إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

60 دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الثالث النظم الحربية عند السلاجقة المبحث الأول:أسس الإدارة العسكرية السلجوقية : 5-الإخلاص والتضحية :



60


دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الثالث

النظم الحربية عند السلاجقة

المبحث الأول:أسس الإدارة العسكرية السلجوقية :


5-الإخلاص والتضحية :

عندما أراد الخليفة العباسي القائم بأمر الله البقاء في معسكر السلطان طغرل بك والخروج معه للقتال : قال السلطان : الله الله ما هذا مما يجوز أن يكون مثله، ونحن الذي يصلح للحرب والسفر والتهجم والخطر، دون أمير المؤمنين وإذا خرج بنفسه فأي حكم لنا وأي خدمة تقع منا وأمتنع أن يجيبه إلى ذلك  ، وفي ذلك دلالة على إخلاص السلطان في حماية الخليفة من خطر المعركة، كما تمتع بعض قواد السلاجقة كذلك بإخلاص نادر وصل حد التضحية بأنفسهم في سبيل خدمة السلطان وحمايته فعندما هاجم قاتل السلطان ألب أرسلان عليه : كان سعد الدولة كوهرائين  ، شحنة بغداد واقفاً في خدمة السلطان فرمى بنفسه على السلطان يريد حمايته فأصابه هو أيضاً جرح، ولكنه لم يكن مميتاً .

6-الحيطة والحذر والمتابعة :

عمد السلاجقة إلى وضع الحيطة والحذر نصب أعينهم، فقد ظل طغرل بك – بعد إنسحابه من فراوة  ، أمام الغزنويين – مستعداً للحرب أياماً فلم يخلع حذاءه، ولم ينزع عنه الزرد وكان يتوسد درعه حين ينام وإذا كان حال قائد هذه الجماعة على هذا النحو فمن اليسير معرفة حال الآخرين ، وعندما هزم السلاجقة جيش مسعود الغزنوي : لم يُنزل – أي داود قائد السلاجقة، عسكره ثلاثة أيام عن ظهور دوابهم لا يفارقونها إلا لما بد لهم منه من مأكول ومشروب وغير ذلك  ، مما يدل على اتخاذه الحذر والاحتياط من عودة العدو إليهم، وبات جند السلاجقة على ظهور خيلهم أثناء حصارهم لمدينة مريم نشين في عهد السلطان ألب أرسلان  ، وعندما أحضر رسول ملك الروم الجزية أخذه نظام الملك معه إلى كاشغر ، حيث أذن له هناك في العودة إلى بلاده وقال : أحب أن يذكر عنا في التواريخ أن ملك الروم حمل الجزية وأوصلها إلى باب كاشغر لينهي إلى صاحبه سعة ملك السلطان ليعظم خوفه منه ولا يحدث نفسه بخلاف الطاعة  ، وهذا احتياط من جانب الوزير السلجوقي بإظهار عظمة سلطان السلاجقة وسعة بلادهم لرسول ملك الروم  ، وكان السلاجقة يرون ضرورة : المتابعة لأحوال الحرس والخفر والبوابين ومعرفتهم جميعاً والإطلاع على أحوالهم سراً وعلانية، لأنهم أسرع انخداعاً بالمال والإغراء  ، وإذا ما شوهد بينهم غريب فينبغي السؤال عنه والتأكد منه، ويجب أن يراقبوا ويتأكد منهم ويوضعوا تحت الإشراف المباشر كل ليلة عندما يتسلمون واجباتهم، وينبغي عدم إغفال هذا الأمر ليلاً أو نهاراً لأنه دقيق جداً  . ويرى نظام الملك الوزير السلجوقي أن على السلاطين تحري أخبار الجيش فيقول : على الملوك أن يتحروا أحوال الرعية والجيش، وكل بعيد وقريب وأن يعرفوا كل كبيرة وصغيرة في المملكة  .

7-العلاقة بين الجند وقادتهم والتدرج في الرتب العسكرية :

اتخذ السلاجقة من التنظيم الدقيق للعلاقة بين الجند وقادتهم واحترام التدرج في الرتب العسكرية وربط ذلك بمبدأ الثواب والعقاب أساساً من أسس فكرهم العسكرين ويفصَّل الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك هذا التنظيم قائلاً : إن تكن للجند حاجة ما ينبغي أن تُطلب بألسنة قادتهم ورؤسائهم؛ لأنهم إن أُجيبوا إلى ذلك إجابة حسنة يكونوا قد توصلوا إلى احتياجاتهم، بأنفسهم ويكسبوا احترام أفرادهم؛ لأنهم طلبوا ما يحتاجون بأنفسهم فنالوه دون ما حاجة إلى وساطة تذهب باحترامهم لو لجأوا إليها. فإذا ما تطاول جندي على قائده ولم يحترمه أو يرع حرمته، بل تجاوز حده يجب أن يعاقب كيما يمتاز الرئيس عن المرؤؤس  . وهذا النظام هو القائم إلى الآن في العالم .

8-الجمع بين الرأي والتدبير والقوة العسكرية :

كان الفكر العسكري السلجوقي يعتمد على الرأي الصائب والحكم السديد بجانب استخدام القوة ، ولذلك يرى بعض المؤرخين أن السلطانين السلجوقيين الأول والثاني، طغرل بك وألب أرسلان تميزاً أنهما فاتحان عسكريان أما خلفهما ملكشاه فمهمته كانت تنظيم إدارة الدولة، ولدى الحاجة إلى توسيعها كان يلجأ إلى العمليات العسكرية وإلى الوسائل الدبلوماسية أيضاً  ، وهو أمر طبيعي في نشأة الدولة في أن يعتمد مؤسسوها على القوة والغلبة ثم يأتي خلفاؤهم، فيعتنوا بالإدارة وإعادة ترتيب الأولويات فيها، مما يؤكد على أن السلاجقة كانوا رجال حرب وإدارة وحسن تدبير بحق في تلك الفترة  . وكان الوزير نظام الملك يقول : أن المشورة في الأمور من قوة الرأي، خاصة إذا كانت الاستشارة لمن هم على قدر كبير من الخبرة وسعة التجربة وصولاً إلى الرأي الصائب الذي يتحتم العمل على أساسه  ، كما يؤكد الوزير السلجوقي أن انعدام المشورى ومناقشة الآراء المختلفة والاستبداد بالرأي من الدلالات الواضحة على ضعفة وعدم جدوى العمل به  ، وكانت نصيحة نظام الملك لسلطانه في مجال سياسة الأعداء أن يحارب الأعداء حرباً تترك باب الصلح مفتوحاً، وأن يصالحهم صلحاً لا يوصد باب الحرب، وأن يوطد علاقاته مع الصديق والعدو بنحو يمكنه من أن يفصم عراها، أو يعيد بناءها أنّى يشاء . وهي قاعدة مهمة في الفكر العسكري تنم عن رأي خبير في سياسة الحروب وإدارة الدول لا يقل حصافة وسداداً عن أي فكر حديث حصيف ، والعبارة السابقة قريبة لدرجة كبيرة من القاعدة التي تقول : لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة وإنما مصالح دائمة : ونُحن نوجه كلمة المصالح إلى مصالح الإسلام وكان من بين النصائح التي قدمها الغزالي لسلطانه محمد بن ملكشاه قوله : إنه مهما أمكنك الأمور بالرفق واللطف فلا تعملها بالشدة والعنف  ، ويقول أيضاً : وترتيب الوزراء مهما أمكنهم أن يحاربوا بالكتب فليحاربوا فإن لم تتأت الأمور بالاحتيال والتدبير فيجتهدوا في تأتيها بعطاء الأموال وبذل الصلات والنوال  ، فإنه من رأيه عدم التسرع في الأمور لأنه : قد يمكن قتل الأحياء ولا يمكن إحياء القتلى  فهو ينصح بالتدرج في ذلك والبدء أولاً بأعمال الرأي والفكر في أفضل الوسائل للعمل بها، وجعل استخدام القوة والعنف آخر الحلول تطبيقاً وفي ذلك حفاظ على قدرات الدولة من أن تهدر في أمور يمكن العمل على حلها بالرأي والتدبير دون الحاجة إلى تسيير الجيوش وإرهاق الدولة بباهظ تكاليفها  ، لأن الحرب في سائر الأحوال تفني ذخائر الأموال وفيها تبذل كرائم النفوس ومصونات الأرواح  . فكان من أسس الفكر عند السلاجقة سلاطين ووزراء وعلماء الجمع بين الرأي والتدبير والتدرج في استخدام القوة العسكرية واستعمال كل منها في الموقف الذي يلائمه، ودرء القوة ما أمكن غيرها  .




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق