، فأشرف بنفسه على رسم سياسة الدولة الداخلية والخارجية بشكل كبير، مستفيداً من فهمه ومعرفته لنظم الإدارة، وقد تضمن كتاب " سياست نامه " الذي ألفه هذا الوزير في الآراء والنظريات الإدارية التي تعتبر أساساً لنظام الحكم وإدارة الدول والممالك  ، ويظهر من خلال كتاب " سياست نامه " أهم الطرق الإدارية التي اتبعها الوزير نظام الملك في إدارته للدولة السلجوقية، ويأتي في مقدمتها وقوفه بشدة ضد تدخل أصدقاء السلطان المقربين في شؤون الدولة، حتى لا يتسبب ذلك في اضطراب إدارتها  . كذلك كان يهتم بشكل خاص بالبريد الذي كان رجاله يوافون الحكومة بكافة أخبار البلاد الخاضعة لها  . هذا فضلاً عن حرصه الشديد على إرسال المخبرين إلى جميع الأطراف في هيئة التجار والسياح والمتصوفة والدراويش والعقارين  ، يتنسموا الأخبار، ويرسلونها للسلطان أولاً بأول حتى لا يخفى على شيء عن أمور مملكته  .

وقد نجح نظام الملك في أحباط عدد من المؤامرات ضد الحكومة المركزية بفضل ما كان يصل إليه عن طريق أولئك المخبرين  ، كما عمل نظام الملك على الحد من استغلال الموظفين والعمال لسلطاتهم حتى لا يرهقوا الرعية بالرسوم والضرائب الباهظة  ، وكان يغير الولاة والعمال مرة كل سنتين أو ثلاث ضماناً لعدم تلاعبهم في أعمالهم  ، ولما ألغى السلطان ألب أرسلان وظيفة " صاحب البريد " ووظيفة صاحب الخبر "  ، رتب وزيره نظام الملك في كل مدينة رجلاً نزيهاً لمراقبة الوالي والقاضي والمحتسب ومن يجري مجراهم من الموظفين وموافاتهم بأخبارهم أولاً بأول، كذلك كان نظام الملك يدقق في اختيار الموظفين، فيختار من كان منهم أغزر علماً وأزهد نفساً وأعف يداً وأقل طمعاً. وكان يختار لوظيفتي " صاحب البريد " وصاحب الخبر" أناساً لا يرقى الشك إليهم لحساسية هذا العمل، ويتم تعيينهم من قِبل السلطان نفسه، وكان نظام الملك يصرف مرتبات مجزية لموظفي الدولة، خشية أن يضطر الموظف إلى الاختلاس من مال الدولة، أو يستغل منصبه ويتسلط على أموال الرعية  .كما كان حريصاً على مراجعة حسابات الدولة في نهاية كل عام لمعرفة الدخل والمنصرف والموازنة بينهما، ولكي يضمن هذا لنظام الملك تنفيذ خطته الإدارية بدقة استعان بعدد من كبار موظفي الدولة المخلصين والأكفاء، وكون منهم ما يشبه المجلس الاستشاري ، مهمته فيما يبدو – دراسة ما يعرض عليه من أمور هامة ووضع الحلول الملائمة لها، ومن ثم متابعة تنفيذها بدقة  ،  وكانت شؤون دولة السلاجقة قبل تولي نظام الملك الوزارة غير منظمة، فتطرق الخلل إلى إدارة الولايات التابعة لها، وساءت الحالة المالية فيها نتيجة لخراب أراضيها، ولعدم قيام المشرفين عليها بما تحتاج إليه من عمارة وإصلاح، فلما جاء نظام الملك إلى الوزارة ونظم شؤون تلك الولايات، وعمر أراضيها، وأقر سلطة الدولة في النواحي التي كادت أن تخرج من حظيرتها.

4-نظام الملك والتفكير الاقتصادي :

كان لنظام الملك دور هام في إصلاح الأراضي الزراعية، وتنظيم توزيعها، فقد جرت العادة لدى الخلفاء والأمراء أن تجني الأموال في البلاد، وتجمع في العاصمة  ، فلما اتسعت رقعت الدولة السلجوقية في عهد نظام الملك لاحظ أن دخل الدولة من خراج الأراضي الزراعية قليل لحاجتها إلى الإصلاح، فضلاً عن عدم اهتمام الولاة بها  ، فوجد أن من الأصلح للدولة أن توزع النواحي على شكل أقطاعات على رؤساء الجند، على أن يدفع كل مقطع مبلغاً من المال لخزينة الدولة مقابل استثماره للأراضي التي أقعطت له، فكان هذا الأجراء سبباً في تنمية الثروة الزراعية إذ أهتم المقطعون بعمارتها مما أدى إلى زيادة انتاجها، وظل هذا النظام قائماً حتى زالت الدولة السلجوقية  ، ويلاحظ أن نظام الإقطاع في العهد السلجوقي يختلف كثيراً عن الإقطاع في العهد البويهي، لأن الاقطاع في العهد البويهي لم يكن عاماً شاملاً، ولم يشمل كل العسكريين، وكان الهدف منه تعويض الجند عن أرزاقهم المتأخرة، وليس الإصلاح الزراعي حتى أن بعض القواد البويهيين كانوا يخربون اقطاعتهم ثم يردوها ويعتاضوا عنها باقطاعات أخرى يختارونها من أجل تحسين دخلهم الشخصي لا دخل الدولة   أما في العهد  السلجوقي فيتعلق حق المقطع بخراج الأرض لا بالأرض ذاتها وليست له سيطرة على المشتغلين بها، كما أنه يخضع لسلطة الحكومة وعليه أن لا يسيء استعمال إقطاعه، كما يجوز نزع الإقطاع من المقطع إذا لم يقم بالالتزامات المفروضة عليه ، وكان الإقطاع في العهد السلجوقي لفترة محددة، لهذا عمل المقطعون جهدهم على تحسين اقطاعاتهم وتنظيمها والاستفادة منها، وتنفيذ جميع الالتزامات المفروضة عليهم كي يكسبوا رضا الحكومة ويستمروا في استثمار الأراضي التي أقطعت لهم  ، وكذلك طلب الوزير نظام الملك من العمال والولاة أن يكونوا على صلة تامة بالمزارعين، ويتفقدوا أحوالهم، ويمدوا لهم يد المساعدة بتزويد من يحتاج منهم بالبذور والدواب، وأن يحسنوا معاملة الزراع، حتى لا يضطروا إلى هجر مواطنهم  ، ويبدو أن الوزير نظام الملك استهدف من توزيعه الأراضي على رؤساء الجند كاقطاعات عدة أمور، وهي أنه أدرك أن معظم أفراد الجيش السلجوقي من قبائل مختلفة العناصر، فأراد أن يجعل تلك الجماعات تستقر في أراضي تقطع لها، فترتبط بالأرض، وتشعر بشعور المواطنة، مما يسهل على الدولة السيطرة عليها، وتقل المنازعات فيما بينها، مما يخفف أعباء الحكومة المركزية الإدارية والحربية، إذ تصبح تلك الاقطاعيات مستقلة بتنظيم أحوالها وتستطيع الوقوف في وجه من يحاول الاعتداء عليها، كما أن سكن تلك الجماعات في أراضي زراعية محددة تدفعها إلى استصلاح الأرض وزراعتها والاستفادة من خيراتها، فتزدهر الزراعة التي تعد من موارد الثروة  .

5-عناية نظام الملك بالمنشآت المدنيّة :

كان للوزير السلجوقي نظام الملك الطوسي اهتمام كبير بالمنشآت المدنية، وخاصة دور العباد، فبنى كثيراً من المساجد في مختلف البلاد الخاضعة للسلاجقة ، كما اهتم بعمارة الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة النبوية، وأقام العديد من الرباطات بالعراق وفارس للعباد والزهاد وأهل الصلاح والفقراء، ورتب لهم ما يحتاجون إليه من غذاء وكساء  ، وبنى الوزير نظام الملك مارستان بمدينة نيسابور .



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق