إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

29 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الخامس :وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله : رابعاً :نظام الملك : 6-أثره في النهوض بالحركة العلمية والأدبية :


29

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الخامس :وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله :

رابعاً :نظام الملك :

6-أثره في النهوض بالحركة العلمية والأدبية :

بذلك الوزير نظام الملك جهداً واضحاً للنهوض بالحركة العلمية والأدبية وكان محباً لأهل العلم، كثير الإحسان إليهم، حتى أنه رتب للعلماء رواتب ثابتة تصرف لهم بانتظام  ، وكان يقوم بصرف مرتبات ثابتة لأثنى عشر ألف رجل من رجال العلم في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية وكان مجلس الوزير نظام الملك يضم فحول العلماء في شتى فنون المعرفة، وقام، بإنشاء المكتبات وزودها بالكتب، فكانت سوق العلم في أيامه، كما يقول ابن الجوزي قائمة والعلماء في عهده مرفوعي الهامة  ، وقام بتأسيس المدارس النظامية، وقد انتشرت في كل من بغداد والبصرة والموصل وأصفهان وآمل وطبرستان ومرو ونيسابور وهراة وبلغ  ، وقام نظام الملك بإنشاء هذه المدارس في عهد السلطان السلجوقي ألب أرسلان  وسيأتي الحديث عنها في مبحث مستقل بإذن الله تعالى كان النظام رحمه الله يحب العلم وخصوصاً الحديث، شغوفاً به وكان يقول : إني أعلم بأني لست أهلاً للرواية ولكني أحب أن أربط في قطار   نقلة حديث رسول الله  ، فسمع من القشيري، وأبي مسلم بن مهر بن يزيد، وأبي حامد الأزهري ، وكان حريصاً على أن تؤدي المدارس التي بناها رسالتها المنوطة بها فعندما أرسل إليه أبو الحسن محمد بن علي الواسطي الفقيه الشافعي أبياتاً من الشعر يستحثه على المسارعة للقضاء على الفتن التي حدثت بين الحنابلة والأشاعرة فقام نظام الملك وقضى على الفتنة  . 

وكان مجلسه عامراً بالفقهاء والعلماء حيث يقضي معهم جُلّ نهاره فقيل له : إن هؤلاء شغلوك عن كثير من المصالح، فقال : هؤلاء جمال الدنيا والآخرة، ولو أجلستهم على رأسي لما استكثرت ذلك، وكان إذا دخل عليه أبو القاسم القشيري، وأبو المعالي الجويني قام لهما وأجلسهما معه في المقعد، فإن دخل أبو علي الفارندي قام وأجلسه مكانه، وجلس بين يديه فعوتب في ذلك فقال : إنهما إذا دخلا عليّ قال : أنت وأنت، يطروني، ويعظمونني ويقولون فيّ مالا فيّ، فأزداد بهما ما هو مركوز في نفس البشر، وإذا دخل عليّ ابو علي الفارندي ذكرني عيوبي وظلميّ، فأنكسر، فأرجع عن كثير مما أنا فيه  .

7-شيء من عبادته وتواضعه ومدح الشعراء له :

قال عنه ابن الأثير : وأما أخباره، فإنه كان عالماً، ديناً وجواداً عادلاً، حليماً، كثير الصفح عن المذنبين، طويل الصمت، كان مجلسه عامراً بالقّراء، والفقهاء، وأئمة المسلمين، وأهل الخير والصلاح  كان من حفظة القرآن، ختمه وله إحدى عشرة سنة واشتغل بمذهب الشافعي، وكان لا يجلس إلا على وضوء، وما توضأ إلا تنفَّل  ، وإذا سمع المؤذن أمسك عن كل ما هو فيه وتجنبه فإذا فرغ لا يبدأ بشيء قبل الصلاة، وكان إذا غفل المؤذن ودخل الوقت أمره بالآذان، وهذا قمة حال المنقطعين للعبادة في حفظ الأوقات، ولزوم الصلوات وكانت له صلة بالله عظمية، وكان يواظب على صيام الاثنين والخميس، وله الأوقاف الدّارة الصدقات الباّرة  .

 وقال ذات مرة : رأيت في المنام إبليس فقلت له : ويحك خلقك الله وأمرك بالسجود له مشافهة فأبيت، وأنا لم يأمرني بالسجود له مشافهة وأنا أسجد له في كل يوم مرات فأنشد يقول :

من لم يكن للوصال أهلاً
   
    فكل إحسانه ذنوب


وقد أجلسه  المقتدي مرة بين يديه وقال له : يا حسن رضي الله عنك رضا أمير المؤمنين عنك  .

وكان يتمنى أن يكون له مسجد يعبد الله فيه مكفول الرزق قال في هذا المعنى : كنت أتمنى أن يكون لي قرية خالصة، ومسجد أتفرد لعبادة ربي، ثم تمنيت بعد ذلك أن يكون لي رغيف كل يوم، ومسجد أعبد الله فيه  ، ومن تواضعه أنه كان ليلة يأكل الطعام، وبجانبه أخوه أبو القاسم، وبالجانب الآخر عميد خُراسان، وإلى جانب العميد إنسان فقير، مقطوع اليد، فنظر نظام الملك فرأي العميد يتجنب الأكل مع المقطوع فأمره بالانتقال إلى الجانب الآخر، وقّرب المقطوع إليه فأكل معه. وكانت عادته أن يحضر الفقراء طعامه ويقربهم إليه.

ويدينهم ، ومن شعره :

بعد الثمانين ليس قوة
   
    قد ذهبت شهوة الصبُّوة

كأنني والعصا بكّفي
   
    موسى ولكن بلا نُبُوَّة 


وينسب إليه أيضاً :

تقوس بعد طول العُمر ظهري
   
    وداستني الليالي أيَّ دوس

فأمشي والعصا تمشي أمامي
   
    كأن قوامها وتر بقوس


وكان يتأثر بسماع الشعر فعندما دخل عليه أبو علي القومَسَاني في مرضة مرضها يعوده فأنشد يقول :
إذا مرضنا نَوينا كل صالحة
   
    فإن شفينا فمنا الزيغ والزّللُ

نرجو الإله إذا خفنا ونسخطه
   
    إذا أمنا فما يزكو لنا عمل

فبكى نظام الملك وقال : هو كما يقول .
وقد مدحه الشعراء ومما قالوا فيه

إذا زاره العافي تهلل وجهه
   
    وبشَّره منه التبسُّمُ والبشر 


وقالوا فيه :
ما خلق الله تعالى وجلّ
   
    مثل وزير الوزراء الأجّل

أروع كالنَّصل ولكنَّه
   
    أمضى من النصل إذا ما بسل


8-وفاته 485ه :

 في عام 485ه من الخميس في العاشر من شهر رمضان وحان وقت الإفطار، صلّى نظام الملك المغرب، وجلس على السَّماط، وعنده خلق كثير من الفقهاء والقّراء والصوفية، وأصحاب الحوائج فجعل يذكر شرف المكان الذي نزلوه من أراضي نهاوند، وأخبار الوقعة التي كانت بين الفرس والمسلمين، في زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن استشهد هناك من الأعيان، ويقول : طوبى لمن لحق بهم، فلما فرغ من إفطاره، خرج من مكان قاصداً مضرب حرمه فبدر إليه حدث ديلمّي، كأنه مُستميح أو مستغيث، فعلق به وضربه، وحمل إلى مضرب الحرم، فيقال : إنه أول مقتول قتلته الإسماعيلية " الباطنية" ، فأنبث الخبر في الجيش وصاحت الأصوات، وجاء السلطان ملكشاه حين بلغاه الخبر، مظهراً الحزن، والنحيب والبكاء وجلس عند نظام الملك ساعة، وهو يجود بنفسه حتى مات، فعاش سعيداً فقيداً حميداً  ،
وكان قاتله قد تعثر بأطناب الخيمة، فلحقه مماليك نظام الملك وقتلوه وقال بعض خدامه. كان آخر كلام نظام الملك أن قال : لا تقتلوا قاتلي، فإني قد عفوت عنه وتشهد ومات   ولما بلغ أهل بغداد موت نظام الملك حزنوا عليه وجلس الوزير والرؤساء للعزاء ثلاثة أيام ورثاه الشعراء بقصائد منهم مقاتل بن عطية حيث قال :

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة
   
    يتيمة صاغها الرحمن من شرف

عزَّت فلم تعرف الأيام قيمتها
   
    فرّدها غيرة منه إلى الصدف


قال عنه ابن عقيل : بهر العقول سيرة النظام جوداً وكرماً وعدلاً وإحياء لمعالم الدين، كانت أيامه دولة أهل العلم، ثم ختم له بالقتل وهو مارُّ إلى الحج في رمضان فمات ملكاً في الدنيا ملكاً في الآخرة رحمه الله  ، وقيل إن قلته كان بتدبير السلطان، فلم يُمهل بعده إلا نحو شهر  .



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق