إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

201 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية : ثانياً : العلاقات مع الإمارات الصليبية : 3- إمارة طرابلس :


201

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية

المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية :

ثانياً : العلاقات مع الإمارات الصليبية :

3- إمارة طرابلس :

عاصر نور الدين محمود اثنان من أمراء طرابلس، ريموند الثاني 532ه-447ه/1137-1151-1152م وريموند الثالث 547-583ه/1187م في وقت اتسمت الدولة النورية تجاه إمارة طرابلس بصراع عنيف لإسقاط حصونها وقلاعها واحتلت تلك الإمارة الصليبية أهمية متميزة لديها نظراً لتصريف التجارة الشامية عبر موانيها إلى عالم البحر المتوسط، ودخلت إمارة طرابلس في صراع مصالح مع الشيعة الإسماعيلية بسبب وقوع قلاع الدعوة الشيعية الإسماعيلية في مناطق إمارة طرابلس، وحيث أن الاغتيال كان سلاح الشيعة الإسماعيلية الرهيب الذي أشهرته في وجوه خصومها، فإن أمير طرابلس ريموند الثاني لم يسلم منه فقد تَّم اغتياله ( ).

أ- حصن أنطرسوس :

ورد الخبر في المحرَّم من عام سبع وأربعين وخمس مئة بنزول نور الدين على حِصن أنطرسوس في عسكره وافتتاحه وقتل من كان فيه من الإفرنج، وطلب الباقون الأمان على النفوس فأجيبوا إلى ذلك، ورتب فيه الحفظة وعاد عنه وملك عِدَّة من الحصون بالسَّبْي والسيَّف والإخراب والإحراق والأمان ( ) وقال ابن المنير قصيد يمدح نور الدين ويهنَّنئه بفتح أنطرْسوس وغيرها فقال :

أبداً تباشُر وجه غزوك ضاحكاً
    ??وتؤوب منه مؤيداً منصوراً

تُدْني لك الأمل البعيد سَواهُِم
    ??مُحِقت أهِلَّتُها وكن بُدُورا

وجاء فيها :

هَتَمتْ طرابلساً فأصيح ثَغْرُها
    ??البسَّامُ من عِزَّ الثغور تغيراً


ضحكت لك الأيام واكتأب العِدَى
    ??قلقاً فجئت مبشراً ونذيراً

لا مُلك إلا ملك محمود الذي
    ??تَخِذَ الكِتابَ مظاهراً ووزيراً

تمشي وراء حُدُودِه أحكامه
    ??تأتُّمهنَّ فَيُحكمُ التّقديرا

يقظان ينشر عدله في دولة
    ??جاءت لمطوِىَّ السمَّاحِ نشورا ( )


وأنشده بحلب في هذه السنة قصيدة أخترت منها هذه الأبيات :

مَلْكٌ تكنَّف دين أحمد كِنَّه
    ??فأضاء نَّيَرهُ وصاب شهابه

فالعدل حيث تصَّرفت أحكامه
    ??والأمن حيث تصَّرمت أسرابه

متهلّلٌ والموت في نَبَراته
    ??يرُجى ويُرْهَبُ خوفه وعقابه

طَبَع الحديدَ فكان منه جَنَانُه
    ??وسِنَانُه وإهابه وثيابُهُ

ويهش إن كَبَتِ الوجوه كأنَّما
    ??أعداؤه تحت الوغى أحبابه

نُشِرت بمحمود شريعة أحمد
    ??وأرى الصَّحابة ما احتذاه صحابه ( )


ب- حصن الأكراد :

 في عام 558ه جمع نور الدين عساكره، ودخل بلاد الفرنج، فنزل بالبقيعة تحت حصن الأكراد، وهوللفرنج عازماً على دخول بلادهم ومنازلة طرابلس فبينما النَّاس في بعض الأيام في خيامهم وسط النهار، لم يرعهم إلا ظهور صُلبان الفرنج من وراء الجبل الذي عليه الحصن فكبسوهم فأراد المسلمون دفعهم، فلم يطيقوا، فانهزموا، ووضع الفرنج السيف، وأكثروا القتل والأسر، وقصدوا خيمة الملك العادل فخرج من ظهر خيمته عجلاً بغير قَبَاء، فركب فرساً هنالك للنوبة، ولسرعته ركبه وفي رجْله شِبْحة ( ) فنزل إنسان من الأكراد فقطعها، فنجا نور الدين وقتُل الكردي، فسأل نور الدين عن مخلَّصي ذلك الكردي، فأحسن إليهم جزاءً لفعله، وكان أكثر القتل في السُّوقة والغِلمان، وسار نور الدين إلى مدينة حمص، فأقِام بظاهرها، وأحضر منها ما فيها من الخيام ونصبها على بحيرة قَدسَ على فرسخ من حمص وبينهما وبين مكان الوقعة أربعة فراسخ، وكان النَّاس يظنون أنه لا يقف دون حلب، وكان رحمه الله تعالى أشجع من ذلك وأقوى عزماً ولما نزل على بحيرة قدس اجتمع إليه كل من نجا من المعركة، فقال له بعض أصحابه : ليس من الرأي تقيم ههنا، فإن الفرنج ربما حملهم الطمع على المجيء إلينا ونحن على هذه الحال. فوبَّخه وأسكته وقال : إذا كان معي ألف فارس فلا أبالي بهم قلُّوا أو كثروا ووالله لا أستظلُ بحدار حتى آخذ بثأر الإسلام وثأري، ثم إنه أرسل إلى حلب ودمشق وأحضر الأموال والدَّواب والأسلحة والخيام، وسائر ما يحتاج إليه الجُنْد، فأكثر وفَّرق ذلك جميعه على من سَلم وأما من قُتل فإنه أقَّر إقطاعه على أولاده، فإن لم يكن له ولد فعلى بعض أهله، فعاد العسكر كأنه لم يُفقد منه أحد، وأما الفرنج فإنهم كانوا عازمين على قصد حمص بعد الهزيمة، لأنها أقرب البلاد إليهم، فلما بلغهم مقام نور الدين عندها قالوا : إنه لم يفعل هذا إلا وعنده من القَّوة أن يمنعنا وكان نور الدين رحمه الله تعالى قد أكثر - العطايه - إلى أن قَسَمَ في يوم واحد مئتي ألف دينار، سوى غيرها من الدوابَّ والخيام، والسلاح وغير ذلك؛ وتقدَّم إلى ديوانه أن يحضروا الجند ويسألوا كل واحد منهم عن الذي أخذ منه، فكلُّ من ذكر شيئاً كثيراً علم بعض النواب كذبه فيما أدَّعاه لمعرفتهم بحاله، فأرسلوا إلى نور الدين ينُهون إليه القضية، ويستأذنونه في تحليف الجندي على ما أدَّعاه، فأعاد الجواب : لا تكدَّروا عطاءنا فإني أرجو الثواب والأجر على قليله وكثيره  ( ) وقال له أصحابه : إن لك في بلادك إدرارتِ كثيرة وصلات عظيمة للفقهاء والفقراء والصُّوفية والقُرَّاء، فلو استعنت بها الآن لكان أمثل، فغضب من هذا وقال : والله إني لا أرجو النصر إلا بأولئك : فإنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم. كيف أقطع صِلات قوم يقاتلون عني وأنا نائم في فراشي بسهام لا تخطئ، وأصرفها إلى من يقاتل عني إذا رآني بسهام قد تخطئ وتصيب ! ثم هؤلاء القوم لهم نصيب في بيت المال أصرفه إليهم، كيف أعطيه غيرهم ؟ فسكتوا. ثم إن الفرنج أرسلوا إلى نور الدين في المهادنة فلم يجبهم إليها، فتركوا عند الحصن من يحميه، وعادوا إلى بلادهم وتفرَّقوا ( ) . ومما يذكر في هذه الهزيمة موقف الشيخ البرهان البلخي حيث قال : أتريدون أن تنّصروا وفي عسكركم الخمور والطبول والزمور. كلاً. وكلاماً مع هذا، فلما سمع نور الدين ذلك، قام ونزع عنه ثيابه تلك، وعاهد الله تعالى على التوبة، وشرع في إبطال المكوس إلى أن خرج في نوبة حارم وكسر الفرنج ( ) .

ج- فتح حصن المنيطرة وبعض الحصون :

اتجه الجيش النوري إلى الاستيلاء على حصن المنيطرة في عام 561ه/1165م وغنم الغنائم الوفيرة وفي العام التالي 562ه/1166م تمت مهاجمة المناطق المحيطة بحصن الأكراد، وسلب الغنائم، كذلك تَّم الاستيلاء على حصن صافينا والعريمة وهما من حصون الإمارة المنيعة، ووقع صدام بين الجيش النوري، وجيش إمارة طرابلس 565ه/1169م فيما عرف بمعركة اللبوة، وبعد عامين أي في عام 567ه/1171م واصل نفس السياسة وتم إرسال القوات لمحاصرة حصن عرقة واستولت عليه عام 567ه/1171م واحتوى على جميع ما فيه وغنم الناس غنيمة عظيمة ( ) . كانت سياسة نور الدين تجاه إمارة طرابلس تتمثل في الرغبة في السيطرة على قلاعها وحصونها ولم تحدث معارك كبرى في إمارة طرابلس كالتي حدثت في مواجهة أنطاكية ( ) ، ومما تجدر الإشارة إليه، أن صراع الدولة النورية مع تلك الإمارات قد شهد نوعين من الاحتكاك العسكري، معارك كبيرة مثل يغرى، وأنب، وحارم، ثم معارك محدودة من أجل إخضاع بعض القلاع والحصون، مثل المنيطرة، وانطرطوس، وغيرها ( ) . وكانت المعارك جميعها برية ولم تحدث أية معركة بحرية، وقد غدت تلك الناحية عامل ضعف مؤثر في صراع نور الدين محمود ضد الإمارات الصليبية، خاصة إمارتي أنطاكية وطرابلس اللتين امتلكتا ساحلاً ممتداً من السويدية شمالاً إلى ميناء جونيه جنوباً، ونلاحظ أن محاولات نور الدين محمود لإخضاع ميناء السويدية (سان سيمون) باءت بالفشل، بسبب تصدي مملكة بيت المقدس والإمبراطورية البيزنطية لتوسعات الدولة الطموحة في ذلك الاتجاه وأدى ذلك إلى عدم تملك الدولة النورية أية مواني ( ) .





يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق