103
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :
المبحث الخامس:النظام الاقتصادي والخدمات الاجتماعية:
ثانياً:سياسة الانفاق في الخدمات الاجتماعية:
6- الكَتَاتيب:الكَتَاتِيْب أو الكُتَّاب:
يطلق على المحل الذي يتعلم به الصبيان وكانت تقوم مقام المدارس الابتدائية في وقتنا الحاضر، وقد اتخذ المعلمون في العهد الزنكي زوايا بالمساجد وغرفاً ملاصقة لها لتعليم الأطفال القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي في شتى المدن الزنكية من ذلك الحلقة الكوثريّة والمجتمع السُّبعي وكلاهما في الجامع الأموي ( ) ، ويبدو أن السبب في اتخاذ المساجد أمكنة لتعليم الصبيان يعود إلى أن كثيراً من معلميهم كانوا يعتكفون في هذه المساجد، وكان يحترفون هذه المهنة ليضمنوا منها كسب عيشهم، وهم مقيمون على عبادتهم في المساجد فلزم حضور الصبية إليهم وبجانب الكتاتيب أخرى قامت مستقلة عنها، وقد أنشئ هذا النوع لتعليم الأيتام الذين فقدوا عائلهم أو الأطفال غير القادرين من أبناء المسلمين من الفقراء الذين لم يكن في وسع ذويهم إرسالهم إلى الكتاتيب لتعليمهم بأجر، أو إحضار مؤدبين يعلمونهم في بيوتهم، وقد اهتم روّاد التعليم في العهد الزنكي بإنشاء هذا النوع من الكتاتيب وأكثروا منها في بلادهم، وأوقفوا عليها الأوقاف الكثيرة للصرف عليها رغبة في الأجر، وحرصاً على نشر العلم، وقد أطلق على هذا النوع من الكتاتيب (مكاتب الأيْتام) أو مكاتب السَبيْل وقد خصّ ابن عساكر هذا النوع من الكتاتيب في حديثه عن أعمال الملك نور الدين محمود الخيرية فقال : ونصَّب جماعة من المعلمين لتعليم يتامى المسلمين وأجرى الأرزاق على معلميهم، وعليهم بقدر ما يكفيهم ( )، كما تحدث ابن جبير عن واحد من هذه الكتاتيب في دمشق، ووصفه بقوله : وللأيتام من الصبيان محضرة كبيرة بالبلد لها وقف كبير يأخذ منه المعلم لهم ما يقوم به، وينفق منه على الصبيان ما نقوم بهم وبكسوتهم ( ) . كما كان كثير من المحسنين في العهد الزنكي يبنون المدارس وبجانبها مكاتب الأيتام حتى إذا أتمَّ الصبي تعليمه في الكُتَّاب، انتقل إلى المدرسة – إن رغب في مواصلة دراسته وله الجراية المستمرة أو النفقة الواسعة إلى أن يُنهي دراسته، ومن ذلك ما قام به الأمير مجاهد الدين قَايْمَاز والي القلعة في الموصل المتوفى سنة 595ه (1199م) إذ أنشأ مكتباً للأيتام بالموصل بجانب مدرسته التي بناها على دجلة ( ) وقد شاع ذلك العمل الخيري في كثير من المدن الزنكية حيث وجد العشرات من الكتاتيب تُنشأ ملاصقة للمدارس، أو قريبة منها ( ) وقد قامت تلك الكتاتيب بأثر بارز في تنشئة الأطفال، وتربيتهم تربية إسلامية صحيحة، مع تعليمهم مبادئ القراءة والكتابة وجانباً من العلوم الإسلامية المُتفقة مع قدراتهم لتكتمل تنشئة الصبية على أسس إسلامية متينة ( ) . وهكذا نرى أن للأطفال نصيب في المشروع الإسلامي النهضوي الذي قاده نور الدين للتصدي للأخطار الباطنية والغزو الخارجي، والسير على نهج الإحياء الإسلامي السني الكبير.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق