133
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية
المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام:
ثالثاً:من آراء الشيخ عبد القادر الجيلاني الاعتقادية:
7- توحيد الأسماء والصفات :
وأشار الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى هذا التوحيد بقوله : إنفوا ثم أثبتوا، إنفوا عنه مالا يليق به، وأثبتوا له ما يليق به، وهو مارضيه لنفسه ورضيه له رسوله صلى الله عليه وسلم إذا فعلتم هذا زال التشبيه والتعطيل من قلوبكم ( ) وقال رحمه الله : ولا نخرج عن الكتاب والسنة نقرأ الآية والخبر ونؤمن بها فيهما ونكل الكيفية إلى علم الله ( ) . فاشتمل كلامه – رحمه الله على الأسس الثلاثة التي يقوم عليها منهج أهل السنة والجماعة في إثبات الأسماء والصفات وهي :
* إثبات الأسماء والصفات.
* تنزيه الله عز وجل عن مشابهة خلقه.
* الاعتراف بالعجز عن إدراك الكيفية ( ).
أ- الصفات الذاتية :
وهي الصفات المتعلقة بذات الباري سبحانه – ولا تتعلق بالمشيئة والاختيار بل لا تنفك عن الرب – عز وجل – بحال من الأحوال باعتبارها من لوازم الذات الإلهية ومنها ( ).
- اليدان : من الصفات الثابتة لله عز وجل وقد أشار الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى ثبوت هذه الصفة لله سبحانه فقال : له يدان وكلتا يديه يمين قال عز وجل : والسموات مطويات بيمينه " (الزمر ، آية : 67) وروى نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه سلم على المنبر والسموات مطويات بيمينه يرمي بها كما يرمي الغلام بالكرة ثم يقول : أنا العزيز، فلقد رأيت رسول الله يتحرك على المنبر حتى كاد يسقط ( ).
- صقة القَدمَ :
من الصفات الذاتية التي وردت بها الأدلة الصحيحة صفة القدم لله عز وجل – والشيخ عبد القادر الجيلاني يثبت لله هذه الصفة فيقول : ويضع قدمه في جهنم فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط ( )، وهو بهذا يشير إلى الأحاديث الصحيحة التي جاء ذكر القدم فيها منها عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول قط قط وعزتك ويزوي بعضها إلى بعض ( ) . وقد تلقى علماء أهل السنة والجماعة هذه الأحاديث الصحيحة بالقبول وأمروُّها كما جاءت ولم يخوضوا في الكيفية ( ).
- صفة الأصابع : يثبت الشيخ عبد القادر الجيلاني الأصابع لله عز وجل لورود الأدلة الصحيحة بشأنها فيقول : وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ( ) . وعلى هذا الإثبات درج علماء أهل السنة والجماعة كعادتهم في إثبات ما جاء في الكتاب والسنة من الصفات على ما يليق بجلال الله عز وجل – من غير تكييف ولا تمثيل ( ).
- صفة العلو :
من صفات الكمال للذات الإلهية صفة العلو وهي فرع من توحيد الأسماء والصفات والله سبحانه متصف بالعلو المطلق من جميع الوجوه ذاتاً وقدراً وقهراً ( )، والشيخ عبد القادر الجيلاني يثبت هذه الصفة فيقول : وهو بجهة العلو مستو على العرض محتوي على الملك محيط علمه بالأشياء " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " (فاطر، آية : 10) " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " (السجدة ، آية : 5) ( ).
ب - الصفات الفعلية :
وهي التي تتعلق بمشيئة الله وإرادته سبحانه بحيث إن شاء الرب – عز وجل فعلها وإن شاء لم يفعلها وكل صفة فعلية فهي صفة ذاتية من جهة قدرة الرب – عز وجل – على فعلها في أي وقت شاء ومن هذه الصفات :
- الاستواء : أخذ الشيخ عبد القادر الجيلاني في مسألة الإستواء بالمعنى الذي أثبته النص القرآني من غير تأويل ولا تعطيل ( )، حيث قال : وينبغي إطلاق صفة الإستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرض لا على معنى العلو والرفعة كما قالت الأشعرية ولا على معنى الاستيلاء والغلبة كما قالت المعتزلة؛ لأن الشرع لم يرد بذلك ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق ( ) وقد استدل - رحمه الله - على ذلك بما روي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها - في قوله - عز وجل - : " الرحمن على العرش استوى " (طه، آية : 5) قالت : الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإقرار به واجب والجحود به كفر. وقد اسنده مسلم بن الحجاج عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيحه( )، وكذلك في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ( ).
- صفة النزول :
من الصفات الثابتة لله - عز وجل - صفة النزول من غير تكييف ولا تمثيل بل على وجه يليق بجلال الله لا يعلمه إلا هو القائل : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " الشوري، آية : 11).
والشيخ عبد القادر الجيلاني كعادته في إثبات الصفات يثبت هذه الصفة وينفي أن تكون نزول رحمته وثوابه ( )... فيقول : وأنه تعالى ينزل في كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء، وكما شاء فيغفر لمن أذنب وأخطأ وأجرم وعصى لمن يختار من عباده ويشاء، تبارك وتعالى العلي الأعلى لا إله إلاّ هو له الأسماء الحُسنى لا بمعنى نزول رحمته وثوابه على ما أدعته المعتزلة، والأشعرية ( ) . وقد استدل أهل السنة على ذلك بالأدلة الصريحة الصحيحة والتي منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ( ).
صفة الكلام : صفة الكلام صفة ذات ، باعتبار نوع الكلام وصفة فعل باعتبار تعلقها بإرادة الله عز وجل ومشيئته فهو سبحانه لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء يتكلم بصوت يُسمع، يسمعه من شاء من خلقه سمعه موسى عليه السلام من غير واسطة، وسمعه من أذن له من ملائكته ورسله وسيسمعه المؤمنون في الآخرة ممن سبقت لهم من الله الحسنى نرجو أن نكون منهم والشيخ عبد القادر الجيلاني يقرر ثبوت هذه الصفة لله سبحانه ويصف من ينكر ذلك بالابتداع فيقول وهو يخاطب المبتدعة ( ) : يا مبتدع : ما يقدر أن يقول أنا الله إلاَّ الله. ربنا عز وجل متكلم ليس بأخرس ولهذا أكَّد الله عز وجل الأمر في كلامه لموسى فقال : " وكلم الله موسى تكليما " ( ) (النساء، آية : 164).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق