إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

210 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية : رابعاً : أهم الدروس والعبر والفوائد : 4- شن حرب استنزاف مستمرة ضد الفرنج :


210

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية

المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية :

رابعاً : أهم الدروس والعبر والفوائد :

4- شن حرب استنزاف مستمرة ضد الفرنج :

أعطى نور الدين محمود الأولوية في أهدافه الاستراتيجية من حيث التنفيذ لهدف تحقيق الوحدة بين الدول والإمارات الإسلامية المواجهة للفرنجة، مصر وبلاد الشام، لأنه أدرك من خلال تحليله للموقف الدولي والإقليمي أنه لن يتمكن من القضاء على دول الفرنجة في بلاد الشام وخاصة مملكة بيت المقدس قبل تحقيق الوحدة مع مصر ( ) وإزالة الجسم الغريب في الأمة المتمثل في الدولة الفاطمية الشيعية الرافضية الباطنية ثم الاستفادة من الطاقات الكامنة في الشعب المصري ومن إمكانياته الكبيرة في المواجهة الأخيرة التي لابد أن تشترك فيها دول أوروبا إلى انب الفرنجة في الشام وقد حصل هذا بالفعل فيما بعد في زمن صلاح الدين وثبتت صحة الاستراتيجية التي وضعها نور الدين وبدأ بتنفيذها ولكنه توفي قبل أن ( ) يكملها. ولذلك اتخذ نور الدين قراراً سياسياً في منشئه عسكرياً وفي طبيعة تنفيذه وهو يقصد من خلاله إضعاف قوّة الإمارات الفرنجية وكسر شوكتها، وتحطيم معنويات قادتها وأفرادها واسترداد ما يمكن استرداده من المواقع والحصون والقلاع منها، وقتل أكبر عدد ممكن من رجالها، وهذا هو مفهوم حرب الاستنزاف والغاية منها، حتى إذا ما تحققت الوحدة بين بلاد الشام ومصر وتوافرت الإمكانيات العسكرية الكافية تم القضاء على الإمارات الفرنجية وإزالتها من الوجود، ومواجهة كل ما يمكن أن يتبع ذلك من تدخل أوروبي، يظهر صحة هذا التحليل من موقف نور الدين بعد انتصاره الكبير في معركة حارم عام 559ه/1164م حيث تم إبادة وأسر أغلب الجيش الفرنجي وكان من بين الأسرى قادة الفرنجة الثلاثة، أمير أنطاكية، وأمير طرابلس وقائد الحامية البيزنطية في المنطقة وأصبحت أنطاكية بعد المعركة هدفاً سهلاً، فلما طلب قادة نور الدين محمود منه مهاجمتها واحتلالها قال : أما المدينة فأمرها سهل وأما القلعة التي لها فهي منيعة لا تؤخذ إلا بعد حصار طويل وإذا ضيًّقنا عليهم، أرسلوا إلى صاحب القسطنطينية وملكوه إياها ومجاورة بوهيموند أمير أنطاكية أحب إلى من مجاورة ملك الروم ( ) ، وقبل ذلك عام 544ه/1149م قضى نور الدين محمود على جيش أنطاكية وقتل أميرها في معركة إنَّب ( )، ثم تقدم إلى أنطاكية وحاصرها فامتنعت ولم يضَّيق عليها الحصار بل تركها بعد ان جَّردها من أغلب حصونها الشرقية، وفي عام 554ه/1159م وصل إمبراطور القسطنطينية بجيشه الكبير إلى أنطاكية في عرض واضح للقوة، وحاول أمراء الفرنجة استغلال وجوده مع جيشه الكبير فحّرضوه على مهاجمة حلب واحتلالها وكان نور الدين محمود يتابع الأحداث فأرسل سفارة إلى الأمبراطور واتفق مع على هدنه طويلة بين الطرفين، كما تم تبادل الهدايا، وأطلق نور الدين بعض الأسرى النصارى. وتدل هذه الحوادث الثلاثة على أن نور الدين محمود كان يتجنب إثارة إمبراطور القسطنطينية حتى لا يضطر إلى مواجهة عدوَّين في وقت واحد، وأنه كان يسعى لتحييد الأمبراطورية البيزنطية ودول أوروبا جميعهاً حتى تتغَّير الأوضاع، وتتوافر له الإمكانيات الكافية لمواجهة هذه الأطراف، إذا تدخلت عندما يّحول حزب الاستنزاف إلى حرب تحرير شاملة يقضي من خلالها على إمارات الفرنجة في بلاد الشام ويؤكد وجود هذه الاستراتيجية عند نور الدين محمود قوله عندما أرسل له صلاح الدين الأيوبي هدايا من الجواهر والتحف التي استولى عليها من قصور الفاطميين بعد إسقاط دولتهم عام 567ه/1172م فقد قال : والله ما كان لنا حاجة إلى هذا وما وصل إلينا عشر معشار ما أنفقناه في العساكر التي جهزناها إلى مصر، وما قصدنا بفتحها إلا فتوح الساحل ( ) . وقد حقق نور الدين فوائد كثيرة وإنجازات كبيرة من خلال حرب الاستنزاف التي شنها على الفرنجة طول فترة حكمه
(541ه-569ه) فقد استرجع منهم أكثر من خمسين مدينة وموقعاً وحصناً ( ) ، وجّرد إمارتي أنطاكية وطرابلس من جميع المواقع والحصون التي كانت لهما شرق نهر العاصي، وجعلهما، شريطاً ضيقاً على امتداد الساحل، واسترد بعض المواقع والحصون من مملكة بيت المقدس أهمها حصن بانياس جنوب غرب دمشق ( ) ، وألحق بالفرنج هزائم منكرة قتل فيها عشرات الآلآف من رجالهم وقادتهم وأمرائهم وأسر أكثر من ذلك، فانخفضت معنوياتهم، وصار همهم المحافظة على ما أيديهم، بعد أن كانوا يطمحون للتوسع على حساب بلاد المسلمين ( ) ، وكان من أهم الإنجازات القضاء على إمارة الرها نهائياً، وفي المقابل  ارتفعت معنويات المسلمين، وحصل نور الدين على ثقتهم ومحبتهم مما سهل له تحقيق وحدة بلاد الشام وشمال العراق ومصر بسهولة ويسر وبدون قتال باستثناء ما حصل في مصر ( ) .




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق