69
دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الثالث
النظم الحربية عند السلاجقة
المبحث الثاني:نظم الإدارة العسكرية عند السلاجقة:
ثانياً :ديوان عرض الجيش :
كان هذا الديوان يرعى مهمات الجيش واحتياجاته وأسماء الجند في السجلات الموجودة في هذا الديوان، فهو يقابل وزارة الحرب في عصرنا ويسمى رئيس هذا الديوان العارض ، حيث يُخبر السلطان بأحوال هذا الديوان إما بنفسه مباشرة أو بمن يرسله إليه ، ويسمى أحياناً ديوان الإقطاع ومن مهام هذا الديوان :
1-تنظيم سجلات أسماء الجند :
ترصد في الجريدة السوداء سنوياً أسماء الرجال وأنسابهم ومبالغ أرزاقهم وسائر أحوالهم وهي الأصل الذي يرجع إليه في ديوان الجيش في كل شيء ويتم هذا الرصد تحت قياداتهم قائداً قائداً ، ويُصَّر الرواندي بوجود الجرائد الديوانية لدى السلاجقة في عهد السلطان ملكشاه وأنه كانت تكتب فيها أسماء الجند ويُرصد فيها توزيع الإقطاعات عليهم ويعتبر تسجيل أسماء الجند في السجلات الخاصة بديوان الجيش، هو أحد مظاهر التنظيم الإداري العسكري الدقيق في عهد السلاجقة العظام .
2-عرض الجيش :
كان العارض – رئيس هذا الديوان – يشرف بنفسه على عرض الجيش، فيجب عليه الحذر عند العرض : فهو الأصل في انتظام أمر الجيش ، وقد اعتاد سلاطين السلاجقة – بحكم تربيتهم وميولهم العسكرية على الاهتمام بجندهم اهتماماً بالغاً وكان من مظاهر هذا الاهتمام متابعة إعداد الجيش واستعراضه، وتفقد أحوال الجند ومدى استعدادهم للمعركة في مكان متسع قبل خوض المعارك ، ويقدم لنا ابن العبري وصفاً جيداً للعرض العسكري الذي يتم بشكل يومي في عهد السلطان طغرل بك فقد : اعتاد الجنود أن يتوافدوا كل يوم فوجاً ليؤدوا الطاعة لطغرل بك يتألف كل فوج من ألقي شخص، وكانوا ينحدرون عن خيلهم من بعيد ويقبَّلون الأرض ويقفون، ثم يشير الحاجب إليهم بأن تحيتّهم قد قبلت فكانوا يقَّبلون الأرض ثانية ويركبون ويتصرفون فيأتي فوج ثان، ولم يكن يدنوا منه أحد أو يحدثه ، كما كان السلطان سنجر يزود قواده بضرورة استعراض جندهم أمامه، وكان من النصائح العسكرية المقدمة للسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه في عرض الجيش قوله : واختبرهم عند العرض ولا تثبت منهم إلا الوفّي الكمّي، الذي لا يعدل عن الوفاء ولا ينكل عن الهيجاء فإن المراد بهم قوة العّدَّة لا كثرة العدد .
3-تحديد المهام الموكلة إلى الجند :
اهتم السلاجقة منُذ بداية أمرهم بتحديد المهام الموكلة لفرسانهم وقوادهم وجندهم، فقد كلف السلطان طغرل بك الحاجب آيتكين بالمحافظة على الطرق المؤدية إلى بغداد وحراستها ، ويذكر نظام الملك أهمية تحديد المهمة بدقة متناهية، وأن يصدر بها أمر من البلاط السلطاني فيقول : ينبغي أن لا يرسل أي غلام مالم تكن ثمة مهمة وأن لا تكون إرساله دون أمر .. لتجري الأمور على نصابها ، ويقول في تعظيم الأوامر السامية والمراسيم الصادرة عن البلاط السلطاني : فإذا لم يكن ثمة أمر هام ينبغي ألا يصدر عن الديوان العالي أمر خطي البتة .
4-الإشراف على النواحي التموينية :
كان إشراف الديوان على هذه النواحي دقيقاً في البداية عند السلاجقة، فقد اهتم بعض قادة الجيش السلجوقي بشراء المؤن لجيشهم في عهد السلطان ألب أرسلان ووضع نظام الملك حلولاً صائبة للقضاء على ما قد يعترض الجيش السلجوقي من صعوبات في مجال التموين وتجنب إرهاق الرعية ووقوع الظلم عليهم ووزع مؤن الجيش على مختلف أقاليم الدولة وخاصة المناطق الواقعة على الطرق الرئيسية وقد أسهمت حلول نظام الملك بشكل فاعل في حل مشكلة التموين للجيش، فاستطاع الديوان بهذه الطريقة أن يوفر المؤن اللازمة للجيش بكل يسر وسهولة .
5-الإشراف على النواحي المالية :
أشار الغزالي إلى وجوب المحافظة على أرزاق الجند ودفعها لهم كل إنسان منهم على قدر ، فكان ديوان الجيش يتولى متابعة هذه الأرزاق، ويذكر ابن الأزرق أن من أسس الحكم تعجيل أرزاق الجند لهم في مواعيدها وعدم تأخيرها عليهم ، لم في ذلك من الأضرار البالغة على الجند أولاً وعلى الدولة ثانياً ، ويعبَّر المرادي عن ذلك بقوله : أن الجيش أعوان يكفلهم المال ، في إشارة منه لأهمية الأموال للجيش وصرف مستحقات الجند في أوقاتها ، وكان السلطان ملكشاه قد جعل مخصصات الجند ورواتبهم مقسمة على مختلف الأقاليم وأمر لهم بمخصصات في كل مكان ينزلون منه على الرعايا من أضرار الجيش السلجوقي واحتياجاته ، وكان السلطان ملكشاه قد جعل مخصصات الجند ورواتبهم مقسمة على مختلف الأقاليم وأمر لهم بمخصصات في كل مكان ينزلون منه على الرعايا من أضرار الجيش السلجوقي واحتياجاته وأما فيما بعد فقد أدت العوامل التي سبق ذكرها في الإقطاع إلى الاستعاضة عن المرتبات النقدية للمحاربين بالإقطاعات من الأرض من قبل وزير ملكشاه نظام الملك – حتى صار الإقطاع الحربي هو القاعدة، فكان ديوان عرض الجيش هو المشرف على تنظيم الرواتب والإقطاعات على حد سواء .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق