إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

164 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام: تاسعاً :الخطوط العريضة لدعوته الإصلاحية: 7- التعاون بين مدارس الإصلاح والدولة الزنكية :


164

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية

المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام:

تاسعاً :الخطوط العريضة لدعوته الإصلاحية:

7- التعاون بين مدارس الإصلاح والدولة الزنكية :


تدل الأخبار المتعلقة بالمدارس الإصلاحية وخصوصاً مدرسة الشيخ عبد القادر أنها لعبت دوراً رئيسياً في إعداد جيل المواجهة للخطر الصليبي في البلاد الشامية ( ). وتدل الإشارات والشواهد التاريخية على أن الطلاب الشاميين كانوا يشكلون مجموعة كبيرة بين الطلاب الذين يفدون من خارج العراق للدراسة في مدرسة عبد القادر، كذلك كانت الشام منطقة جذب لرجالات الدين والمتحمسين لنصرة الإسلام وجهاد الأعداء، وتبدوا مظاهر التعاون بين مدارس الإصلاح والدولة الزنكية في الآتي :

أ- الإسهام في إعداد أبناء النازحين من مناطق الاحتلال الصليبي:

قامت المدرسة القادرية بدور هام في إعداد أبناء النازحين من مناطق الاحتلال الصليبي، فكانت تستقدمهم وتوفر لهم الإقامة والتعليم، ثم تعيدهم إلى مناطق الثغور والمرابطة. ولقد كان هؤلاء الطلاب يعرفون " باسم المقادسة " نسبة إلى مدينة القدس أو بيت المقدس. وكان من بين هؤلاء الطلاب بعضهم الذي اشتهر فيما بعد من ميدان الفقه والسياسة، ويمكن القول أن إرسال هذه البعوث الطلابية إلى بغداد كان سببه أمران : الأول : حاجة الدولة الزنكية إلى نمط معين من القيادات والموظفين والإداريين : والثاني : ما اشتهرت به مدرسة عبد القادر آنذاك من تجسيد لسياسات الإصلاح، ولابد أن إقرار إرسال هذه البعوث نتج عن دراسة ومشورة ( ) ، فقد توثقت الصلات بين الشيخ عبد القادر ونور الدين فكان نور الدين يرسل أبناء المقادسة النازحين من القدس إلى بغداد ليدرسوا في مدرسة الشيخ عبد القادر، ثم يعودوا إلى مناطق الثغور قادة ودعاة ومرشدين، كما كان نور الدين يستقدم مشاهير العلماء الذين تخرجوا من المدرسة القادرية ( )، وكانت المدرسة القادرية، والقيادة الزنكية تعد أبناء النازحين لقيادة حركة الجهاد بدل أن تأتي عليهم حياة التشرد والضياع، أو أن يجدوا طريقهم إلى المدارس العادية التي كانت تُعد الطلاب للوظائف والمصالح الشخصية ويذكر سبط ابن الجوزي في كتابه " مرآة الزمان " أن والد موفق الدين بن قدامه حين نزح من بلاده إلى دمشق كان يقوم بنشاط دائب لحشد الطاقات في مواجهة الاحتلال الصليبي، وأن داره في دمشق كانت ملتقى القيادات الفكرية والسياسية، وأن نور الدين زنكي نفسه كان يداوم على حضور هذه اللقاءات ( ).

ب- هجرة العلماء والعمل في المدارس النورية :

تداعى العلماء وخريجو المدارس الإصلاحية من كل قطر للعمل في المدارس التي أنشأها نور الدين وصلاح الدين. ومن ذلك ما قام به خريجو المدرسة القادرية حيث كان على رأس المهاجرين إلى هناك موسى بن الشيخ عبد القادر الذي قدم إلى دمشق واشتغل بالتدريس حتى وفاته عام 618ه/1221م ( ) . كذلك بنى نور الدين مدرسة في حرّان وأسلمها إلى أسعد بن المنجا بن بركات المتوفى (606ه/1209م) والذي درس على الشيخ عبد القادر ثم عاد إلى الشام، كذلك أسند نور الدين إليه التدريس في المدرسة المسمارية، وأسند إليه القضاء ( ) ، ولقد استمرت ذريته تتناوب التدريس في مدرسته فيما بعد ( ) ، كذلك بنى نور الدين مدرسة أخرى في حرّان أسلمها إلى حامد بن محمود (المتوفى عام 570ه/1174م الذي لازم الشيخ عبد القادر ودرس عليه وكان نور الدين يقبل عليه وله فيه حسن ظن ( ).

ج- المشاركة في الجيش والجهاد العسكري :

وأبرز المدارس التي رفدت هذا الميدان هي المدرسة العدوية وفروعها، التي أسسها الشيخ عدي بن مسافر في جبال هكار، فقد شكل خريجو هذه المدارس من الأكراد الهكارية والروادية جمهرة أمراء الجيش وقادة الفتح وجنوده، ويأتي على رأس هذه الجماعات أسرة صلاح الدين الأيوبي وهي من الأكراد الروادية، وأصلهم من بلدة "دوين" من أعمال أذربيجان والروادية قبيلة كبيرة. ولقد وُلد أيوب والد صلاح الدين في البلدة المذكورة ومنها خرج والده شاذي مع ولديه نجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه إلى بغداد، ومن هناك نزلوا تكريت حيث مات الوالد شاذي، وولد الحفيد صلاح الدين، ثم لم يلبث الأخوان أن رحلا والتحقا بخدمة عماد الدين زنكي ( ) وأما الأكراد الهكارية فقد شكّلوا فيما بعد أمراء جيش صلاح الدين وقادته ومن أشهرهم الأمير سيف الدين المشطوب الهكاري الذي لم يكن في أمراء الدولة أحد يضاهيه في المنزلة وكانوا يسمونه الأمير الكبير توفي في القدس عام 588ه وقد وصف القاضي الفاضل موته بأنه : تهدم به بنيان قوم والدهر قاض ما عليه لوم ( )، ويأتي تفصيل ذلك عند حديثنا عن الدولة الأيوبية بإذن الله تعالى.

س- المشاركة في ميادين السياسة :

اشتغل نفٌر من تلاميذ المدرسة القادرية مع نور الدين ثم صلاح الدين في السياسية ولعب بعضهم أدواراً في غاية الخطورة، ومن الأمثلة على ذلك أسعد بن المنجا بن بركات فقد أشار ابن رجب بالإضافة إلى عمله في التدريس والقضاء أنه كان له اتصال بالملوك وخدمة السلاطين ( ) وكذلك علي بن برداون بن زيد الكندي الذي حظي عند السلطان نور الدين ( )، ويشابههما حامد بن محمود الحراني الذي صحب عبد القادر ودرس عليه، وعندما انتهى من الدراسة ذهب إلى دمشق حيث اتصل بنور الدين فولاّه التدريس والقضاء والمظالم في حران ويذكر ابن رجب أنه " رحل إلى بغداد ونزل بمدرسة الشيخ عبد القادر وجاء إلى دمشق في حوائج إلى نور الدين ( )، وكذلك زين الدين علي بن إبراهيم بن نجا الواعظ الأنصاري الدمشقي الذي وصف لقاء بالشيخ عبد القادر فقال : فاشتغلت عليه بالعلم، ففتح الله عز وجل علي في سنة بما لم يفتح على غيري في عشرين سنة وتكلمت ببغداد ( ) ولقد قدر لابن نجا هذا أن يكون من رجال صلاح الدين ومستشاريه وقد أرسله الشيخ عبد القادر الجيلاني للشيخ عثمان بن مرزوق القرشي قائد المعارضة السنية بمصر وشيخ المدرسة الإصلاحية في مصر وقد قام ابن نجا بدور خطير وهام في زحف جيش نور الدين إلى مصر انتهى بفتحها وتوحيدها مع الشام، فلو تتبعنا مسيرة ابن نجا هذا بعد أن استأذن عبد القادر بالرحيل إلى مصر لوجدناه يتوجه إلى دمشق، ويستقر بها مدة ليست قصيرة حيث اشتغل بالوعظ والتدريس، ثم وفد إلى بغداد عام 564ه/1168م رسولاً لنور الدين حيث خلع عليه الخليفة وبعد ذلك مباشرة يدخل مصر ويتصل بالخلافة الفاطمية وينال الحظوة عند حكّام الدولة الفاطمية ( ) ويذكر ابن رجب أن ابن نجا الواعظ زار الشيخ عثمان بن مرزوق القرشي المتحمس لعبد القادر وساله عن إمكانية قدوم أسد الدين شيركوه إلى مصر. فكان جواب الشيخ هو المشورة بالانتظار مدة وكل محاولة سريعة لابد وأن تفشل " فجري الأمر كما ذكر ( ) وكان الشيخ عثمان يرأى أن يسبق غزو شيركوه لمصر مزيد من تهيئة الأجواء العامة لاستقباله بما يشيعه زعماء التصوف السني والوعاظ عن الخير الذي سيصحب قدومه، وأما عن خطوة بن نجا في بلاط الفاطميين، فكانت من ضمن الخطة التي استهدفت اختراق البلاط الفاطمي لمعرفة مواطن الضعف والقوة عندهم، ودعم التعبئة والفكرية، التي كان يقودها أمثال الشيخ عثمان بن مرزوق، لأن ابن نجا قد قام بنفس الدور الاستطلاعي في مناسبة تالية ( ) ، وتبدو أهمية الدور الذي لعبه زين الدين بن نجا في كشفه لمؤامرة الفاطميين ضد صلاح الدين عام 569ه/1173م وسيأتي الحديث عنها بإذن الله عن بيان فقه نور الدين زنكي في إسقاط الدولة الفاطمية.




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق