196
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية
المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية :
أولاً : العلاقات مع مملكة بيت المقدس :
4- معركة بانياس :
شهدت العلاقات بين الدولة النورية ومملكة بيت المقدس نشوب معركة بانياس عام 552ه/1157م، والتي وقعت في وقت كانت تنفذ فيه معاهدة سلمية بين الجانبين إلا أن الملك بلدوين الثالث خرقها وتتجلى بوضوح أهمية ثروات المنطقة من الناحية الزراعية والرعوية وميزتها الاستراتيجية، كعوامل دفعت بالصليبيين إلى نقض شروط المعاهدة وإعلان الحرب على الدولة النورية فقد توافرت في بانياس المراعي الغنية بقطعان الماشية ( ) كذلك عرفت بأهمية إنتاجها الزراعي حيث وجد الفلاحون والرعاة طمع الصليبيون في أسرهم واسترقاقهم للإفادة من طاقاتهم الإنتاجية، وهذا يفسر عمليات الاسترقاق التي حرص الصليبيون عليها عندما هاجموا المنطقة، كذلك احتلت بانياس أهمية استراتيجية متميزة إذ وقعت بالقرب من دمشق وفي المنطقة الواقعة بينها وبين الجليل الأعلى بشمال فلسطين، وإذا اعتبرنا عسقلان بوابة مصر فإن بانياس عدت بوابة دمشق ( ) ، ولا شك أن كافة تلك المغريات لعبت دورها في إغراء الملك بلدوين الثالث على شن هجومه على بانياس، وكان الرعاة والفلاحون المسلمون في المنطقة قد ارتكنوا إلى وجود معاهدة السلام مع الصليبيين، وبينما هم منهمكون في عملهم هاجمت القوات الصليبية المنطقة بالقرب من بحيرة الحولة، وقد قتل وجرح العديدون، تم سلب قطعان الماشية وأسر العديدين ويبدو أن الصليبيين أرادوا تحقيق انتصار كبير في حملتهم بدليل إشراكهم لأكبر العناصر لديهم قوة ونعني بهم الاسبتارية والداوية ( )، ومما تجدر الإشارة إليه أن مؤرخ المملكة الرسمي وليم الصوري، أقر واعترف صراحة بأن حملة بلدوين الثالث على بانياس، كانت خرقاً للاتفاقية المعقودة مع نور الدين، وأن الأمر كان أبعد من أن يكون مجداً عسكرياً للمملكة الصليبية ( ) ولم يكن هناك مفر من الرد العسكري النوري، وقد قام المسلمون بنصب كمين للقوات الصليبية كلل بالنجاح، وقتل منهم الكثيرون وعلى حد قول ابن القلانسي : صاروا بأجمعهم بين قتيل وجريح ومسلوب وأسير وطريح ( ) وغنائم وفيرة، وأمكنهم احتلال بانياس ( )، غير أن بلدوين الثالث تمكن من استردادها في نفس العام ( ) ، وعاد نور الدين وفرض سيطرته عليها عام 560ه/1164م ( ) وكان قد سار إليها بعد عوده من فتح حارم وأذِن لعسكر الموصل ودياربكر بالعود إلى بلادهم، وأظهر أنه يريد طبريَّة، فجعل من بقي من الفرنج همهم حفظها وتقويتها، فسار نور الدين مجَّداً إلى بانياس لعلمه بقلَّة من فيها من الحماة الممانعين عنها، ونازلها وضيَّق عليها وقاتلها وكان في جملة عسكره أخوه نُصرة الدين أمير أميران، فأصابه سهم أذهب إحدى عينيه، فلما رآه نور الدين قال له : لو كُشف لك عن الأجر الذي أُعِدَّ لك لتمنيت أن تذهب الأخرى ( ) ، ولما فتح نور الدَّين حِصن بانياسِ، كان ولد معين الدين أنُر الذي سلَّم بانياس إلى الإفرنج قائماً على رأسه، فالتفت إليه وقال له : للناس بهذا الفتح فرحة واحدة، ولك فرحتان. فقال : كيف ذاك ؟ قال : لأن الله تعالى اليوم برَّد جلدة والدك من نار جهنم ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق