إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

199 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية : ثانياً : العلاقات مع الإمارات الصليبية :


199

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية

المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية :

ثانياً : العلاقات مع الإمارات الصليبية :

 من المعروف أن الحملة الصليبية الأولى نجحت في إقامة ثلاث إمارات هي الرها في أعلى نهر الفرات وأنطاكية في أقصى شمال الشام وطرابلس على الساحل اللبناني، وقد أرتبطت تلك الإمارات ارتباطاً وثيقاً مع بعضها البعض وكذلك مع مملكة بيت المقدس اللاتينية ( ) .

1- إمارة الرها :

حاول جوسلين الثاني استرداد إمارته المفقودة في عام 542ه/1147م وذلك بعد مقتل زنكي، بمساعدة العناصر الأرمينية بداخلها ( ) ، وأمكنه عبور نهر الفرات في ربيع الثاني من عام 542ه/أكتوبر 1147م وساعده الأرمن على فتح أبوابها والاستيلاء عليها، وإن عجز عن قلعتها ( ) ، نظراً لمناعتها وتجهيزاتها بالمعدات والرجال، وعدم جلبه لآلات الحصار اللازمة لاقتحامها ( ) أمام ذلك الموقف، هب نور الدين إلى إنقاذ الرها، وعندما اقتربت قواته منها لاذ جوسلين بالفرار، وقد تمكن الجيش النوري من إلحاق الهزيمة بالصليبيين، وأصيب جوسلين نفسه وقتل فيمن قتل بلدوين صاحب مرعش ( ) ، وقام الأول بعبور الفرات مسرعاً حتى بلغ سميساط وفر من كان معه في اتجاهات متفرقة، وقامت القوات النورية بسلب المدينة ونهبها، كعقاب لأهلها على تمردهم وغنمت من وراء ذلك الغنائم الوفيرة ( )، ووجدت لدى نور الدين محمود عدة اعتبارات دفعته إلى الإسراع نحو القضاء على محاولة جوسلين الثاني استرداد الرها، إذ أنه أراد إنقاذ الإنجاز الكبير الذي حققه والده زنكي بإخضاع أولى الإمارات الصليبية وما غنمه المسلمون من وراء ذلك من مغانم استراتيجية كبرى، كذلك أراد أن يوقف أية توسعات صليبية في المنطقة الممتدة في شمال العراق، كذلك فإن عودة السيادة الصليبية للرها، كان من شأنه توجيه ضربة قوية لخط الدفاع الاستراتيجي القائم بين المدينتين، والذي حرص نور الدين على عدم خضوعه لسيطرته الصليبيين بأية صورة ( ).

أ- هزيمة نور الدين :

سار نور الدين إلى بلاد جوسلين وهي القلاع التي شمالي حلب، منها تل باشر، وعين تاب، وَعَزاز وغيرها من الحصون فجمع جوسلين الفرنج فارسهم وراجلهم، ولقوا نور الدين، وكانت بينهم حرب شديدة أجلت عن انهزام المسلمين وظفر الفرنج، وأخذ جوسلين سلاح دار ( ) ، كان لنور الدين أسيراً، وأخذ ما معه من السَّلاح فأنفذه إلى السلطان مسعود بن قليج أرسلان السلجوقي صاحب قونية وأقصر وغيرهما من تلك الأعمال وأرسل مع السلاح إليه يقول : قد أنفذت لك سلاح صهرك، وسيأتيك بعد هذا غيره ( ).

ب- أعمال نور الدين للحيلة ووقوع جوسلين في الأسر :

عظمت هذه الحادثة على نور الدين وأعمل الحيلة على جوسلين، وعلم أنه إن هو جمع العساكر الإسلامية لقصده جمع جوسلين الفرنج وحذر وامتنع، فأحضر نور الدين جماعة من التركمان وبذل لهم الرغائب من الإقطاع والأموال إن هم ظفروا بجوسلين إما قتلاً وإما أسراً، فاتَّفق أن جوسلين خرج في عشرة، وأغار على طائفة من التركمان فنهب وسبى، فاستحسن من السَّبي امرأة منهم فخلا معها تحت شجرة، فعاجله التركمان، فركب فرسه ليقاتلهم فأخذوه أسيراً.. وكان أسره من أعظم الفتوح على المسلمين، فإنه كان شيطاناً عاتياً من شياطين الفرنج شديد العداوة للمسلمين، وكان هو يتقدم على الفرنج في حروبهم لما يعلمون من شجاعته وجودة رأيه، وشدة عداوته للمَّلة الإسلامية، وقسوة قلبه على أهلها وأصيبت النصرانية كافَّة بأسره، وعظمت المصيبة عليهم بفقده وخلت بلادهم من حاميها وثغورهم من حافظها، وسهل أمرهم على المسلمين بعده، وكان كثير الغدر والمكر، لا يقف على يمين ولا يفي بعهد، طالما صالحه نور الدين وهادنه، فإذ أَمِنَ جانبه بالعهود والمواثيق نكث وغدر، فلقيه غدره، وحاق به مكره قال تعالى : " ولا يحيق المكَر السيءُ إلا بأهله " (فاطر، أية : 43). فلما أسر تيسَّر فتح كثير من بلادهم وقلاعهم، فمنها عين تاب، وعزاز، قُوُرس والرَّاوندان، وحصن البارة، وتل خالد. وكفر لاثا، وكفر سود، وحصن بسرفوت بجبل بني عُليم ودُلُوك، ومرعش، ونهر الجوز، وبرج الرصاص ( ). وكان نور الدين، رحمه الله، إذا فتح حصناً لا يرحل عنه حتى يملاءه رجالاً وذخائر تكفيه عشر سنين، خوفاً من نُصرة تتجدّد للفرنج على المسلمين، فتكون الحصون مستعدة غير محتاجة إلى شيء ( ) . لقد رغب نور الدين محمود زنكي في تأمين خطوط التجارة بين حلب والموصل وبين حلب ودولة سلاجقة الروم والإمبراطورية البيزنطية، ووقوعها غرب نهر الفرات له أهمية كبيرة إذ أنها على ما يبدو فرضت نوعاً من السيطرة على حركة التجارة بين شرق الفرات وغربه وبالذات في الجزء الشمالي لبلاد الشام، أما الدوافع الإستراتيجية العسكرية فتمثلت في رغبة نور الدين الأكيدة في تأمين الخط الدفاعي الحربي الواقع بين الموصل وحلب، إذ أن خضوع تلك القلاع والحصون في أيدي الصليبيين هدد ذلك الخط تهديداً كاملاً، ويمكن تلخيص سياسة نور الدين تجاه إمارة الرها، تمثلت في القضاء على محاولة أميرها السابق استردادها، ثم اتجاهه إلى أسره وإسقاط أملاكه، وطبيعي أن ندرك أن دوره في هذا المجال كان المحافظة على ما أمكن إنجازه في عهد والده والقضاء على المراكز الحصينة التي سيطر عليها جوسلين الثاني، ويلاحظ أن جهوده نحوها لم تكن على ذلك المستوى الكبير الذي حظيت به إمارة أنطاكية مثلا، نظراً لإنتهاء، قوة الرها الصليبية الفعلية في عهده ( ) ، ولقد أصبحت انتصارات نور الدين يتغنى بها الشعراء فقال ابن منير :

لقد أشعرت دين الله عِزَّا
    ??تتيه له المشاعر والحجون

وقام بنصره والناسُ فوضى
    ??قويُّ منك في الجُلىَّ أمين

رجعت ملوكهم وهم خيوف
    ??أسير في صفادك أوكنين

فَبَرنَسْتَ البرِنسَ لقاع خسف
    ??وجُرَّعَ مُرَّ جوسك جوسلين ( )




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق