إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

9 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الثاني:علاقة السلاجقة بالخلافة ودخول العراق والقضاء على الدعوة الشيعية ه - محاربة السلاجقة للدعوة الفاطمية العبيدية :


9

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الثاني:علاقة السلاجقة بالخلافة ودخول العراق والقضاء على الدعوة الشيعية

ه - محاربة السلاجقة للدعوة الفاطمية العبيدية :

 أدرك السلاجقة الخطر الذي يتهددهم من وراء انتشار الدعوة الفاطمية في بلدان الخلافة العباسية، لذلك اتبعوا سياسة حكيمة بعد أن قبضوا على زمام الأمور في بغداد تتمثل في مناهضة الدعوة الفاطمية ، ودعاتها بالحزم والشدة، فتعقبوا دعاة الإسماعيلية الذين قاموا بنشر الدعوة الفاطمية في بلاد فارس – كما قاموا بإقصاء الموظفين المتشيعين للمذهب الإسماعيلي على دواوين الحكومة والوظائف الدينية وعينوا من أهل السنة بدلاً منهم، فقد تم عزل أبي الحسين بن المهتدي من الخطابة بجامع المنصور لأنه كان قد أقام الخطبة للخليفة المستنصر بالله الفاطمي ببغداد خلال فتنة البساسيري وعين أبا علي الحسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله خطيباً في مكانه سنة 451ه  ، ومن العوامل التي ساعدت على ضعف شأن الدعوة الفاطمية في أواخر عهد الخليفة القائم بأمر الله إلى جانب مناهضة السلاجقة لهذه الدعوة، انصراف الخلافة الفاطمية في مصر عن مواصلة جهودها لنشر دعوتها في بلاد العراق كما كانت الحال عند قيام البساسيري بحركته، وذلك بسبب انشغالها بالقضاء على الفتن والاضطرابات الداخلية، فقد ظهر التنافس بين العناصر الأجنبية وبخاصة السودان والأتراك، كما خرج ناصر الدولة الحسين بن حمدان التغلبي قائد الأتراك على طاعة الخليفة المستنصر بالله الفاطمي وأنفذ رسالة إلى ألب أرسلان سلطان السلاجقة سنة 462ه سأله أن يمده بالنجدات ليقيم الدعوة العباسية على أن تؤول إليه السيادة على مصر، فلما علم الخليفة الفاطمي بمراسلة، ناصر الدولة، السلطان ألب أرسلان جهز جيشاً لمحاربته غير أن ناصر الدولة أوقع به الهزيمة وأقام الخطبة للخليفة القائم بأمر الله العباسي على منابر الإسكندرية ودمياط وجميع أنحاء الوجه البحري ، ولم يكتف ناصر الدولة بن حمدان بحذف اسم الخليفة الفاطمي من الخطبة بالوجه البحري بل أنفذ كتاباً إلى الخليفة القائم بأمر الله يلتمس منه الإمدادات والخلع حتى يظهر الدعوة العباسية بالديار المصرية – ولم ينتظر رد الخلافة العباسية بل سار إلى الفسطاط على رأس قواته واستولى عليها، تولى الحكم فيها، وأنفذ إلى الخليفة المستنصر وأظهر ميله إلى المذهب السني غير أن ناصر الدولة لم تستقر له الأمور بالقاهرة طويلاً ، فقد ثار به الأتراك ونجحوا في القضاء عليه  ، وكان للشدة العظمي التي تعرضت لها مصر مدة سبع سنوات وصفها صاحب النجوم الزاهرة فقال : .. هذا والغلاء بمصر يتزايد، حتى أنه جلا من مصر خلق كثير لما حصل بها من الغلاء الزائد عن الحد، والجوع الذي لم يُعَهد مثله في الدنيا، فإنّه مات أكثر أهل مصر، وأكل بعضهم بعضاً، وظهروا على بعض الطبّاخين أنه ذبح عدة من الصَّبيان والنساء وأكل لحومهم وباعها بعد أن طبخها وأكلت الدواب بأسرها  ، كان لهذه الشدة أثر بالغ في شغل الخلافة الفاطمية عن مواصلة إرسال الدعاة وإمدادهم بالأموال فاقتصر اهتمامها على الاحتفاظ بما تبقى لها من نفوذ في الجزيرة العربية، وتأييد دعاة الإسماعيلية في بلاد فارس واليمن  .

5-دخلت الدولة السلجوقية في صراع مع الروم واستطاع إبراهيم ينال أن يأسر ملك كبير للروم، فبذل في نفسه أموالاً عظيمة فأبى عليه، فبعث نصر الدولة صاحب الجزيرة وميّافارقين يشفع في فكاكه فبعثه طغرل بك إلى نصر الدولة بلا فداء فتأثر ملك الروم، وأهدى إلى طغرل بك مئتي ألف دينار، وخمس مئة أسير، وألفاً وخمس مئة ثوب، ومائة لبنة فضة، وألف عنـز أبيض، وثلاث مائة شهري   وبعث إلى نصر الدولة تحفاً ومسكاً كثيراً  .

وقد قام طغرل بك بإرسال رسوله ناصر بن إسماعيل العلوي إلى ملكة النصارى، فاستأذنها ناصر في الصلاة بجامع قسطنطينية جماعة يوم جمعة، فأذنت له فخطب للخليفة القائم، وكان هناك رسول خليفة مصر بعث ملك الروم إلى طغرل بك هدايا وتحفاً، والتمس الهدنة، فأجابه، وعُمّر مسجد القسطنطينية، وأقام فيها الخطبة لطغرل بك، وتمكن ملكه  .

6-خطبة طغرل بك بابنه الخليفة وزواجه منها ووفاته :

في سنة 543ه خطب الملك طغرل بك ابنة الخليفة فانزعج من ذلك، وقال : هذا شيء لم تَجْر العادة بمثله ثم طلب أشياء كثيرة كهيئة المبعد له، من ذلك ما كان لزوجته التي توفيت من الإقطاعات بأرض واسط وصداق ثلاثمائة ألف دينار، وأن يقيم المِلك ببغداد لا يترحَّلُ منها ولا يحيد عنها يوماً أبداً، فوقع الاتفاق على بعض ذلك، وأرسل إليها بمائة ألف دينار مع ابنة أخيه داود زوجة الخليفة أرسلان خاتون، وأشياء كثيرة من آلات الذهب والفضة والنَّشار والجواري والكُراغ، ومن الجواهر ألفان ومائتا قطعة، من ذلك سبعمائة وعشرون قطعة جوهر وزن كل واحدة ما بين الثلاثة مثاقيل إلى المثقال، وأشياء كثيرة.

 فتمنعَّ الخليفة لفوات بعض الشروط، فغضب عميد الملك الكندري الوزير لمخدومه السلطان، وجرت شُرور طويلة اقتضت أن أرسل السلطان كتاباً يأمر فيه بانتزاع ابنة أخيه السيدة أرسلان خاتون، ونقلها من دار الخلافة إلى دار المِلكِ حتى تنفصل هذه القضية، وعزم الملك على النُّقلة من بغداد، فانزعج الناس لذلك، وجاء كتاب السلطان إلى رئيس شحنة بغداد برشقٍ يأمره بعدم المراقبة وكثرة العسف في مقابلة ردَّ أصحابنا بالحرمان، وبعزم على نقلة الخاتون إلى دار المملكة ويرسل من يحملها إلى البلدة التي هو فيها، وكلُّ ذلك غضب على الخليفة،فإنا لله وإنا إليه راجعون  وفي عام 454ه وردت الكتب الكثيرة من الملك طغرل بك يشكو قلة إنصاف الخليفة، وعدم موافاته له بما أسداه إليه من الخدم والنَّعم إلى ملوك الأطراف، وقاضي القضاة الّدامغاني، فلما رأى الخليفة ذلك، وأن الملك قد أرسل إلى نوابه بالاحتياط على أملاك الخليفة – وقد أنزعج لذلك – كتب إلى الملك طغرل بعد يجيبه إلى ما سأل، فلما وصل إلى الملك فرح فرحً شديداً، وأرسل نوابه أن يطلقوا أملاك الخليفة، فلما انتهت الركابية إلى بغداد، دقّت البشائر بدار الخلافة، وطيف بالركابية وبين أيديهم الدبادبُ والبوقات وفرح الناس بإجابة الخليفة إلى ذلك، واتَّفقت الكلمة، فوكل الخليفة في العقد، وكتب بذلك وَكالة، ثم وقع العقد بمدينة تبريز بحضرة الملك طُغرل بك، وعمل سِماطا عظيماً، فلمّا جيء بالوكالة قام لها الملك، وقبَّل الأرض عند رؤيتها، ثم أوجب العقد على صداق أربعمائة ألف دينار، وكثُر دعاء الناس للخليفة، وذلك في يوم الخميس الثالث عشر من شعبان من هذه السنة، ثم بعث ابنة أخيه الخاتون أرسلان خاتون زوجة الخليفة في شوال بتُحَفِ عظيمة وذهب كثير، وجواهر عديدة ثمينة، وهدايا عظيمة لأمَّ العروس وأهلها كلَّهم، وقال الملك جهرة للناس : أنا عبد قِنُّ للخليفة ما بقيت، لا أملك شيئاً سوى ما عليَّ من الثياب  .

أ‌-دخول الملك طُغرل بك على بنت الخليفة ووفاته :

لما استقر الملك طغرل بك ببغداد أرسل وزيره عميد الملك إلى الخليفة يُطالبه بنقل السيدة من الدار العزيزة النبوية إلى دار المملكة، فتمنَّع الخليفة من ذلك، وقال : إنكم سألتم أن يعقد العقد فقط لحصول التشريف والتزمتم لنا بعدم المطالبة بها، فتردَّد في ذلك بين الخليفة والملك، وأرسل الملك زيادة على النقد مائة ألف دينار ومائة وخمسين ألف درهم، وتُحفاً أخَرَ، وأشياء لطيفة، فلما كان ليلة الاثنين الخامس عشر من صفر هذه السنة زُفَّت السيدة ابنة الخليفة إلى دار المملكة، فضربت لها السُّرادقات من دجلة إلى دار المملكة، وضربت الدَّبادب والبُوقات عند دخولها دار المملكة وكانت ساعة عظيمة، فأجلست على سرير مُكَللَّ بالذهب وعلى وجهها بُرقعٌ، ودخل الملك طُغرل بك، فوقف بين يديها، فقبَّل الأرض ولم تقم له ولم تَرهَ، ولم يجلس حتى انصرف إلى صحن الدار، والحُجَّابُ والأتراك يرقصون هناك فرحاً وسُروراً  ، وبعث لها مع الخاتون أرسلان ابنة أخيه زوجة الخليفة عقدين فاخرين وقطعة ياقوت حمراء كبيرة هائلة، ودخل من الغد فقبَّل الأرض، وجلس على سرير مكلَلَّ بالفضة بازائها ساعة ثم خرج وأرسل لها جواهر نفيسة كثيرة مثمَّنة، وفَرَجية نسيج مُكللَّة باللؤلؤ، وما زال كذلك كلّ يوم يدخل وقبَّل الأرض ويجلس على سرير بازائها، ثم يخرج فبعث بالتحف والهدايا ولم يكن منه إليها شيء مقدار سبعة أيام، ويَمُدُّ كلَّ يوم من هذه الأيام السبعة سِماطاً عظيماً، وخلع يوم السابع على جميع الأمراء، ثم عرض له سفر واعتراه مرض، فأستأذن الخليفة بالانصراف بالسيدة معه إلى تلك البلاد مدة قريبة، ثم يعود بها، فأذن له الخليفة بعد تمنع شديد وحزن عظيم، فخرج بها معه وليس معها من دار الخلافة سوى ثلاث نسوة، برسم خدمتها، وتألمتّ والدتها لفقدها ألماً عظيماً جداً لا يُعَبَّرُ عنه وخرج السلطان وهو مريض مُدْنِفٌ مأيوسى منه مُثْقَلٌ لا ترجى منه العافية فلما كانت ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان جاء الخبر بأن الملك طغرل بك توفي في ثامن الشهر رحمه الله  ، وكان الملك طغرل بك عاقلاً حليماً كثير الاحتمال شديد الكتمان للسَّر محافظاً على الصلوات وعلى صوم الاثنين والخميس، مواظباً على لبس البياض وكان عمره يوم مات سبعين سنة، ولم يترك ولداً وكان مدة ملكه بحضرة القائم سبع سنين وإحدى عشر شهراً  ، وكان طغرل بك كثير الصدقات حريصاً على بناء المساجد متعبداً متهجداً، ويقول : أستحي من الله أن أبني داراً ولا أبني بجنبها مسجداً   وحكى عميد الملك أن طغرل بك قال له : رأيت منامي في مبتدأ أمري بخراسان كأني رفعت إلى السماء وقيل لي : سل حاجتك تُقضى، فقلت : ما شيء أحب إلى من طول العمر، فقيل : عمرك سبعون. قال : عميد الملك وكنت سألته عن السنة التي ولد فيها، فقال : السنة التي خرج فيها الخان الفلاني بما وراء النهر، فلما توفي حسبت المدة فكانت سبعين سنة كاملة، ولما وصل خبر وفاته إلى بغداد جلس الوزير فخر الدولة ابن جهير للعزاء في صحن السلام في السادس والعشرين من شهر رمضان  .

7-الوزير السلجوقي الأول عميد الملك الكندري :

هو الوزير الكبير، عميد الملك، أبو نصر، محمد بن منصور بن محمد الكندري، وزير السلطان طغرل بك، كان أحد رجال الدهر سؤدداً وجوداً وكتابة، تفقه وتأدب، وكان كاتباً لرئيس، ثم ارتقى وولى خوارزم، وعظم، ثم عصى على السلطان، وتزوج بامرأة ملك خوارزم، فتحيَّل السلطان حتى ظفر به، وخصاه لتزوجه بها، ثم رقَّ له، وتداوى وعُوفي ووزر له، وقدم بغداد، ولقَّبه القائم سيد الوزراء، وكان معتزلياً، له النظم والنثر ، وكان ذكياً فصيحاً شاعراً، لديه فضائل جمّة، حاضر الجواب سريعه، ولمّا أرسله طغرل بك إلى الخليفة يخطب إليه ابنته، وامتنع الخليفة من ذلك أشَّد الامتناع وأنشد متمثلاً بقول المتنبي.

ما كل ما يتمنى المرء يُدركه

فتمَّمَه الوزير:

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فسكت الخليفة وأطرق
ويقال غَنَّتْهُ بنت الأعرابي في جماعة من الناس، فطرب، وأمر لها بألفي دينار، ووهب أشياء، ثم أصبح،

وقال كفارة المجلس أن أتصدق بمثل ما بذلت البارحة. وقيل :

إنه أنشد عند قتله :

إن كان بالناس ضِيقٌ عن منافستي
   
    فالموت قد وسع الدنيا على الناس

مضيت والشامت المغبون يتبعني
   
    كل بكأس المنايا شارب حاسي


وقال : ما أسعدني بدولة بني سلجوق : أعطاني طغرل بك الدنيا، وأعطاني ألب أرسلان الآخرة  ، ووزر تسع سنين وأخذوا أمواله، منها ثلاث مائة مملوك، وقتل صبراً وطيف برأسه ، قال الذهبي : وما بلغنا عنه كبير إساءة لكن ما على غضب الملك غيار  . قتل بمرو الرُّوذ في ذي الحجة سنة ستَّ وخمسيَّن وأربع مائة وله اثنتان وأربعون سنة وكان يؤذي الشافعية، ويبالغ في الانتصار لمذهب أبي حنيفة  ، وذكرت له ترجمة موسعة في رسالة للماجستير للسيدة سميعة عزيز محمود بعنوان الوزارة العباسية من 447ه إلى 590ه " العهد السلجوقي"  .



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق