110
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية
المبحث السادس:أهمية التربية والتعليم في النهوض الحضاري:
ثانياً :فئات الطلاب:
1- طلاب المرحلة الأولى :
اهتم الحكام الزنكيون وبعض الموسرين في الدولة الزنكية بإنشاء الكتاتيب لتعليم صغار المسلمين القرآن الكريم، ومبادئ الدين الإسلامي، وطرقاً من العلوم الأولية البسيطة مثل : الكتابة، والحساب، وما يُستحسن من الأشعار وقد ذكر ابن العربي الذي زار بلاد الشام في بداية القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) أن : للقوم في التعليم سيرة بديعة، وهو أن الصغير منهم إذ عقل، بعثوه إلى المكتب ( ) وقد حدد ابن الجوزي المتوفى سنة 597ه/1201م بقوله : ومتى اعتدل المزاج وتكامل العقل، أوجب ذلك يقظة الصبي، فإذا بلغ خمس سنين أخد يحفظ العلم ( ) وأما المدة التي كان يقضيها الطفل في الكُتّاب فهي أيضاً تختلف باختلاف استعداد الطفل ومدى قابليته للتعلم، وإمكانياته في الانتقال إلى المرحلة التعليمية التالية على أن هناك بعض الأشارات التي تحدد مدة الدراسة بالكتّاب بسن البلوغ فقد أشارت بعض المصادر إلى أن الصبي إذا بلغ سن البلوغ ترك المكتب وهذه تتراوح مابين الثانية عشر والخامسة عشر ( ) وكانت أيام التعليم في الغالب خمسة أيام ونصف اليوم : السبت والأحد والاثنين والثلاثاء، والأربعاء : وصبحة الخميس حيث كان بقية يوم الخميس، وطوال الجمعة عطلة الراحة، بالإضافة إلى أيام عيد الفطر الثلاثة وأيام عيد الأضحى الخمسة وبعض المناسبات العامة ( ) وأما من حيث منهج الدراسة في المرحلة الأولى فتعلم أقرب المصادر للعهد الزنكي التي توضح منهج التعليم في هذه المرحلة هو كتابة نهاية الرتبة في طلب الحسبة لعبد الرحمن بن نصر الشيزري المتوفي سنة 589ه/1193م الذي وصف حال تعليم الصبيان في ذلك العهد، وما ينبغي للمعلم اتخاذه تجاه تعليمهم وطريقته ومن ذلك قوله : وأول ما ينبغي للمؤدب أن يعلم الصبي السور القصار من القرآن بعد حذقه بمعرفة الحروف وضبطها بالشكل، ويُدرّجه في ذلك حتى يألفه طبعه ثم يعرفه عقائد أهل السنة والجماعة، ثم أصول الحساب، وما يستحسن من المراسلات والأشعار دون سخيفها ومسترذلها ( ) ولم تقتصر الحياة التعليمية في الكتاتيب على تعليم الصبية الكتابة والقراءة وتحفيظهم القرآن فحسب، بل تعداه إلى أن يقوم المعلم بتأديب الصبيان وتعويدهم الآداب الحسنة ( ) وقد شبه الإمام الغزالي المعلم الذي يُربي الصبية ويهديهم الأخلاق الفاضلة بالرفق واللين، ويبعدهم من السقوط بالمهالك والشرور بالفّلاح الذي يقطع الشوك ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع ليحسن نباته ويكمل ريعه ( ) ، وقد تعددت وسائل التحصيل وأساليب التعليم في الكتاتيب على النحو الآتي : في السنوات الأولى من هذه المرحلة يهتم المؤدب بتعليم الأطفال السور القصار من القرآن الكريم وكانت وسيلته في ذلك أسلوب التلقين، بمعنى أن المعلم كان يقرأ وعلى الصبي أن يكرر ما يقرأه معلمه من فقرات إلى أن يتم حفظها وهكذا يستمر معه وقد أكد بن جبُير اشتهار هذه الطريقة في البلاد الزنكية التي زارها بقوله : وتعليم الصبيان للقرآن بهذه البلاد المشرقية كلها إنما هو تلقين ( ) ويذكر ابن جبير عند الحديث عن تعليم الصبيان في دمشق أن سور القرآن لم تستعمل في تعليم الأطفال الكتابة، وإنما استعملت أبيات من الشعر لهذا الغرض، وأن تعليم القرآن والكتابة لا يقوم بهما مدرس واحد وإنما يخصص معلم لكل منهما على حده، فإذا فرغ الصبي من التلقين التحق بالكُتاب الخاص بتعليم الخط ويستصوب ابن جُبير هذه الطريقة إذ يرى فيها إتقاناً للخط لأن المعلم له لا ينشغل بغيره فهو يستفرغ جهده في تعليم الخط، فيبرع الطفل في ذلك ( ) .
أما طريقة تدريس الشعر فكانت تتلحص في أن يختار المعلم للأطفال الأشعار السهلة في العبارة واللغة، كي يسهل حفظها وفهمها، كما يراعي في اختياره ما قيل من الأشعار الحسنة والنبيلة دون السخيف والرذيل منها وكان الطفل يقوم بتكرار هذه الأشعار حتى يتم حفظها ( ) هذه هي أهم وسائل التحصيل وأساليب التعليم في تلك المرحلة المبدئية من التعليم وكانت تتميز بالبساطة، والتدرج في المعلومات ما أمكن والحرص على تربية الصبية خلقيا إلى جانب تحصيلهم العلمي ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق