59
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية :
المبحث الثالث:أهم معالم التجديد والإصلاح دولة نور الدين:
اتخذ نور الدين محمود من سيرة عمر بن عبد العزيز نموذجاً يقتدى به في دولته، فقد كتب الشيخ العلامه أبو حفص معين الدين عمر بن محمود بن خضر الإربلي سيرة عمر بن عبد العزيز لكي يستفيد نور الدين منها في إدارة دولته ولقد آتت معالم الإصلاح والتجديد الراشدي في عهد عمر بن عبد العزيز ثمارها في الدولة الزنكية، فقد أقتنع نور الدين بأهمية التجارب الإصلاحية في تقوية وأثراء المشروع النهضوي وتمكينه في إيجاد وصياغة الرؤية اللازمة في نهوض الأمة وتسلمها القيادة فللتجارب التاريخية دور كبير في تطوير الدول وتجديد معاني الإيمان في الأمة ولذلك حرص على معرفة هذه السير المباركة لكي يقتدي برجالها قال أبو حفص معين الدين الإربلي في مقدمة كتابه عن عمر بن عبد العزيز وتقديمه ذلك الكتاب لنور الدين.. علماً منه الاقتداء عن سلف الفضلاء العقلاء يكمل الأجر ويبقى الذكر واتباع سنن المهديين الراشدين يصلح السريره ويحسن السيرة وأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بسلفه من الأنبياء فقال عز من قائل " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدة " (الأنعام : 90) وقال تعالى : " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك " (هود : 120) فلذلك اشتد حرصه – أدم الله سعادته – على جمع السير الصالحة والآثار الواضحة فحينذ رأيت حقاً على بذل الوسع في مساعدته واستنقاذ القوة في معاضدته بحكم صدق الولاء وأكيد الإخاء، فصرفت وجه همتي إلى جمع سيرة السعيد الرشيد عمر بن عبد العزيز – رضي الله
عنه – والتجأت إلى الله الكريم جل اسمه أن يحسن معونتي ويُيسَّر ما صرفت إليه عزيمتي، فحين شرح الله صدري لذلك، ولاحت أمارات المعونة، بادرت إلى جمع هذه السيرة برسم خزانته المعمورة، معاونة على البر والتقوى ( ) لقد قدم هذا الشيخ الجليل منهاجاً علمياً عملياً لنور الدين زنكي من خلال سيرة عمر بن عبد العزيز، فبنى دولة العقيدة، وحكم الشريعة وقمع البدع، وأقام العدل، ورفع الضرائب والمكوس عن الأمة، وعمل على إحياء السنة، وعمق هوية الأمة، وفجر روح الجهاد فيها ونشر العلم، وساهم في تحقيق الأزدهار والرخاء وكان نسيج وحده في زهده وورعه وعبادته وصدقه وأهتم بالإدارة والاقتصاد والقوات المسلحة، والمدارس العلمية والمؤسسات الاجتماعية وكان شديد التقيد بأحكام الشريعة الغراء يقول شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة عن نور الدين زنكي : .. فأطربني ما رأيت من آثاره، وسمعت من أخباره، مع تأخر زمانه وتغير خِلاَّنه، ثم وقفت بعد ذلك في غير هذا الكتاب على سيرة سّيَّد الملوك بعده، الملك الناصر صلاح الدين، فوجدتهما في المتأخرين كالعُمرين – رضي الله عنهما - في العدل والجهاد واجتهدا في اعزاز دين الله أي اجتهاد وهما ملِكا بلدتنا وسُلطانا خُطَّتنا خصَّنا الله تعالى بهما، فوجب علينا القيام بذكر فضلهما، فعزمت على إفرد ذكر دولتيهما بتصنيف يتضمن التقريظ لهما والتعريف، فلعلهَّ يقف عليه من الملوك من يسلك في ولايته ذلك السلوك، فلا أبعد أنهما حجة من الله على الملوك المتأخرين وذكرى منه سبحانه فإن الذكرى تنفع المؤمنين فإنهم قد يستبعدون طريقة الخلفاء الراشدين، ومن حذا حذوهم من الأئمة السابقين، ويقولون نحن في الزمن الأخير وما لأولئك من نظير، فكان فيما قدر الله سبحانه من سيرة هذين الملكين إلزام الحجُةَّ عليهم بمن هو في عصرهم من بعض ملوك دهرهم، فِلن يعجز عن التشبه بهما أحد، إن وفق الله تعالى الكريم ( ) وسددَّ .. هذان حجة على المتأخرين من الملوك والسلاطين فلله درهما من ملكين تعاقباً على حسن السيرة وجميل السريرة وهما حنفي وشافعي شفى الله بهما كل عِيّ، وظهرت من خالقهما العناية .... والفضل للمتقَّدم، فكأن زيادة مدة نور الدين كالتنبيه على زيادة فضله، والإرشاد إلى عظيم محلهَّ، فإنه أصل ذلك الخير كله مهد الأمور بعد له وجهاده وهيبته في جميع بلاده، مع شدة الفتق واتساع الخرق، وفتح من البلاد، ما استعين به على مداومة الجهاد فهان على من بعده على الحقيقة، سلوك تلك الطريقة ( ) ... فما أحقهما بقول
الشاعر :
وألبس الله هاتيك العِظامَ وإن
??بَليِن تحت الثرى عفواً وغفرانا
سقى ثرى أُودِعُوه رحمةً ملأتْ
??مثوى قبورهم روحاً وريحاناً ( )
وإليك أخى أخري أهم معالم التجديد والإصلاح التي قام بها نور الدين محمود الشهيد في دولته
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق