إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

18 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الرابع : السلطان ملكشاه : ثانياً : اهتمامه بالرعية وشيء من عدله مواقفه :


18

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الرابع : السلطان ملكشاه :

ثانياً : اهتمامه بالرعية وشيء من عدله مواقفه :

1-تفقده للرعية :

زار الأقاليم وتفقد أحوال الرعية واحتياجاتهم بنفسه وبنى المخافر في السبل فانتشر الأمن من حدود الصين إلى البحر المتوسط، ومن جورجيا إلى اليمن جنوباً، وقام بجولة من أصبهان إلى الأنبار ومنها إلى الموصل، ثم سار إلى حلب حيث قضى على بعض أمرائها، وكان وزيره النظام يرافقه في جميع سفراته وجولاته وهو الذي يدبرّ الأمور له  ، وكانت دولته، صارمة، والطرقات في أيامه آمنة، ومع عظمته يقف للمسكين والمرأة والضعيف فيقضي حوائجهم  ، وقد عمّر العمارات الهائلة، وبنى القناطر، وأسقط المكوس، والضرائب وحضر الأنهار الكبار الخَرَاب، وبنى مدرسة أبي حنيفة والسوق وبنى الجامع الذي يقال له : جامع السلطان ببغداد  .

2-تشييعه لركب الحجاج العراقي :

شيَّعَ مرة ركب العراق إلى العُذيَب  ، فصاد شيئاً كثيراً، فبنى هناك منارة القرون من حوافر الوحش وقرونها، ووقف يتأمل الحجاج، فرقّ ونزل وسجد، وعفَّر وجهه وبكى، وقال بالعجمية : بلغَّوا سلامي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقولوا : العبد العاصي الآبق أبو الفتح يخدم ويقول : يا نبي الله ، لو كنت ممّن يصلح لتلك الحضرة المقدسة، كنت في الصحبة، فضجّ الناس وبكوا، ودعوا له  .

3-مناصرة المظلومين :

كانت لملكشاه أفعال حسنة وسيرة صالحة، من ذلك أن فلاحاً أنهى إليه أن غلماناً له أخذوا له حمل بطيَّخ هو رأس ماله، فقال : اليوم أرُدُّ عليك حملك، ثم قال لِقمَّه : أريد أن تأتوني ببطيخ، ففتشوا، فإذا في خيمة الحاجب بطيخ، فحملوه إليه، فاستدعى الحاجب فقال : من أين لك هذا البطيخ؟ قال : جاء به الغلمان. فقال : أحضرهم. فذهب فهَّربهم، فأرسل إليه، فأحضره وسلمّه إلى الفلاح، وقال : خذ بيده، فإنه مملوكي ومملوك أبي، فإياك أن تفارقه، فرّد عليه حمله، فخرج الفلاح يحمله وفي يده الحاجب، فاستفدى نفسه منه بثلاثمائة دينار  .

4-دعاؤه لله أن ينصر الأصلح للمسلمين :

ولما توجًّه لقتال أخيه تكشى، اجتاز بطُوس، فدخل لزيارة قبر عليَّ بن موسى الرَّضا، على زعم بعض المؤرخين ومعه نظام الملك، فلمّا خرَجا قال للنَّظام : بم دعوت ؟ قال : دعوت الله أن يظفَّرك على أخيك. فقال : لكنيَّ قلت : اللهمَّ إن كان أخي أصلح للمسلمين فظفرَّه بي، وإن كنت أصلح لهم فظفَّرني به  . وقد سار ملكشاه هذا بعسكره من أصبهان إلى أنطاكية فما عرف أنَّ أحداً من جيشه ظلم أحداً من رعيتَّهِ  .


5-الستر على أعراض المسلمين :

استعدى إليه تركماني أن رجلاً افتضَّ بكارة ابنته، وهو يريد أن يمكنه من قتله، فقال له : يا هذا إن ابنتك لو شاءت ما مكَّنته من نفسها، فإن كنت لابد فاعِلاً فاقتلها معه، فسكت الرجل، ثم قال الملك : أو خير من ذلك ؟ قال : وما هو ؟ قال : فإنَّ بكارتها قد ذهبت، فزوَّجها من ذلك الرجل وأمهرها من بيت المال كفايتها، ففعل  .

6-واعظ مع ملكشاه :

وحكى له بعض الوعّاظ أنَّ كسرى اجتاز يوماً في بعض أسفاره بقرية منفرداً من جيشه، فوقف على باب دار فاستسقى، فأخرجت إليه جارية إناء فيه ماء قصب السُّكرَّ بالثلج فشرب منه فأعجبه، فقال : كيف تصنعين هذا ؟ فقال : إنَّه سهل علينا اعتصاره على أيدينا، فطلب منها شربة أخرى، فذهبت لتأتيه بها فوقع في نفسه أن يأخذ هذا المكان منهم ويُعَوَّضهم عنه، فأبطأت عليه ثم خرجت وليس معها شيء فقال : مالك ؟ فقالت :كأن نيّة سُلطاننا تغيَّرت علينا، فتعّسَّر علىَّ اعتصاره – وهي لا تعرف أنَه السلطان – فقال : أذهبي فإنك الآن تقدرين، وغير نيتّهَ إلى غيرها، فذهبت، وجاءته بشربة أخرى سريعاً فشربها وانصرف. فقال له ملكشاه : هذه تصلح لي، ولكن قُصَّى على الرعيَّة حكاية كسرى الأخرى حين اجتاز ببُستان، فطلب من ناطوره، عنقوداً من حصرم، فإنه قد أصابته صفراء، وعطش. فقال له الناطور : إنَّ السلطان لم يأخذ حقه منه، فلا أقدر أن أعطيك منه شيئاً. قال : فعجب الناس من ذكاء الملك وحسن استحضاره هذه في مقابلة تلك  .

7-إقامة العدل على الأمراء :

واستعداه رجلان من الفلاَّحين على الأمير خُمارتيكين أنه أخذ منهما مالاً جزيلاً وكسر ثَنِيَّتَهما وقالاً : سمعنا بعد لك في العالم، فإن أقدتنا منه كما أمرك الله وإلا استعدينا عليك الله يوم القيامة، وأخذا بركابه، فنزل عن فرسه وقال لهما : خُذا بكُمَّى فاسْحبَانى إلى دار نظام الملك، فهابا ذلك، فعزم عليهما، ففعلا ما أمرهما به، فلّما علم النظام مجئ السلطان إليه خرج مسرعاً من خيمته، فقال له الملك : إنَّي قلدتك الأمر لتُنصف المظلوم ممَّن ظلمه، فكتب من فوره بعزل خمارتكين وحلَّ أقطاعه وأن يرد إليهما أموالهما وأن يقلعا ثنيَّتيه إن قامت عليه البيَّنة، وأمر لهما الملك من عنده بمائة دينار  .

8-المال مال الله والعباد عبيده : أسقط مّرة بعض المكوس، فقال رجل من المستوفين : يا سلطان العالم إن هذا يعدل ستَّمائة ألف دينار وأكثر. فقال ويحك، إن المال مال الله، والعباد عبيده، والبلاد بلاده، وإنَّما يبقى هذا لي، نازعني في هذا ضربت عنقه  .

9-إني أغار على هذا الوجه الجميل من النار :

غنَّته امرأة حسناء فَطرِب وتاقت نفسه إليها، فهّم بها، فقالت : أيها الملك، إنَّي أغار على هذا الوجه الجميل من النار وبين الحلال والحرام كلمة واحدة، فاستدعى بالقاضي فزوجه بها  .

10-أقمت لك جيشاً يسمى جيش الليل :

كان نظام الملك يهتم بالعلماء والزهاد والمدارس العلمية وينفق عليها الأموال الضخمة تنفق على الأساتذة والطلاب جميعاً، فسعى بالوشاية إلى السلطان ملكشاه خصومه وقالوا له إن النظام ينفق في كل سنة على الفقهاء والصوفية والقراء ثلاثمائة ألف
دينار  ، ولو صرف هذا المال على جيش لرفع رايته على أسوار القسطنطينية، فاستجوب السلطان وزيره فقال له : يا بني أنا شيخ أعجمي لو نودي عليّ لما زادت قيمتي على ثلاثة دنانير، وأنت تركي لتلك تبلغ المائة دينار، وقد أنعم الله عليك وعليّ بواسطتك مالم يعطه أحداً من خلقه، أفلا تعّوضه عن ذلك في حملة دينه وحفظه كتابه بثلاثمائة ألف دينار .. ثم أنك تنفق على الجيوش المحاربة في كل سنة أضعاف هذا المال مع أن أقواهم وأرماهم لا تبلغ رميته ميلاً، ولا يضرب سيفه إلا ما قرب منه، وأنا أقمت لك بهذا المال جيشاً يسمى – جيش الليل – قام بالدعاء إذا نامت جيوشك، فمّدوا إلى الله أكفهم وأرسلوا دموعهم فتصل من دعائهم سهام  ، على العرش لا يحجبها شيء عن الله، فأنت وجيوشك في خفارتهم تعيشون وبدعائهم تثبتون وببركاتهم ترزقون  .. فبكى السلطان وقال : شا باشى يا أبت شاباش بالتركي ومعناه بالعربي : استكثره من هذا الجيش  .

11-زوج الخليفة المقتدي بابنة ملكشاه :

تزوج الخليفة المقتدي بابنته بسفارة شيخ الشافعية أبي إسحاق، وكان عرسها في سنة 480ه وعملت دعوة بجيش السلطان ما سُمع بمثلها أبداً، فمما دخل فيها أربعون ألف مَنَّاً سكراً، فولدت له جعفراً  ، وكان ملكشاه يريد أن يجعل الخلافة العباسية تتحول إلى من أمه ابنته، كما زوج ابنته الأخرى إلى المستظهر العباسي ولم يتمكن من حصر الخلافة والسلطنة في شخص حفيده .

12-وصف جهاز ابنة السلطان ملكشاه وزفتها :

في المحرم نُقل جهاز ابنة السلطان ملكشاه إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملاً مجلّلة بالديباج الرومي، وكان أكثر الأحمال الذهب والفضة وثلاث عمّاريات، وعلى أربعة وسبعين بغلاً مجلَّلة بأنواع الديباج الملكّي، وأجراسها وقلائدها من الذهب والفضة وكان على ستة منها اثنا عشر صندوقاً من فضة لا يقدر ما فيه من الجواهر والحليّ، وبين يدي البغال ثلاثة وثلاثون فرساً من الخيل الرائقة، عليها مراكب الذهب مرصَّعة بأنواع الجواهر، ومهد عظيم كثير الذهب، وسار بين يدي الجهاز سعد الدولة كوهرائين، والأمير برسق، وغيرهما، ونثر أهل نهر مُعلىّ عليهم الدنانير والثياب، وكان السلطان قد خرج عن بغداد متصيّداً، ثم أرسل الخليفة الوزير أبا شجاع إلى تركان خاتون، زوجة السلطان، وبين يديه نحو ثلاثمائة موكبيّة، ومثلها مشاعل، ولم يبق في الحريم دكّان إلا وقد أشعل فيها الشمعة والاثنتان والأكثر من ذلك وأرسل الخليفة مع ظفر خادمة محفة لم يُر مثلها حُسناً وقال الوزير لتركان خاتون : سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين
يقول : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقد أذن في نقل الوديعة إلى داره، فأجابت بالسمع والطاعة، وحضر نظام الملك ومن دونه من أعيان دولة السلطان وكل منهم معه من الشمع والمشاعل الكثير، وجاء نساء الأمراء الكبار ومن دونهم كل واحدة منهن منفردة في جماعتها وتجمّلها وبين أيديهن الشمع الموكبيات والمشاعل يحمل ذلك جميعه الفرسان ثم جاءت الخاتون ابنة السلطان، بعد الجميع في محفة مجللة، عليها من الذهب والجواهر أكثر شيء وقد أحاط بالمحفّة مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة وسارت إلى دار الخلافة وكانت ليلة مشهودة لم يُر ببغداد مثلها  .


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق