إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 5 يوليو 2014

130 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الرابع المدارس النظامية في عهد السلاجقة المبحث الثالث : الإمام أبو الحسن الأشعري : خامساً : جهود الأشاعرة في الدفاع عن الكتاب والسنة :


130

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الرابع

المدارس النظامية في عهد السلاجقة

المبحث الثالث : الإمام أبو الحسن الأشعري :

خامساً : جهود الأشاعرة في الدفاع عن الكتاب والسنة :

كان للأشاعرة جهود الأشاعرة جهود مشكورة في الدفاع عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أشار إلى هذه الجهود ابن تيمية في كتبه حيث :

1-وصفهم بأنهم من أهل السنة في مقابل المتعزلة والرافضة : يقول ابن تيمية : وإن كان في كلامهم من الأدلة والصحيحة وموافقة السنة مالا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهم يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم  ، ويلاحظ وصفه لهم بأنهم هم أهل السنة في البلاد التي يغلب فيها أهل البدعة من الرافضة والمعتزلة وهذا منتهى الإنصاف والاعتراف  . وذكر عنهم بن تيمية بأنهم من المتكلمين : المنتسبين إلى السنة  . ويصنفهم مع بقية أهل السنة  .

2-ردودهم على الباطنية والملاحدة وغيرهم : فالباطنية لما استفحل أمرهم كان لهم علماء أهل السنة بالمرصاد ومن أبرز علماء السنة الذين فضحوهم علماء الأشاعرة  ، يقول
ابن تيمية : وكانت الرافضة والقرامطة – علماؤها وأمراؤها – قد استظهرت في أوائل الدولة السلجوقية، حتى غلبت على الشام والعراق، وأخرجت للخليفة القائم ببغداد إلى تكريت وجسوه بها في فتنة البساسيري المشهورة فجاءت بعد ذلك السلجوقية حتى هزموهم وفتحوا الشام والعراق وقهروهم بخراسان وحجروهم بمصر، وكان في وقتهم من الوزراء مثل " نظام الملك "، ومن العلماء مثل أبي المعالي الجويني، فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك، وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه كأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي ونحوهما لا يعظمون إلا بموافقة السنة، والحديث  ، والوزير نظام الملك هو صاحبنا الذي تحدثنا عنه فيما مضى ويعتبر من أبرز من نصر مذهب الأشعري من خلال المدارس النظامية التي أنشاها في أنحاء متفرقة من العراق وخراسان، وهو يذكر فضله فيما قام به من دعم للسلاجقة السنة في مقابل البويهيين الشيعة  . والدولة الفاطمية العبيدية ودعاتها.

3-دفاعهم عن السنة وردودهم على أهل البدع : يقول ابن تيمية بعد كلام طويل عن الأشاعرة : ثم إنه ما من هؤلاء إلا له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين مالا يخفى على من عرف من أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء من المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخير الأمور أوساطها، وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين والله يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاَّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "  (الحشر ، آية : 10).

 وفي موضع آخر يذكر ما لهؤلاء من حسنات، فإنها إما موافقة لأهل السنة، أورد على أهل البدعة. 

فيقول : ولم يتبع أحد مذهب الأشعري ونحوه إلا لأحد هذين الوصفين أو كليهما، وكل من أحبه وانتصر له من المسلمين وعلمائهم فإنه يحبه وينتصر له بذلك، فالمصنف في مناقبه، الدافع للطعن واللعن عنه – كالبيهقي والقشيري أبي القاسم، وابن عساكر
الدمشقي – إنما يحتجون لذلك بما بقوله من أقوال أهل السنة والحديث، أو بما رد من أقوال مخالفيهم.

لا يحتجون له عند الأمة وعلمائها وأمرائها إلا بهذين الوصفين، ولولا أنه كان من أقرب بني جنسه إلى ذلك لألحقوه بطبقته الذين لم يكونوا كشيخه الأول أبي علي، وولده أبي هاشم، لكن كان له من موافقة مذهب السنة والحديث في الصفات والقدر، والإمامة، والفضائل، والشفاعة، والخوض، والصراط والميزان، وله من الردود على المعتزلة والقدرية، والرافضة، والجهمية، وبيان تناقضهم ما أوجب أن يمتاز بذلك عن أولئك، ويعرف له حقه وقدره " قد جعل الله لكل شيء قدراً " (الطلاق ، آية : 3). وبما وافق فيه السنة والحديث صار من القبول والإتباع ما صار، لكن الموافقة التي فيها قهر المخالف وإظهار فساد قوله هي من جنس المجاهد المنتصر، فالراد على أهل البدع مجاهد  .

4-جهودهم في كسر سورة المعتزلة والجهمية : وللأشاعرة جهود في كسر سورة المعتزلة والجهمية، يقول ابن تيمية عن أعلامهم كابن مجاهد والباقلاني والأسفريين وابن فورك : وصار هؤلاء يردون على المعتزلة ما رده عليهم ابن كلاب والقلانسي، والأشعري وغيرهم من مثبتة الصفات، فيبينون فساد قولهم بأن القرآن مخلوق وغير ذلك، وكان في هذا من كسر سورة المعتزلة والجهمية ما فيه ظهور شعار السنة، وهو القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى في الآخرة، وإثبات الصفات والقدر وغير ذلك من أصول السنة  ، وفي موضع آخر يذكر مارده الأشعرية، من بدع المعتزلة والرافضة والجهمية وغيرهم، وبينوا من تناقضهم، وعظموا الحديث والسنة ومذهب الجماعة، فحصل بما قالوه من بيان تناقض أصحاب البدع الكبار وردهم ما انتفع به خلق كثير  ، وكان ابن تيمية رحمه الله يرى أن لهم حسنات وفضائل وسعياً مشكوراً : وخطؤهم بعد الاجتهاد مغفور  .

5-إنصاف ابن تيمية لأعلام الأشاعرة يرحمهم الله جميعاً : أنصف ابن تيمية أعلام الأشاعرة، وعلى الرغم من مناقشاته الشديدة لهم إلا أنه ذكر ما عندهم من إيجابية ومالهم من جهود عظيمة في خدمة الإسلام والدفاع عنه، ويعتمد منهج ابن تيمية في ذلك على أمرين :

أحدهما : أن القاعدة عنده التي يطبقها على الأشاعرة وغيرهم هي التفريق بين العقيدة المسيطرة في الكتب وبين أصحابها، فهو يحكم على ما هو مدون أو منقول من عقائد هؤلاء وأدلتهم ومناقشاتهم، ويبين ما في ذلك من خطأ أو صواب، فإذا ما وصل في الحديث إلى الشخص نفسه، صاحب العقيدة فإنه ينظر إليه نظرة أخرى مبنية على.

أنه قد يكون صادقاً في خدمته للإسلام، ولا يحمل غشاً لأهله ولذلك فهو لا يتعمد الكذب والافتراء.
أنه مجتهد، وأن هذا الذي قاله هو مبلغ علمه، أو أنه كان مقلداً لغيره من هذه المسائل.
ما مات عليه هذا الظلم، فقد يكون ممن رجع وتاب، وصرح بذلك أو أنه في آخر عمره رضي مسلك أهل الحديث.

والثاني : أن لهؤلاء الأعلام – على أخطائهم – جهود لا تنكر في الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن العقيدة، والرد على أعدائها من الملاحدة والمتفلسفة والرافضة وغيرهم، وهي جهود تكون في موازينهم يوم القيامة ولا يحرمون أجرها عند الله تعالى  .

‌أ-موقف ابن تيمية من أبي الحسن الأشعري : دافع ابن تيمية عن شيوخ الأشاعرة – وعلى رأسهم ابن كلاب – وكثيراً ما يقرن الأشعري بابن كلاب والكلابية، فيقول مثلاً : لهذا كان المتكلمة الصفاتية كابن كلاب والأشعري وابن كرام خيراً وأصح طريقاً في العقليات والسمعيات من المعتزلة، والمعتزلة خيراً وأصح طريقاً في العقليات والسمعيات من المتفلسفة، وإن كان في قول كل من هؤلاء ما ينكر عليه وما خالف فيه العقل والسمع، ولكن من كان أكثر صواباً وأقوم قيلا كان أحق بأن يقدم على من هو دونه تنزيلاً وتفصيلاً  . وأما كلامه عن أبي الحسن الأشعري فقد دافع عنه وذكر أنه : ابتلى بطائفتين، طائفة تبغضه وطائفة تحبه، كل منهما يكذب عليه، ويقول : إنما صنف هذه الكتب تقية وإظهاراً لموافقة أهل الحديث والسنة من الحنبلية وغيرهم، وهذا كذب على الرجل فإنه لم يوجد له قول باطن يخالف الأقوال التي أظهرها ولا نقل أحد من خواص أصحابه ولا غيرهم عنه ما يناقض هذه الأقوال الموجودة في مصنفاته، فدعوى المدعي أنه كان يبطن خلاف ما يظهر دعوى مردودة شرعاً وعقلاً، بل من تدبر كلامه في هذا الباب – في مواضع تبين له قطعاً أنه كان ينصر ما أظهره ولكن الذين يحبونه ويخالفونه في إثبات الصفات الخبرية، يقصدون نفي ذلك عنه لئلا يقال : إنهم خالفوه، مع كون ما ذهبوا إليه من السنة قد اقتدوا فيه بحجته التي على ذكرها يعولون، وعليها يعتمدون، والفريق الآخر : دافعوا عنه لكونهم رأوا المنتسبين إليه لا يظهرون إلا خلاف هذا القول، ولكونهم اتهموه بالتقية، وليس كذلك، بل هو انتصر للمسائل المشهورة عند أهل السنة التي خالفهم فيها المعتزلة كمسألة الرؤية، والكلام، وإثبات الصفات، ونحو ذلك، لكن كانت خبرته بالكلام مفصلة، وخبرته بالسنة مجملة  ، كما ذكر أن الأشعري كان ينتسب إلى الإمام أحمد، وإنه أقرب إليه من بعض الحنابلة، يقول : وكان الأشعري أقرب إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وأهل السنة من كثير من المتأخرين المنتسبين إلى أحمد الذين مالوا إلى بعض كلام المعتزلة كابن عقيل وصدقة بن الحسين، وابن الجوزي وغيرهم  . ويقول : والأشعري كان من أجل المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد – رحمه الله – ونحوه المنتصرين لطريقه، كما يذكر الأشعري ذلك في كتبه .. (ثم يقول) وأما الأشعري فهو أقرب إلى أصول أحمد من ابن عقيل وأتبع لها، فإنه كلما عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول .. ويقول : ولما أظهرت كلام الأشعري – ورآه الحنابلة – قالوا : هذا خير من كلام الشيخ الموفق ... "  . ويذكر أيضاً أن الأشعري أخذ مذهب أهل الحديث والسنة من شيخه المشهور زكريا بن يحي الساجي  ، كما ذكر ما تميز به الأشعري من حرص على نصرة مذهب أهل الحديث يقوله عنه : وهو دائماً  ينصر في المسائل التي فيها النزاع بين أهل الحديث وغيرهم قول أهل الحديث  ، وذكر أنه بين طريقة السلف في أصول الدين، واستغنائها عن الطريقة الكلامية، كطريقة الإعراض ونحوها وإن القرآن نبه على الأدلة، ليس دلالته – كما يظنه بعض أهل الكلام – من جهة الخبر فقط، وأين هذا من أهل الكلام الذين يقولون : إن الكتاب والسنة لا يدلان على أصول الدين بحال، وإن أصول الدين تستفاد بقياس العقل المعلوم من غيرهما  ، ويذكر ابن تيمية أن الأشعري من مثبتة الصفات الخبرية، ويرد على الذين يزعمون أن له فيها قولين : يقول : وأما الأشعري نفسه وأئمة أصحابه فلم يختلف قولهم في إثبات الصفات الخيرية، وفي الرد على من يتأولها، كمن يقول : استوي بمعنى استولى، وهذا مذكور في كتبه كلها كالموجز الكبير والمقالات الصغيرة، والكبيرة، والإبانة، وغير ذلك، وهكذا نقل سائر الناس عنه، حتى المتأخرون كالرازي والأمدي، ينقلون عنه إثبات الصفات الخيرية، ولا يحكون عنه في ذلك قولين. فمن قال : إن الأشعري كان ينفيها، وإن له في تأويلها قولين فقد افترى عليهن ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبي المعالي ونحوه، فإن هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة  ، كما دافع عن الأشعري فيما نسب إليه من أنه يقول : إن الله لم يكن قادراً على الفعل في الأزل. وبين ابن تيمية أن : من يبغض الأشعري ينسب إليه هذا لتنفر عنه قلوب الناس  ، وكثيراً ما يشير ابن تيمية إلى أنه أقرب إلى السلف من كثير ممن أتى
بعده  . وكثيراً ما ينقل من كتب الأشعري ويستشهد بأقواله  .

‌ب-موقف ابن تيمية من الباقلاني : يرى ابن تيمية أن الباقلاني فحل الطائفة الأشعرية، ويقول عنه إنه : أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله، ولا قبله ولا بعده  ، ويذكر عنه أنه : أكثر إثباتاً بعد الأشعري في الإبانة  ، وقد امتدحه كثيراً في ردوده على الباطنية، ومواقفه العظيمة من النصارى  .

‌ج-موقف ابن تيمية من الجويني : وأما الجويني فيدافع عنه على الرغم من كونه ممن مال إلى المعتزلة أكثر ممن سبقه من الأشاعرة، وبعدأن نقل عنه الأقوال في الكلام ونسبته إلى أهل السنة ما ليس من مذهبهم  ، رد عليه ابن تيمية وقال : وأبو المعالي وأمثاله أجل من أن يتعمد الكذب، لكن القول المحكي قد سمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم .ويحتج بأقواله ويصححها في معرض ردوده على الجهمية  ، وابن رشد  .

‌د-ثناء ابن تيمية على الغزالي : ومع أن ابن تيمية نقد الغزالي كثيراً وفي مناسبات مختلفة، ونقل ردود العلماء عليه، إلا أنه أنصفه ومدحه وذلك من خلال :

?بيانه أن الغزالي لا يتعمد الكذب، ولذلك لما نسب إلى الإمام أحمد أنه يقول بالتأويل رد عليه ابن تيمية بأنه :

نقله عن المجهول لا يعرف وذلك المجهول أرسله إرسالاً عن أحمد، ولا يتنازع من يعرف أحمد وكلامه أن هذا كذب مفترى عليه، ونصوصه المنقولة عنه بنقل الثقاب الأثبات، التواتر عنه برد هذا الهذيان الذي نقله عنه، بل إذا كان أبو حامد ينقل عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعن الصحابة والتابعين من الأكاذيب مالا يحصيه إلا الله، فكيف ما ينقله عن مثل أحمد. ثم يعقب ابن تيمية مدافعاً عن الغزالي : ولم يكن ممن يتعمد الكذب، فإنه كان أجل قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء، وطلباً للعلم وبحثاً عن الأمور، ولما قاله كان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين لكن كونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه لا سيما مع هذا الأصل، إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها  .

?يعترف للغزالي بجهوده في ردوده على الفلاسفة : ويمتدحه كثيراً في ذلك، ولما احتج الفلاسفة على نفي الصفات بالتركيب وما يلزم رد عليهم الغزالي ووافقه ابن تيمية فقال : ما ذكره أبو حامد مستقيم مبطل لقول الفلاسفة، وما ذكره ابن رشد إنما نشأ من جهة ما في اللفظ من الإجمال والاشتراك  . ثم قال مناقشاً ابن رشد : وهذه الطريق التي سلكها أبو حامد عن احتجاجهم بلفظ المركب جواب  صحيح  ، ويقول ابن تيمية عن ابن رشد : وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت رداً أخطأ في كثير منه، والصواب مع أبي حامد ... وقد تكلمت على ذلك وبينت تحقيق ما قاله أبو حامد في ذلك من الصواب الموافق لأصول الإسلام، وخطأ ما خالفه من كلام ابن رشد وغيره من الفلاسفة، وإن ما قالوه من الحق الموافق للكتاب والسنة لا يرد، بل يقبل، وما قصر فيه أبو حامد من إفساد أقوالهم الفاسدة، فيمكن رده بطريق أخرى يعان بها أبو حامد على قصده الصحيح  ، كما امتدح ابن تيمية ردود الغزالي على الفلاسفة في مسألة إثبات الصانع ونقل ما ذكره من الطعن في طريقة ابن سينا وأمثاله، ثم يقول ابن تيمية معقباً : وهذا الوجه الذي ذكره أبو حامد أحسن فيه، وكنت قد كتبت على توحيد الفلاسفة ونفيهم الصفات كلاماً بينت فيه فساد كلامهم في طريقة التركيب قبل أن أقف على كلام أبي حامد، ثم رأيت أبا حامد قد تكلم بما يوافق ذلك الذي كتبته  .

?ذكره لرجوعه في آخر عمره إلى الحديث وأنه مات وهو يشتغل بالبخاري ومسلم  ، ويذكر أنه رجع : واستقر أمره على التلقي من طريقة أهل الحديث، بعد أن أيس من نيل مطلوبه من طريقة المتكلمين والمتفلسفة والمتصوفة أيضاً  . هذه بعض مواقف ابن تيمية الإيجابية من الأشاعرة وفيها من بيان الحق والإنصاف ما يشهد له بالأمانة، وكان رحمه الله يناقش الأشاعرة، ويبين لمن أخطأ منهم خطأه بعلم وإنصاف.

ومن الفائدة أن نقول إن كان تراث الإمام الشافعي وأبي الحسن الأشعري قامت على أسسه المدارس النظامية في العهد السلجوقي، فإن تراث ابن تيمية قامت عليه حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتأثرت به كثير من الحركات المعاصرة والعلماء وطلاب العلم والدعاة



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق