إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

102 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية : المبحث الخامس:النظام الاقتصادي والخدمات الاجتماعية: ثانياً:سياسة الانفاق في الخدمات الاجتماعية: 5-الخوانق والربط :


102

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :

المبحث الخامس:النظام الاقتصادي والخدمات الاجتماعية:

ثانياً:سياسة الانفاق في الخدمات الاجتماعية:

5-الخوانق والربط :

تُعد الخوانق والرُبط من أهم مراكز الصوفية في العهد الزنكي، حيث يمارس فيها التصوف سلوكاً بالإضافة إلى قيامها بوظائف دينية واجتماعية أخرى، ولكنها مع ذلك كانت دور تعليم شاركت في تعليم العلوم الشرعية بالإضافة إلى مهمتها الأساسية التصوف ( ) . وكان التصوف في تلك المدة اتجاهاً له نفوذه وسيطرته، وتقديره على المستوى الرسمي والشعبي، فكان الصوفية محل تقدير الحكام واحترامهم، وقد برز نور الدين في هذا المجال، وحظي الصوفية لديه بمكانة عالية فأكرمهم، وأدناهم من مجلسه وبنى لهم الخوانق والربط في شتى أنحاء مملكته ( )، وكانت مراكز الصوفية تلك مكاناً للعبادة والدرس قدمت مع دور التعليم الأخرى خدمات جليلة لحركة التعليم في ذلك ( )  وقد عرف العهد الزنكي الخوانق ضمن الأماكن التي كان لها أثر في التعليم وإن كان هذا الأثر أقل من أثر المساجد، والمدارس، ذلك لأنها لم تُبنَ أساساً لأغراض التعليم، والقيام بوظائفه، وإنما بنيت بقصد إيواء الصوفية الذين كانوا يخلون لأنفسهم لعبادة الله تعالى، فخصصت لهم تلك الدور لإقامتهم حيث كان يُوفر لهم فيها كافة أسباب الراحة والعيش حتى يتفرغوا للعبادة وطلب العلم بعيداً عن مشاغل الحياة، وكان منشئوها يوقفون بعض الأوقاف للصرف عليها وعلى من ينزل بها من الصوفية .

أ- في حلب :

أشارت المصادر إلى العديد من الخوانق التي كانت قائمة بحلب في العهد الزنكي من أشهرها :
- خانقاه البلاط : ذكر ابن شداد أن منشئها هو شمس الخواص لؤلؤ الخادم عتيق الملك رضوان ابن تاج الدولة تُتُش السلجوقي، وهي أول خانقاه بنيت بحلب وذلك سنة 509ه/1115م ( ).
- خانقاه ابن العجمي : تنسب هذه الخانقاه لشمس الدين أبي بكر بن العجمي أخو الشيخ شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن المتوفي سنة 561ه/1166م وكان موقع هذه الخانقاه داراً يسكنها شمس الدين بن العجمي فلما تُوفي سنة 531ه/1136م أوقفها أخوه شرف الدين أبو طالب على الصُوفيّة، وجعل لها وقفا يّدر عليها ( ).
- خانقاه القديم : أنشأها نور الدين محمود، وتولى النظر على عمارتها شمس الدين أبو القاسم بن الطرسوسي ( ) .
- خانقاه ابن المقدم : تُنسب هذه الخانقاه لعز الدين عبد الملك المقدم منشىء المدرسة المقدمية الحنفية المتقدم ذكرها.
- خانقاه النفر : وهي تحت القلعة أنشأها الملك العادل نور الدين محمود بن عماد زنكي، وسميت بهذا الاسم لأنه كان في مكانها قصر من بناء شجاع الدين بن فاتك وكان مبدأ عمارته لها سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ( ).
- خانقاه مجد الدين بن الداية : تُنسب هذه الخانقاه لنائب حلب في عصر نور الدين محمود وأخيه من الرضاعة مجد الدين أبي بكر محمد بن الداية المتوفى سنة 565ه/1170م ( ).
خوانق النساء : إلى جانب الخوانق الخاصّة بالرجال، أنشئت في العهد الزنكي خوانق مخصّصة لإقامة النساء، يتعبدون فيها يتلقين دروساً في الوعظ الديني، ومن أشهر هذه الخانقاهات في حلب " خانقاه نور الدين، حيث ذكر ابن شداد أن الملك نور الدين أنشأ خانقاه للنساء سنة 553ه/1158م على الأرجح ( ) ولكنه لم يُحد موقع هذه الخانقاه، كما أنه لم يبق لها أي أثر في الوقت الحاضر. هذه أهم الخوانق التي كانت قائمة في حلب في العهد الزنكي، وقد كان لهذه المؤسسات مشاركة فعّالة في إثراء الحياة العلمية في ذلك العهد نظراً لما كان يُعقد فيها من دروس وحلق ووعظ، إلى جانب قيامها بالوظيفة الأساسية التي أنشئت من أجلها وهي إيواء المتصوفة للانقطاع فيها للعبادة، ومجاهدة النفس والبعد عن الدنيا ( ). 

ب- في دمشق :

وجدت دمشق خلال العهد الزنكي العديد من الخوانق والرّبط، وكان له مشاركة فعالة في إثراء الحياة العلمية في هذا العهد، فقد كان ميداناً للتعليم إلى جانب ممارسة التصوف بها كنشاط أساسي أنشئت تلك الدور من أجله، وكانت أبرز هذه المنشآت ما يأتي :
- الخانقاه السُميساطية : تُنسب هذه الخانقاه للسُميساطي أبي القاسم علي بن محمد بن يحي السُلمي الحُبيْشبيّ المتوفي سنة 453ه /1061م كان من أكابر الرؤساء في دمشق ( ) ، وكان أول من تولى مشيخة هذه الخانقاه في العهد الزنكي الوزير أبو المظفر الفلكِيّ فقد قدم دمشق زمن الملك نور الدين محمود فارتبطه عنده وأنزله هذه الخانقاه وجعلها شيخها وساهم أبو المظفر في زيادة
عمارتها ( ).
- خانقاه القصر : ذكر كل من ابن شداد والإربلي أن هذه الخانقاه تنُسب لشمس الملوك وذكر الحُسيني ( )، أنه إسماعيل بن تاج الملوك بُوري المتوفى سنة 529ه/1135م أما ابن جبير السابق لهما فقد نسب هذه الخانقاه للملك نور الدين محمود حيث شاهدها في زيارته لدمشق سنة 580ه/1184م ووصفها بقوله : ومن أعظم ما شاهدناه لهم (يعني الصوفية) موضع يعرف بالقصر، وهو صرح عظيم مستقلّ في الهواء، في أعلاه مساكن لم ير أجمل إشرافاً منها، وهو من البلد بنصف الميل له بستان عظيم يتّصل به، وكانت متنزّهاً لأحد الملوك الأتراك فيقال : إنه كان في إحدى الليالي على راحة، فاجتاز به قوم من الصوفية، فهريق عليهم من النبيذ الذي كانوا يشربونه في ذلك القصر فرفعوا الأمر لنور الدين، فلم يزل حتى استوعبه من صاحبه ووقفه برسم الصوفية مؤيداً لهم، فطال العجب من السماحة بمثله، وبقي أثر الفضل فيه مخلداً لنور الدين رحمه الله ( ).
- الخانقاه الأسدِيّة : تنسب هذه الخانقاه للأمير أسد الدين شيركوه المتوفى سنة 564ه/1168م ( ) ، منشيء المدرسة الأسدية المشتركة بين الحنفية والشافعية بالشرف القبلي ظاهر دمشق ( ) وكانت هذه الخانقاه داخل باب الجابية، بدرب الهاشميين المعروف بباب الوزير ( ).
- خانقاه الطاحُون : تُنسب هذه الخانقاه للملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وهي خارج البلد بالوادي ( ) .
- الرباط البياني : جاء ذكر هذا الرباط عند ابن شداد : رّباط أبي البيان بنا بحارة درب الحجارة ( ) . وذكر السبكي أن هذا الرباط ينسب إليه إنما أنشىء بعد موته بأربع سنين اجتمع أصحابه على بناءه وقد أعانهم الملك نور الدين وأوقف عليه مكاناً بحُرّين ( ) .

ج- في الموصل :

كان في الموصل في العهد الزنكي ربُطُ عديدة شاركت في نشاط الحياة العلمية في ذلك العهد، حيث كانت مراكز للتعليم والتثقيف والتأليف إلى جانب قيامها بوظائف التصّوف التي أنشئت من أجلها، ومن الملاحظ هنا أنه لم يفرق بين الخانقاه والرّباط في الموصل كما حصل في بعض مناطق الشام في ذلك العهد ( ) وكان من أشهر الربط التي كانت قائمة بالموصل :
- رباط الملك سيف الدين غازي : أنشأه بالموصل الملك سيف الدين غازي بن عماد الدين (541- 544/1146-1149م) وهو الرباط المجاور لباب المشرعة وقد أوقف عليه الأوقاف الكثيرة لتفي باحتياجاته ( ).
- رباط الوزير جمال الدين الأصفهاني : يُنسب هذا الرّبَاط للوزير الموصلي جمال الدين محمد بن علي الأصفهاني المعروف بالجواد المتوفي سنة 559ه/1164م ( ) ، وقد ذكر عنه ابن الأثير أنه : بنى الرّبُط بالموصل، وسنجار ونصيبين وغيرها ( ).
- الرّباط الزيني : لم يقتصر بناء الرّبط على الملوك الزنكيين بل تبعهم في ذلك أمراؤهم ووزرائهم فأنشأوا الكثير من الرّبط في الموصل وغيرها كما أنشأوا دُوُر التعليم الأخرى، وكان ممن أنشأ رباطاً بالموصل الأمير زين الدين على بن بُكتكين المتوفى سنة 563ه/1167م منشئ مسجد زين الدين (المدرسة الكمالية) والمدرسة الزينية، فقد ذكر عنه ابن الأثير أنه : بنى مدارس ورُبُطاً بالموصل وغيرها ( ).
- رباط بن الشهرزوري : أشّار إليه ابن خلكان في ترجمته للشيخ عز الدين أبو القاسم بن عقيل بن نصر الإربلي المتوفى سنة 619ه(1222م) حيث ذكر أنه ساكن ظاهر الموصل في رباط الشهرزوري، وقرر له صاحب الموصل راتباً، ولم يزل هناك حتى توفي ( ).

وقد قامت الخوانق والربط في عهد نور الدين بدور كبير في الجهاد وجمع المعلومات وتحريك العامة والدعاء للجيوش الإسلامية، ومقاومة التشيع الرافضي، وتعليم الجهّال أمور دينهم، وكانت الدولة النورية تشرف على ذلك وتوظف هذه الطاقات لخدمة مشروع النهوض. وكان للخانقاه عادة شيخ يتولى نظارتها والإشراف عليها يُسمى شيخ الشيوخ وقد اشترط الفقهاء فيمن يتولى هذه المناصب شروط عدة وآداب تؤهله لذلك منها ما ذكره السبكي من أنه لابد أن يتمتع بقسط وافر من العلم والحلم، وأن يتحمل الأذى والضيم على نفسه، وأن يكون حسن التلفظ، حريصاً على الصلاة والذكر، وتلاوة القرآن الكريم، وأن يحرص على تعليم مريديه العلم النافع، متدرجاً بهم بالأهون فالأهون، مبتعداً بهم عن الألفاظ التي يصعب عليهم معرفتها ( ) . وكان الملك نور الدين قد عهد هذا المنصب للفقيه عماد الدين عمر بن علي بن حموية المتوفي سنة 577ه/1181م ( ) . وكان قد قدم دمشق في أيامه، ولم يلبث أن آنسى منه نور الدين علماً وزهداً، ففوض إليه سنة 563ه/1167م) مشيخة الخوانق والرُبُط في كل من دمشق، وحمص وحماة، وحلب، وبعلبك ( ) ومنُذ أن تولى الشيخ عمر بن حموية هذا المنصب أطلق عليه لقب شيخ الشيوخ وهو اللقب الذي عرف به شيخ الصوفية أو ناظر الخوانق منُذ ذلك الوقت ( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق