52
دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الثاني
نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي
المبحث الرابع:العزل والمصادرة لوزراء بني العباس والسلاجقة:
أولاً : العزل والمصادرة لوزراء بني العباس :
تظاهرت عدة لعوامل لظاهرة العزل والمصادة للوزراء في العصر العباسي، ويعد العامل السياسي من أهم العوامل التي دفعت خلفاء بني العباس إلى عزل وزراءهم ومصادرتهم، حيث برزت خلال هذا العصر ظاهرة وجود وزيرين في آن واحد ، إحدهما للخليفة العباسي والثاني للسلطان السلجوقي، فكان الاثنان في صراع مستمر للحصول على النفوذ السياسي المرموق وحسب السيطرة، مما دفع الاثنين إلى توجيه الاتهامات السياسية لبعضها البعض عند خلفاءهم وسلاطينهم لغرض عزلهم ، كما أن ظلم الوزير لرعيته من الأسباب التي دفعت الخليفة العباسي إلى عزل وزيره ، ففي سنة 563ه نال أبي جعفر أحمد بن محمد بن البلدي، منصب الوزارة، وأصبح ظلم هذا الوزير على الكتاب والعمال وأولاد الوزراء السابقين أمراً مألوفاً فذهب ضحية لهذه المعاملة الجائرة كل من أولاده الوزير عون الدين يحي بن هبيرة ورئيس الرؤساء، فصادر أموالهم وسلب قطائعهم، وبذلك سآت سمعة هذا الوزير، ما دفع الخليفة المستنجد بالله إلى عزله ، ومن الأسباب في العزل، قلة خبرة الوزير الإدارية وقصور كفايته، وعجزه في إدارة أمور البلاد، دفع خلفاء بني العباس إلى عزل وزرائهم ، ففي سنة 454ه عزل الخليفة القائم بأمر الله وزيره أبو الفتح محمد بن منصور بن دارست من وزارته، وذلك لما ثبت قصور هذا الوزير بالحفاظ على الأموال وجمعها من عمال الولايات ، ومن الأسباب في العزل عدم ولاء الوزير للخليفة وخيانته له دفع كثير من خلفاء بني العباس إلى عزل وزرائهم ففي سنة 460ه، كتب قاضي القضاة محمد بن علي الدامغاني محضراً صادراً من الخليفة العباسي القائم بأمر الله يوعز فيه بعزل وزيره فخر الدولة إلى نصر محمد بن محمد بن جهير وذلك لما ارتكبه هذا الوزير من أخطاء في حق الخليفة ، ولما تبين للخليفة المقتفي لأمر الله خيانة الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي ، عزله ونسب إليه مواطأة الأتراك وتآمره مع السلطان السلجوقي ضد الخليفة العباسي الراشد بالله . حيث كتب محضراً وقع عليه عدد من القضاة شهدوا فيه زوراً بتعدد المنكرات والكبائر التي اتهموا بها الخليفة العباسي الراشد بالله وبتأييد صريح من السلطان السلجوقي مما أدى على خلع الخليفة وزيادة عن ذلك كان للوشاية طريقاً في عزل الوزراء، حيث سخر الواشون العديد من الأساليب لعزل الوزراء، فمنهم من سخر الشعراء في تشويه سمعة الوزير والتقليل من مكانته وإثبات قصوره في إدارة شؤون البلاد، مما تدفع بالخليفة وعامة الناس بالمطالبة بعزله وخير دليل على ذلك حدث في عام 555ه/ حيث ذهب بعض الوشاة إلى الخليفة المستنجد بالله لكي يلفقوا الكثير من الكبائر للوزير عون يحي بن هبيرة، فكتب الخليفة إلى الوزير يعلمه بما جرى في حقه من وشاية في بلاطه، فكتب الوزير للخليفة يقول :
زرعت زروعاً تجتني ثمراتها
فلا ذنب لي أن حنظلت شجراتها
فهم نقلوا عن الذي أمة بها
وما آفة الأخبار إلا رواتها
يطول على مثلى بأني كلما
سمعت نباحاً من كلاب خساتها
ومن الملاحظ أن أغلب الوزراء الذين تعرضوا لعملية العزل، لم يفلتوا من التعذيب والتنكيل والقتل والمصادرة ، وبالرغم من ذلك حدثت حالات شاذة حيث عزل بعض خلفاء بني العباس بعض وزراءهم على أحسن حال، حيث انصرف هؤلاء المعزولين مع حاشيتهم إلى داره معززاً مكرماً، وهذا ما حدث في عام 484ه، حيث عزل الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله وزيره أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين المرودراوري على أحسن حال، بحيث لم يعزل وزيراً مثله من قبل . ومن الملاحظ بأن العزل يحدث بطريقتين، فأما أن يصدر الخليفة العباسي قرار بعزله شفاها وأما أن يحدث العزل بتقرير خطي مكتوباً من قبل الخليفة ، وأما المصادرة، فغالباً ما كانت تصاحب ظاهرة العزل، وقد عمد بعض خلفاء بني العباس إذا ما اختلفوا مع وزرائهم إلى عزلهم ومن ثم مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة . .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق