إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

50 دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الثاني نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي المبحث الثالث : صلاحيات الوزير العباسي والسلجوقي : أولاً : الإدارية :


50

دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الثاني

نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي

المبحث الثالث : صلاحيات الوزير العباسي والسلجوقي :

أولاً : الإدارية :

 ازداد عدد الدواوين في العصر العباسي وكثرت واجباتها وتركبت وتعقدت تشكيلاتها الإدارية، ولكي تلبي حاجة الدولة والمجتمع الكبير الذي تنظم شؤونه وقد أصبح توزيع أعمال الدواوين دقيقاً بحيث لم يكن هناك مرفق من مرافق الدولة والمجتمع إلا وله ديوان يختص بشؤونه ويعني بمشاكله، ونتيجة لأهمية الدواوين فقد أوكل خلفاء بني العباس لوزرائهم الأشراف على هذه الدواوين وخولهم تعيين رؤساء هذه الدواوين وعزلهم  .

 فضلاً عن الوزراء العباسيون كانوا حريصين على تنفيذ آوامر الخليفة، حيث يقوم الوزير باستدعاء القضاة إلى دار الوزارة وإبلاغهم بقرار تعينهم أو عزلهم  .

وفي زمن الخليفة المقتدى بأمر الله، نال الوزير عميد الدولة محمد بن محمد بن جهير منصب الوزارة، وأصبحت له مكانة عالية عند المقتدى لدرجة أن الخليفة فوضه جميع أمور الدولة  ، كما فوض الخليفة المستظهر بالله أمور الخلافة إلى وزيره أبي منصور عميد الدولة محمد بن جهير، فاجاد في إدارة أمور البلاد، ونظم شؤونها  .

ولما بويع الخليفة المستنجد بالله بالخلافة سنة 555ه نصب عون الدين يحي بن هبيرة على الوزارة، وفوضه أمور البلاد وقال له : إنهض أنت إلى الديوان لتنفيذ المهام وتثق بشمول الأنعام ولتأمر بالحاضرين بالانكفأإلى الخدمات.

وعندما استلم الوزير مهامه قبض على القاضي علي بن المرخم الذي عرف بسوء تصرفه وسوء عدله وأخذ الرشاء من الرعية، وأخيراً أمر الوزير بمصادرة أمواله  ، ومن صلاحيات الوزير العباسي أنه كان ينوب عن الخليفة في بعض المناسبات فمنها كان الوزير يجلس نيابة عن الخليفة في مجلس العزاء  ، ففي سنة 486ه، توفي جعفر بن الخليفة المقتدي بأمر الله فجلس الوزير عميد الدولة محمد بن جهير للعزاء به ثلاثة أيام  .

ومن صلاحيات الوزير أنه يجلس نيابة عن الخليفة في مجلس الهناء، فعندما ولد للقائم ولده ذخيرة الدين أبو العباس بن القائم سنة 44ه جلس الوزير رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن حسن بن مسلمة ثلاثة أيام للهناء، وحضر عميد الملك أبو نصر بن منصور الكندري وجماعة الأمراء  .

فضلاً عن ماتم ذكره، فأن صلاحيات الوزير صلاحيات الوزير العباسي بدأت تزداد اتساعاً لدرجة أنه أخذ على عاتقه متابعة موظفيه فيما يقومون به من أعمال وعندما تثبت لديه سوء أعمال موظفيه والاشتباه بسوء نياتهم سرعان ما يقوم بمحاسبتهم واعتقالهم ومصادرة أموالهم، كما قام باعتقال ومحاسبة الوزراء السابقين وأولادهم وموظفيهم  .

وعلى هذا الأساس كان من المحتمل أن بقاء الوزير في منصبه يتوقف على مدى نجاحه في اختيار الموظفين والعمال والأكفاء ومراقبة أعمالهم بدقة، ولذا عمد بعض الوزراء عند توليهم الوزارة إلى عزل الموظفين السابقين، واختيار غيرهم من يعتقد أنهم سيتعاونون معه في القيام بأعمال الدولة الإدارية على أفضل وجه، وبذلك أصبح من صلاحيات الوزير العباسي الإشراف على الأعمال الإدارية والمالية للدولة  ، وتعيين وعزل ولاة الأقاليم  ، وخاصة الأقاليم التي كانت خاضعة للنفوذ الخليفة العباسي فسرعان ما يقوم الوزير العباسي باختيار الموظفين الذين يكونوا محل ثقة فيعينهم ولاة لهذه الأقاليم، لكن يؤمنون وصول جبايات الأقاليم إلى خزانة الخلافة  ، وخلال العصور العباسية المتأخرة، أصبحت صلاحيات الوزير واسعة لدرجة أنه أخذ ينظر في المظالم بعد أن كانت من صلاحيات الخليفة العباسي، فالوزير أبو شجاع محمد بن الحسن الروذراوري  .

وزير الخليفة المقتدى بأمر الله 467ه، كان يجلس للمظالم بعد صلاة الظهر، وكان الحجاب ينادون في الناس لرفع قصص المظالم إلى الوزير للنظر فيها  ، وأنيط بالوزير العباسي مسؤولية حفظ الأمن والنظام في الدولة وكشف المؤامرة والدسائس التي تهدد كيان الدولة العباسية، من ذلك أن الوزير رئيس الرؤساء أبو القاسم على بن حسن بن أحمد بن مسلمة أعلم الخليفة القائم بأمر الله بنوايا البساسيري  ، ومراسلته لليازوري وزير المستنصر بالله الفاطمي بمصر مستهدفاً خلع القائم بأمر الله، فلما تحقق من صحة ما نسب إلى البساسيري، حاول التخلص منه، نهائياً .

ويقول الثعالبي أن من صلاحيات الوزير هي : يتعين على الوزير أن يمعن النظر في دقائق المملكة، وتحسينها وما يعود بقوتها، وتمكينها، ويذكي العيون، ويستعلم الأخبار، ولا يغفل عن خلل يتوهم، وفساد يظهر، فقال قال الحكيم : لا تتهاون بصغير يحتمل
الزيادة  .

1-السياسية : كان الوزير العباسي من صلاحياته السياسية مسؤولاً عن استقبال الوفود من قبل دخولهم إلى حضرة الخليفة، ويقوم بأداء مراسيم الضيافة والتوديع  ، فعند ما خرج السلطان السلجوقي ملكشاه في بغداد متوجهاً نحو اصفهان وكان معه وزيره نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق الطوسي، خرج الوزير العباسي محمد بن حسين بن عبد الله أبو شجاع لتوديعه، فودعه في النهروان  ، وكذلك عندما دخل السلطان السلجوقي مسعود بن محمد بن ملكشاه بغداد في سنة 546ه ، خرج الوزير العباسي عون الدين يحي بن هبيرة، وأرباب الدولة في موكب فخم لاستقباله  ، فضلاً عن ذلك، فأن صلاحيات الوزراء ازدادت بحيث كانوا يتولون أخذ البيعة للخليفة عند توليه ويشرفون على المراسم الخاصة بذلك  ، ومن صلاحيات الوزير العباسي أنه كان يقوم بدور السفير بين الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي حاملاً الرسائل أمراء السلاطين وناقلاً إليهم آراء وأوامر الخليفة وبالعكس، فقد كان الخليفة القائم بأمر الله والخليفة المقتدي بأمر الله يوفدان الوزير عميد الدولة محمد بن محمد بن جهير في رسائل إلى سلاطين السلاجقة  . فضلاً عن ذلك أصبح الوزير له الحق أن يجلس مع الخليفة ويتشاور معه في أمور البلاد، لدرجة أن الخليفة المقتفي لأمر الله عندما استوزر شرف الدين علي بن طراد الزينبي، كان لا يستطيع الخليفة أن يثبت في أمراً  من أمور الخليفة إلا بمشورته  ، ونال الوزير العباسي صلاحيات واسعة حيث أخذ يكاتب ويراسل ويتفاوض مع أمراء الأطراف والإمارات المتاخمة الذين ابدوا العصيان للخليفة العباسي، فعندما نال فخر الدولة، أبو نصر محمد بن جهير منصب الوزارة، كانت بعض الأطراف المتاخمة ترفض إبداء الولاء للخليفة العباسي، إلا أن حسن مراسلة الوزير وطيب علاقته وحسن سفارته مع امراء الأطراف، استطاع أن يعيد هذه الإمارات وأن تبدي ولاءها للخليفة العباسي  ، فضلاً عن ذلك فإن الوزير العباسي أخذ يحضر مجلس الخليفة، عند قدوم سلاطين السلاجقة وأمراء الأطراف،ثيقوم بقراءة القرارات التي أتخذها الخليفة، وأبلاغها للوفود الحاضرين في مجلس الخليفة .

2-المالية : اتسعت صلاحيات الوزير المالية خلال العصور العباسية المتأخرة وخاصة في ظل الوزراء الأقوياء الذين سيطروا على زمام الأمور، فقد أصبح الوزير يشرف على القطائع الخاصة بالخليفة العباسي فالوزير عميد الدولة محمد بن محمد بن جهير عندما نال دست الوزراة كسب ود الخليفة وأثبت مقدرته الإدارية، باشر هذا الوزير بالإشراف على قطائع الخليفة ، كما اتخذ الوزراء على عاتقهم مسؤوليات توفير المواد الغذائية للسكان وبأسعار ثابتة – معقولة – فالوزير ظهير الدين أبو شجاع الروزراورى عندما نال الوزارة في سنة 476ه منع وعاقب الموظفين الذين يحاولون استغلال مناصبهم لتحقيق رغباتهم الشخصية كالاعتداء على أموال الناس وبذلك عّم الرخاء، وثبتت أسعار المواد الغذائية وانخفضت أسعارها  . ويذكر الثعالبي : أن من أهم الصلاحيات المالية للوزير العباسي هي السعي في عمارة البلاد، وإصلاح خللها، وتثمير الأموال والمزروعات، وبالأموال تشمخ وتكثر الأعوان  ، فضلاً عن الإشراف على دخل الدولة من الأموال والمجوهرات والمواد النفيسة التي تضاف إلى بيت المال، ومعرفة مصروفاتها على مؤسسات الدولة، وما يصرف على بلاط الخليفة وغيرها من الأموال  ، وأشرف الوزارء على إصلاح الأراضي الزراعية وسد البثوق وعمارة البلاد وزيادة واردات المال، كما نال الوزراء صلاحيات واسعة بينها الماوردي قائلاً : يجوز للوزير أن يتصرف في أموال بيت المال يقبض ما يستحق له ويدفع ما يجب فيه  .

3-العسكرية : نال الوزراء ولاسيما منهم مكانة مرموقة لدى خلفاء بني العباس، ولذا أوكلوا إليهم قيادة الجيوش العباسية لمحاربة أي عدوان أجنبي، كما خولهم الاشراف على الجيوش العباسية، فقد لعب الوزير يحي بن هبيرة دوراً لامعاً في قيادة الجيوش العباسية التي سرعان ما هددت كيان الدولة السلجوقية والقضاء عليها في العراق  ، وقد شارك كثير من وزراء بني العباس خلفاءهم في قيادة الجيوش المحاربة، فعندما خرج الخليفة المسترشد بالله لقتال السلطان مسعود السلجوقي في
سنة 529ه خرج الوزير على بن طراد الزيني معه إلا أنه وقع في الأسر مع الخليفة العباسي ا، كما وقف الوزير علي بن الحسن بن صدقة إلى جانب الخليفة العباسي المسترشد بالله في قيادة العساكر ومقارعة السلاجقة  ، فضلاً عن ذلك فإن الوزير يتولى استعراض الجيوش في المناسبات وقيادة الجيوش العباسية لقمع الفتن والاضطرابات في الأقاليم التابعة والخاضعة لنفوذ الخليفة العباسي  ، كما خول الوزير العباسي صلاحيات تقديم المشورات العسكرية للخليفة العباسي ولما طلب السلطان محمد شاه من السلطان محمود بن الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، مبلغاً من المال مقداره ثلاثين ألف دينار مقابل رفع الحصار عن بغداد، أشار الوزير عون الدين يحي بن هبيرة على الخليفة بعدم دفع المبلغ المحدد للسلطان، وإن وجب صرفه لأعداد جيشاً جراراً للخلافة يمكن من خلاله صد قوات السلطان محمد شاه فقبل الخليفة رأي الوزير عون الدين يحي بن هبيرة، وفوضه إعداد هذا الجيش  ، ولذلك كان للوزير عون الدين يحي بن هبيرة الدور الفاعل في قمع إمارة
السلاجقة  ، كما أصبحت مهام الوزير مقتصرة على تسيير الجيوش وتدبير الحروب  ، ويذكر الثعالبي : إن من مهمات الأمور أن ينظر في أمر الأجناد فيؤلف يسوسها على ما يليق بها، ويولي عليهم العراض فيكتب حلالهم وشتأت خيلهم، وصفات أسلحتهم، ويثبت أقطاعهم، وأرزاقهم، ويعجل ما يستحق منها  ، ويضيف الثعالبي أن صلاحيات الوزير هي : حسن النظر في أمور الجند، فلا يؤخر عنهم العطاء، ولا يلجئهم إلى الشعب والغوغاء ويسوسهم، بما يدليهم طاعتهم، ويؤلف كلمتهم .



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق