132
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية
المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام:
ثالثاً:من آراء الشيخ عبد القادر الجيلاني الاعتقادية:
6- من أنواع العبادة :
أ- الدعاء :
من أعظم أنواع العبودية الدعاء والالتجاء لله تعالى لأن معاني العبادة والخضوع والتذلل والفقر والاحتياج تبدو واضحة جلية في الدعاء والدعاء لا يكون إلا لله وحده، ولذلك توعد الله المستكبرين عن دعائه بالدخول في النار وبئس القرار ( ) قال عز وجل : " وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ( ) " وقد ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله – بعض الآداب التي يجب مراعاتها عند الدعاء فقال : والأدب في الدعاء أن يمد يديه ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل حاجته ( ).
ب- التوكل :
وهو أصل من أصول العبادة وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال عز وجل " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون " (الأنفال ، آية : 2) وقد عرف الشيخ عبد القادر حقيقة التوكل بقوله : حقيقته الإخلاص وحقيقة الإخلاص ارتفاع الهمة عن طلب الأعواض على الأعمال وكذلك التوكل هو الخروج من الحول والقوة مع السكون إلى رب الأرباب ( ) وهو يعنى بذلك عدم الاعتماد على حول الإنسان وقوته وإمكانياته وإنما يعتمد ويسكن إلى ربه تبارك وتعالى وحوله وقوته ولكن لا يعني بذلك ترك الأسباب وعدم الأخذ بها بل يدعوا إلى إعطاء الأسباب حقها وذلك بالأخذ بها وعدم تجاهلها، ثم التوكل بعد ذلك على الله سبحانه حيث يقول : إعط السبب حقه وتوكل واقعد على باب العمل ( ) . وذلك أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله عز وجل، فإن الله عز وجل كما أمر بالاعتماد عليه والتوكل عليه وحده أمر بالأخذ بالأسباب فقال مخبراً عن عيسى بن مريم وهو يخاطب أمه : " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رُطباً جنيّاً " (مريم ، آية : 25) إذ كان في قدرته سبحانه أن ينزل الرطب من غير أن تقوم مريم بهز الجذع ( ) ، وأيضاً أخبر – عز وجل – أن يعقوب – عليه السلام – قال لبنيه : " لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون " (يوسف، آية : 67) فمع توكله على الله – عز وجل – أمر أولاده بالأخذ بالسبب وهو التفرق عند الدخول حتى لا يصابوا بالعين الحاسدة ( )، أو يلفتوا الانتباه عند دخول مصر. وعند الترمذي من حديث أنس بن مالك أن رجلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل ؟ قال صلى الله عليه وسلم : إعقلها وتوكل ( ).
ج- الخوف والرجاء :
وهذان من أنواع العبادة التي أمر الله بها وأثنى على المؤمن المتحلي بها قال عز وجل في الخوف " ولمن خاف مقام ربه جنتان " (الرحمن، آية : 46) وقال في الرجاء " إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم " (البقرة ، آية :218). وقد تحدث الشيخ عبد القادر عن الخوف والرجاء فقال : من غلب رجاؤه خوفه تزندق، ومن غلب خوفه رجاؤه قنط والسلامة في اعتدالهما ( ) ، وهذا الاعتدال يوافق ما قاله الإمام أحمد بن حنبل" ينبغي للمؤمن أن يكون رجاؤه وخوفه واحداً ( ) وأما حجم الخوف وقدره فيحدده ابن القيم – بأنه : ما حال بين صاحبه وبين محارم الله – عز وجل - فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط، ويذكر أنه سمع ابن تيمية يقول : الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله ( )، وعن الرجاء يؤكد ابن القيم – أن " من رجا شيئاً استلزم رجاؤه ثلاثة أمور : الأول محبة ما يرجوه والثاني خوفه من فواته والثالث سعيه في تحصيله بحسب الإمكان، وأن الرجاء الذي لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء والأماني شيء آخر، فكل راج خائف، والله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن ( ) .
س- ما ينقض التوحيد :
ولقد دعا الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى التوحيد وحذَّر من الوقوع في الشرك في حملة وصاياه فقال : وحدوا ولا تشركوا ( ) وقال في توجيه آخر : أخلصوا ولا تشركوا وحدوا الحق – عز وجل – وعن بابه لا تبرحوا سلوه ولا تسألوا غيره، واستعينوا به ولا تستعينوا بغيره، توكلوا عليه ولا تتوكلوا على غيره ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق