إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 9 يوليو 2014

68 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية : المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين: ثالثاً :العدل في دولة نور الدين محمود زنكي: 2- استجابته للقضاء :


68

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :

المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين:

ثالثاً :العدل في دولة نور الدين محمود زنكي:

2- استجابته للقضاء :

طلب مرة من قبل أحد المدعين فما كان من أحد كبار موظفيه إلا أن دخل عليه ضاحكاً وقال مستهزئاً : يقوم المولى إلى مجلس الحكم، فأنكر نور الدين على الرجل سخريته
وقال : تستهزيء بطلبي إلى مجلس الحكم ؟ وأردف : يُحضر فرسي حتى نركب إليه : السمع والطاعة؛ قال الله تعالى : " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعناً " (النور ، آية : 51). ثم نهض وركب حتى دخل باب المدينة واستدعى أحد أصحابه وقال له : أمضي إلى القاضي وسلم عليه وقل له : أني جئت هاهنا امتثالاً لأمر الشرع ( ) . ويوماً كان يلعب الكرة – هوايته المفضلة – في دمشق، فرأى رجلاً من أتباعه يحدث آخر ويومئ بيده إليه، فأرسل إليه يسأله عن حاله، فأعلمه أن له مع نور الدين خصومة حول بعض الأملاك، وطلب حضوره إلى مجلس القضاء للفصل في المسألة، فتردد الغلام في عرض الموضوع على نور الدين، ولكن هذا ألح عليه، فلما تبين له الأمر ألقى العصا من يده وخرج من الميدان وسار إلى القاضي كمال الدين وقال له : إنني قد جئت محاكماً فاسلك معي ما تسلكه مع غيري، فلما حضر المدعي ساوى كمال الدين بينه وبين خصمه وإذ لم يثبت ضده شيء قال للقاضي ولكافة الحضور : هل ثبت له عندي حق ؟ قالوا : لا فقال : اشهدوا أنني قد وهبت له هذا المال الذي حاكمني عليه وقد كنت أعلم أنه لاحق له عندي وإنما حضرت لئلا يظن أنني ظلمته، فحيثما ظهر أن الحق لي وهبته إياه ( ) . تلك غاية العدل والإنصاف بل غاية الإحسان وهي درجة وراء العدل فرحم الله هذه النفس الزكية الطاهرة المنقادة إلى الحق الواقفة معه كما علق ابن الأثير ( ) وفي عام 558ه - 1162م أدعى رجل على نور الدين أن أباه (زنكي) أخذ من ماله شيئاً بغير حق وأنه يطالب بذلك. فقال نور الدين : أنا لا أعلم شيئاً عن ذلك فإن كان لك بينة تشهد بذلك فهاتها وأنا أرد إليك ما يخصني، فإني ما ورثت جميع ماله فقد كان هناك ورثة غيري، فمضى الرجل ليحضر البينة ( ) . 

3- لا عقوبة على الظنة والتهمة :

لم يكن نور الدين يصدر العقوبة على الظنة والتهمة بل يطلب الشهود على المتهم، فإن قامت عليه البينة الشرعية عاقبة العقوبة العادلة من غير تعد ( )، فدفع الله بهذا الفعل عن الناس من الشر ما يوجد في غير ولايته مع شدة السياسة والمبالغة في العقوبة والأخذ بالظنة وآمنت بلاده مع سعتها، وقل المفسدون ببركة العدل واتباع الشرع المطهر ( ).

4- من عدله بعد موته :

ومن عدله أيضاً بعد موته وهو من أعجب ما يحكى : أن إنسان كان بدمشق استوطنها وأقام بها لما رأى من عدل نور الدين رحمه الله، فلّما توفي تعّدي بعض الأجناد على هذا الرجل فشكاه، فلم يُنصَف، فنزل من القلعة وهو يستغيث ويبكي وقد شق ثوبه وهو يقول : يا نور الدين لو رأيتنا وما نحن فيه من الظلم لرحمتنا، أين عدلك ؟ وقصد تربة نور الدين ومعه من الخلق مالا يحصى وكلّهم يبكي ويصيح فوصل الخبر إلى صلاح الدين وقيل له : احفظ البلد والرعية وإلاّ خرج عن يدك، فأرسل إلى ذلك – وهو عند تربة نور الدين يبكي والناس معه – فطيّب قلبه ووهبه شيئاً وأنصفه، فبكى أشّد من الأول فقال له صلاح الدين لم تبكي ؟ قال : أبكي على سلطان عدل فينا بعد موته، فقال صلاح الدين : هذا هو الحق، وكل ما نحن فيه من عدل فمنه تعلّمناه ( ).

5- رقبتي دقيقة لا أطيق حمله والمخاصمة عليه بين يديد الله تعالى :

 قال ابن الأثير : وحكى لي من أثق به أنّه دخل يوماً إلى خزانة المال فرأى فيها مالاً أنكره فسأله عنه، فقيل : إن القاضي كمال الدين أرسله وهو من جهة كذا. فقال : إن هذا المال ليس لنا ولا لبيت المال في هذه الجهة شيء، وأمر برده وإعادته إل كمال الدين فردّه إلى الخزانة وقال : إذا سألك الملك العادل عنه فقولوا له عنّي : إنه له. فدخل نور الدين الخزانة مّرة أخرى فرآه فأنكر على النّواب قال : ألم أقل لكم يعاد هذا المال على أصحابه فذكروا له قول كمال الدين، فردّه إليه وقال للرسول : قل لكمال الدين أنت تقدر على حمل هذا المال، وأما أنا فرقبتي دقيقة لا أطيق حمله والمخاصمة عليه بين يدي الله تعالى، يُعاد قولاً واحداً ( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق