إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

4 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الأول:أصولهم ومواطنهم وبداية ظهورهم: ثالثاً :المشرق الإسلامي قبيل ظهور السلاجقة : 1-السامانيون : 204 - 395ه :


4

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الأول:أصولهم ومواطنهم وبداية ظهورهم:
 
ثالثاً :المشرق الإسلامي قبيل ظهور السلاجقة :

1-السامانيون : 204 - 395ه :


ينسبون إلى جدهم سامان وهو أحد الدهاقين الفرس المعروفين وهم ينحدرون من أسرة فارسية عريقة، أما موطنهم الأصلي، فكان مدينة بلخ وكان أول اتصال لسامان بهذه الدولة الإسلامية في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان " 105ه - 125ه "، عندما وفد على أسد بن عبد الله القسري وإلى خراسان آنذاك – حيث كانت الاضطرابات وهجمات الأتراك والدهاقين المتكررة التي شهدها إقليم خراسان بشكل عام وبلخ بشكل خاص هي التي أجبرت سامان على الفرار والالتجأ إلى أسد القسري للاحتماء به، فقد كان هذا ملجأ المضطهدون من العرب والفرس على حد سواء  ، وقد أكرمه وقدم له الحماية وساعده على قهر خصومه وأعاده إلى بلخ  ، فاعتنق سامان الإسلام على يديه وسمي ابنه أسد تيمناً به وحبا له وكان أسد بن سامان هذا من جملة أصحاب علي بن عيسى بن ماهان عندما ولاه الخليفة هارون الرشيد أمر خراسان، وتوفي في ولايته  ، وفي عهد الخليفة هارون الرشيد، خرج رافع بن الليث في ما وراء النهر وبسط سلطته على سمرقند ، فأرسل الخليفة ضده جيشاً
بقيادة هرثمة بن أعين، وهنا نجد أبناء أسد بن سامان يقفون إلى جانب هرثمة ويشدون من أزره واستطاعوا بجهودهم تلك أن يحملوا رافع بن الليث على عقد الصلح مع هرشمة وبذلك أبعدوا سيطرته عن سمرقند   ، وفي خلافة المأمون (198 - 218ه) لقي أبناء أسد الأربعة احتراماً وتقديراً عند المأمون حيث قربهم إليه وشملهم برعايته لإخلاصهم في خدمته، فطلب من واليه على خراسان غسان بن عباد أن يسند إلى كل منهم ولاية على أكبر أقاليم بلاد ما وراء النهر، فأصبح نوح والياً على سمرقند، وأحمد على فرغانة، ويحي على الشاش وأشروسنة وإلياس على هراة  وقد تمكن هؤلاء أن يثبتوا أنهم أهل للمسؤولية التي أنيطت بهم بأن أعادوا الأمن والاستقرار إلى هذه الأقاليم وأكدوا سلطة الخلافة العباسية عليها ولم تعد هذه الأقاليم كما كانت قبل هذه الحقبة موطناً لحركات التمرد والعصيان على الخلافة، وعلى الرغم من كل ذلك فقد استطاعوا توطيد نفوذهم في إقليم ما وراء النهر واكتسبوا بذلك مكانة رفيعة وسمعة طيبة في أنحاء الإقليم  . وقد برز من هؤلاء الأخوة الأربعة أحمد الذي أصبح إليه حكم فرغانة والشاس وقسم من الصغد وسمرقند واستمر في حكم المنطقة حتى وفاته عام 250ه ، فتولى بعده ابنه نصر الذي حكم المنطقة حتى سنة 259ه وصار يتبع الخلافة مباشرةً لانتهاء حكم الطاهريين هناك  . وفي سنة 263ه عين الخليفة المعتمد، نصر بن أحمد والياً على بلاد ما وراء النهر بأكملها وقد تولى مناصب الولاية والحكم في مرحلة مهمة جداً في تاريخ السامانيين حيث يمكن اعتبارها البداية الحقيقية لقيام الدولة السامانية، فقد هيأت الظروف السائدة في هذا الإقليم البعيد عن مركزالخلافة العباسية للسامانيين فرصة وطدّوا من خلالها حكمهم هناك، فأصبحوا شبه مستقلين أخذين على عاتقهم مسؤولية حماية الأراضي الإسلامية،فضلاً عن تأمين استمرار التجارة وتدفق السلع المختلفة إلى مناطقهم واستطاعوا أن يحققوا لأنفسهم استقراراً سياسياً واقتصادياً جعلهم فيما بعد قادرين على التوجه نحو خراسان ، وبعد وفاة نصر تولى مقاليد الأمور في الدولة السامانية أخوه إسماعيل بن أحمد سنة 279ه   والذي يُعد من أعظم حكام السامانيين بلا منازع في المجالات السياسية والحربية والإدارية على السواء، فقد شهدت الدولة السامانية في عهده، رفاهاً واستقراراً سياسياً حيث اتسعت حدودها وتوطّد استقلالها أكثر من ذي قبل   وقد اتخذ إسماعيل من بخارى عاصمة
له فشهدت في عهده ازدهاراً فكرياً واسعاً حيث ترعرت ونشطت الثقافة الإسلامية   وبعد وفاة إسماعيل   تولى الحكم في الدولة السامانية ابنه أحمد وذلك عام 295ه وأقر الخليفة المكتقي
(289 - 295ه) حكمه عند ما بعث إليه بعهده على خراسان وما وراء النهر في ربيع الآخر من السنة نفسها  ، وقد أثبت الأمير الساماني أحمد بن إسماعيل جدارة في الحكم فقد تغلب على جميع المتاعب وتمكن من تدليل مشاكل الحكم التي واجهته خلال عهده، فقد انتصر في عدة مواقع على الأتراك الرحالة الوثنيين خارج حدود الخلافة وعلى ذلك ولاه الخليفة شرطة بغداد،وأعمال فارس وكرمان  ، وقد اهتم السامانيون بنشر الإسلام في صفوف الترك، وقاموا بتغيير استراتيجيتهم في القتال مع الترك وذلك أن السامانيين عدلوا عن أسلوب الدفاع الذي كان متبعاً في وادي سيحون ضد الكفار من الترك منُذ شرع قتيبة بن مسلم في فتح هذه البلاد وكان هذا الأسلوب القديم يعتمد على إقامة الحصون، وحفر الخنادق التي تحمي المسلمين من غارات الترك المفاجئة، فلما جاء السامانيون عدلوا عن موقف الدفاع من وراء الحصون والخنادق عند وادي سيحون إلى موقف الهجوم على مناطق المراعي لتأديب الأتراك المغيرين،  كما عدلوا عن إنشاء وترميم ما تهدم من هذه الحصون وكان لهذا التطور في طريقة الدفاع عن الأراضي الإسلامية تأثيره على علاقة الإسلام بالتركستان، إذ عبر كثير من سكان ما وراء النهر في جماعات متتابعة إلى مناطق المراعي بل وإلى داخل المناطق الصحراوية حيث أنشئوا مدناً صغيرة في شكل مستعمرات سكانية استقروا بها، وبدءوا منها نشاطهم الاقتصادي وواكب هذا النشاط الاقتصادي نشاط ملحوظ في الدعوة إلى الإسلام قام بالدور الأساسي فيه الدعاة إلى الله المتجردون المخلصون، فقد كان لهذا التطور، بالإضافة إلى ما صحبه وسبقه من نشاط تجاري دوره الكبير في تعرف الأتراك على الإسلام، هذا التعرف الذي انتهى بهم إلى الدخول فيه  ، نظراً لما تتميز به عقائد الإسلام من بساطة تناسب طبيعتهم البدوية بالإضافة إلى ما تميز به الإسلام من سمو روحي، وتفوق مادي حضري أدركوا أثرهما في سلوك مواطنيهم الذين سبق وأن هاجروا إلى ما وراء النهر، ثم عاد بعضهم مع القادمين الجدد الذين أقاموا المدن المستعمرة بين ظهرانيهم في المراعي داخل الصحراء  ، ومن فضل لله وتوفيقه أن الإسلام الذي انتشر بين صفوف الترك في ظل آل سامان كان الإسلام السني  ، وقد كان الأتراك متحمسين لهذا المذهب .

‌أ-نهاية الدولة السامانية :

أثبت الأمير الساماني أحمد بن إسماعيل جدارة في الحكم فقد تغلب على جميع المتاعب وتمكن من تذليل مشاكل الحكم التي واجهته خلال عهده، وبعد وفاته سنة 301ه ، خلفه السعيد نصر الذي كان طفلاً في الثامنة من عمره، فاضطربت أمور الدولة السامانية في أول عهده وظهرت الفتن وتمرد أمراء الأطراف محاولين الاستقلال بولاياتهم، ولكن هذا الأمير الساماني الذي طال حكمه مدة ثلاثين عاماً تمكن أثناءها من التغلب على هؤلاء الطامعين جميعاً  ولكن ينبغي ألا ننسى أن بوادر الضعف وعلائم الانهيار ظهرت منُذ منتصف القرن الرابع الهجري، حيث ظهرت حركات الانقسام في صفوف الأسرة السامانية الحاكمة نفسها، وذلك عندما أراد إسحاق بن أحمد عّم السعيد نصر الاستيلاء على الحكم وقد اتخذ سمرقند قاعدة لفعالياته  ، وبدأت الدولة السامانية في الضعف ووافق ظهور الدولة البويهية الشيعية والتي كانت قد تمكنت من العراق وقد تطلع البويهيون إلى السيطرة على أملاك الدولة السامانية وأشتبك الطرفان في حروب وقد تعرضت الدولة السامانية لضغوط متزايدة من كل الجهات، فمن الشمال والغرب تعرضت لضغط الديلم والعلويين، كما تعرضت لضغط خانات الأتراك الذين دخلوا الإسلام على يد السامانيين  ، وقد استطاع البويهيون انتزاع كرمان من السامانيين والاستيلاء عليها وجباية أموالها التي قاموا بإنفاقها على جيوشهم عام 324ه  ، كما ساهمت الأوضاع التي وصل إليها السامانيون إلى اقتسام أملاكهم بين القراخانيين والغزنويين، حيث أخذ القراخانيين ما وراء النهر، أما ما تبقى من مناطق أخرى فكان من حقه الغزنويين  .

2-الغزنويون : 351 – 582 ه :

أخذت الدولة الغزنوية أسمها من مدينة غزنة إحدى المدن في أفغانستان، ويرجع ظهور هذه الدولة إلى أحد القادة المسلمين المسمى " سبكتكين " فقد تولى منطقة غزنة من قِبل السامانيين، ثم مد سبكتكين سلطانه في الشرق حيث ضم إقليم خراسان الذي ولاه عليه نوح بن منصور الساماني في سنة 384ه مكافأة له على قمع الثوار في بلاد النهر لكن سبكتكين أتجه بأعماله نحو الهند ولم يكن اتجاهه نحو البلاد التي كانت في حوزة السامانيين إلا تلبية لرغبته حين استعانوا به على قمع الحركات الخارجين عليهم في خراسان، فقد انضم بقواته إلى نوح بن نصر الساماني في قتال الخارجين في خراسان وفي قتاله للبويهيين الذين رغبوا في الاستيلاء على خراسان من أملاك السامانيين واستطاع سبكتكين وابنه محمود مع قوات السامانيين الانتصار على هؤلاء الخارجين، كما انتصروا على بني بويه وأعادوا للسامانيين مدينة نيسابور وبعودة نيسابور إلى السامانيين ولى نوح الساماني ابنه محمود بن سبكتين عليها، كما ولاه على جيوش خراسان ولقبه " سيف الدولة " ولقب أخاه سبكتكين " ناصر الدولة "   وقد ولى سبكتكين منُذ أول الأمر وجهه شطر الأقاليم الهندية   فتمكن وعظم، وأخذ يُغير على أطراف الهند، وافتتح قلاعاً، وتمت له ملاحم مع الهنود   وأشتبك مع أحد ملوكهم ويدعى جيبال في حروب طاحنة واستطاع سبكتكين أن يلحق به الهزيمة سنة 369ه  وأجيره على طلب الصلح على مال يؤديه وبلاد يسلمهما وخمسين فيلاً يحملها إليه، فاستقر ذلك ورهن عنده جماعة من أهله على تسليم البلاد، وسير معه سبكتكين من يتسلمها، فلما أبعد جيبال ملك الهند قبض على من معه من المسلمين وجعلهم عنده عوضاً عن رهائنه، فلما سمع سبكتكين بذلك.. سار نحو الهند فأخرب كل ما مر عليه من بلادهم، وقصد " لمغان " وهي من أحسن قلاعهم فافتتحها عنوة، وهد بيوت الأصنام وأقام فيها شعائر
الإسلام .. ثم عاد إلى غزنة وسار خلفه جيبال في مائة الف مقاتل، فلقيه سبكتكين والحق به هزيمة كبيرة وأسر منهم مالاً يعد وغنم أموالهم وأثقالهم، وذل الهنود بعد هذه الموقعة، ولم يكن لهم بعد راية، ورضوا بألا يطلبوا في أقاصي بلادهم، ولما قوى سبكتكين بعد هذه الموقعة أطاعه الأفغان  ، وكانت دولته نحواً من عشرين سنة، وكان فيه عدل وشجاعة ونبل مع عسف  ، وبعد وفاته عام 378ه عهد بالإمرة إلى ابنه إسماعيل واستطاع ابنه محمود أن ينتزع الإمارة من أخيه إسماعيل بعد قتال مهول  .

‌أ-محمود الغزنوي : من المؤسف حقاً أن لا يعرف كثر من المثقفين وخريجي الجامعات شيئاً عن هذا السلطان السني العظيم ومملكته في بلاد الأفغان وما كان عليه من حب للعمل وتقّرب إلى الله بحمل راية الدعوة وبث روح الجهاد والاستشهاد في جنده، ونشر السنة، وقمع البدع وما كان يتحلى به من قيم إسلامية مثلى كان لها أعمق الأثر في ازدهار مملكته والتفاف الناس حوله في محبة وتفان ووفاء  .

إن سيرة السلطان محمود الغزنوي ودولته الُسنية تستحق أن يفرد فيها دراسة خاصة بهما وندعو طلاب العلم والمهتمين بالتاريخ الإسلامي وفق منهج أهل السنة والجماعة القيام بهذا الواجب لسد ثغرة في المكتبة الإسلامية ويوضح أهمية الالتزام والسنة وأثر ذلك في قوة الدولة وينسف أكاذيب وشبهات الرافضة والباطنية حول هذا البطل السني العظيم ومع هذا لا يمنع من الحديث عنه في هذه العجالة، فقد وصفة ابن كثير بالملك العادل الكبير المثاغر  ، المرابط المؤيد المنصور المجاهد يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة وتلك الممالك الكبار، وفاتح أكثر بلاد الهند قهراً، وكاسر بُدودِهم ، وأوثانهم كسراً، وقاهر هنودهم وسلطانهم الأعظم قهراً  ، وقد سار في الرعية سيرة عادلة وقام بأعباء الإسلام قياماً تاماً، وفتح فتوحات كثيرة في بلاد الهند وغيرها، وعظم شأنه في العالمين، واتسعت مملكته وامتدت رعاياه وطالت أيامه، ولله الحمد والمنة، وكان يخطب في سائر ممالكه للخليفة العباسَّي القادر بالله، وكانت رسل الفاطميين من الديار المصرية تَفِد إليه بالكتب والهدايا والتحف فُيحرق بهم، ويقطع كتبهم ويُخَّرق حللهم  ، ولما قدم التاهرتي الداعي مندوب الدعوة الفاطمية من مصر على السُّلطان يدعوه سراً إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلاً يتلون كل ساعة من كل لون، ففهم السلطان محمود سِرَّ دَّعوتهم، فغضب، وقتل التَّاهَرتي الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد الأزدي شيخ هراة، وقال : كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس المُوحَّدين  .

وأما فتوحاته فقد اتفق له في بلاد الهند فتوحات لم تتفق لغيره من الملوك، لا قبله ولا بعده وغنم مغانم كثيرة لا تنحصر ولا تنضبط كثرة من الذهب واللآلئ والسَّبْي، وكسر من أصنامهم وأبدادهم وأوثانهم شيئاً كثيراً جداً، وبيَّض الله وجهه وأكرم مثواه وكان من جملة ما كسر من أصنامهم صنم عظم للهنود يقال له سُومَنات  ، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحي ويُميت ويحُجُّونه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس، ومئة جوقة مغاني رجال ونساء، فكان بين بلاد الإسلام وبين قلعة هذا الصَّنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفاً، فيَّسَر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام، واستولى محمود على أموال لا تحصى ، بلغ ما تحصل منه من الذهب عشرين ألف دينار، وكسر ملك الهند الكبير الذي يقال له " جبيال.

وقهر ملك الترك الأعظم الذي يقال له : إيلك خان، وأياد ملك السامانية، وقد ملكوا بخراسان مائة سنة بلاد سمرقند وما حولها، ثم هلكوا وبنى على جيحون جسراً غرم عليه ألْفيْ ألف دينار، وهذا شيء لم يتفق لغيره من الملوك، وكان معه في جيشه أربعمائة فيل تقاتل، وهذه عظمية هائلة ومرتبة طائلة، وجرت له فصول ذكر تفصيلها يطول، وكان في غاية الَّديانة والصيانة، يحب العلماء والمحدثين يكرمهم ويجالسهم ويحسن إليهم، وكان حنفيّ المذهب، ثم صار شافعياً على يدي أبي بكر القفال الصغير،  وكان صادق النية في إعلاء الدين، مظفراً كثير الغزو، وكان ذكياً بعيد الغور صائب الرأي، دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال : لا يجوز أن يوصف الله بالفوقَّية لأنَّ لازم ذلك وصفه بالتحتّية، فمن جاز له أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت. فقال السلطان : ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه، فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات  . وكان السلطان محمود مُكرماً لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يَقِرُّ، وكان يعتقد في الخليفة العباسي ويخضع لجلاله ويحمل إليه قناطير الذهب وكان إلباً على القرامطة والإسماعيلية وعلى المتكلمين   وعندما ملك الري كتب إلى الخليفة القادر بالله يذكر أنه وجد لمجد الدولة البويهي من النساء الحرائر ما يزيد عن خمسين امرأة ولدن له نيفاً وثلاثين ولداً، ولما سئل عن ذلك قال : هذه عادة سلفي، وصلب من أصحاب الباطنيين خلقاً كثيراً، ونفى المعتزلة إلى خراسان وأحرق كتب الفلسفة والنجوم  .

‌ب-الصراع الغزنوي السلجوقي : تمكن السلطان محمود الغزنوي من توسيع حدود دولته فغزا الهند سبع عشرة غزوة ووصلت حملاته إلى هضبة الدكن وضم إلى دولته كذلك إقليم البنجاب وأخضع بلاد الغوريين " غزنة وهراة " ومدَّ نفوذه إلى بلاد ما وراء النهر  ، وبذلك أصبحت حدود دولته تمتد من شمال الهند في الشرق إلى العراق في الغرب، ومن خراسان وطخارستان وجزء من بلاد ما وراء النهر في الشمال إلى سجستان في الجنوب وقد أتخذ من مدينة لاهور مقراً لحكمه في الهند حيث عّين نائباً له هناك  ، فلا غرابة في أن أخذ يرنو إلى القضاء على البويهيين في بغداد  ، وكانت قوة السلاجقة في بلاد ما وراء النهر قد تعاظمت في بداية القرن الخامس الهجري مما آثار حفيظة السلطان محمود الغزنوي فقام في سنة 415ه بعبور نهر جيحون لمقاتلتهم، فنجح في القبض على زعيمهم ارسلان وولده قتلمش وعدد من كبار أصحابه وبعث بارسلان إلى الهند حيث مات في السجن بعد أن قضى فيه
سبع سنوات   وبعد أربع سنوات 419ه خرج السلطان محمود لقتال السلاجقة مرة أخرى بناء على التماس سكان مدينتي (نسا) و" باورد " فأنزل بهم هزيمة ساحقة  .

‌ج-معركة دندانقان وقيام السلطنة السلجوقية : لقد ظل السلاجقة بعد الهزيمة يتحينون الفرص للثأر من الغزنويين فكان لهم ذلك بعد وفاة السلطان محمود وقيام ابنه مسعود بمهام السلطنة عام 421ه، حيث تمكنوا من الانتصار على جيوشه  ، لكنهم اتصلوا به وعرضوا عليه الصلح والدخول في طاعته فاستجاب لهم ومنح زعماءهم الولايات وأسبغ عليهم الألقاب وأغدق عليهم الخلع  ، وعلى الرغم من ذلك فقد كان الغزنويون يدركون مدى الخطر الذي كان يشكله السلاجقة عليهم لذلك فقد أمر السلطان مسعود عامله على خراسان سنة 429ه بقتال السلاجقة فدارت الحرب بين الطرفين قرب مدينة سَرخس وقد انتهت دولتهم حيث اندفعوا بعدها بقيادة زعيمهم ظفر بك نحو نيسابور التي دخلها وأعلن نفسه سلطاناً على السلاجقة وجلس على عرش السلطان مسعود الغزنوي في السنة تلك نفسها سنة 429ه  ، وكان من نتيجة ذلك أن زحف مسعود بجيوشه نحو خراسان واشتبك مع السلاجقة بمعركة حاسمة في مكان يعرف باسم دَنَدانقان، انتهت بهزيمة الغزنويين وكان ذلك عام 431ه، لم يلبث السلطان مسعود أن لقي مصرعه عام 432ه، فخلفه ابنه مودود، وقد أصبح السلاجقة بعد معركة دَنَدانقان أكبر قوة في خراسان في حين كان الغزنويون قد ضعفوا بعد أن فقدوا غالبية جيوشهم وخسروا العديد من ممتلكاتهم، واستطاع الغوريون في أفغانستان من الاستيلاء على أملاكهم في الهند سنة 582ه  .

‌د-نتائج معركة دانقان :

-وضعت معركة دندانقان حداً نهائياً لحكم الغزنويين في خراسان، ونصَّب طغرل بك التخت في مكان المعركة وجلس عليه، وجاء الأعيان يسلمَّون عليه بإمارة خراسان.
-حرَّر طغرلبك الرسائل على الأمراء المجاورين لإعلامهم بخبر الانتصار.
-طاردت القوات السلجوقية القوات الغزنوية المنهزمة حتى شواطئ نهر جيحون بهدف قسرهم على الهرب إلى ما وراء النهر، حتى يقَّدموا برهاناً ملموساً على النصر.
-أتاحت المعركة قيام سلطنة إسلامية جديدة، وانحسار ظل واحدة، كما تُعدَُ إحدى المعارك الكبرى الفاصلة في التاريخ الإسلامي، بل إن نتائجها تعّدت العالم الإسلامي وأثرت على عالم العصور الوسطى  .
-أعرب مسعود من ناحيته في رسالة أرسلها إلى القراخانيين عن ثقته في قيامهم بمساعدته في حملته المقبلة لاستئصال شأفة السلاجقة، غير أن صدمة الخسارة قد أذهلته لدرجة فقد معها الرغبة في المقاومة، فخيل إليه أنّه لا بد من ترك ليس بلخ وتوابعها بل وغزنة أيضاً، على الرغم من محاولات أركان حربه وكبار رجال دولته لإقناعه بانتفاء أُسس هذه المخاوف وقّرر الانسحاب نهائياً إلى الهند  .
-اقتسمت العشائر السلجوقية، بعد الانتصار الأراضي التي استولوا عليها، فكان نصيب جفري مدينة مرو، فاستقر بها واتَّخذ منها عاصمة لملكه، كما ملك أكثر خراسان وكان نصيب أبو علي الحسن بن موسى، ولاية بُست وهراة   وسجستان   وما يجاور ذلك من النواحي. وأخذ قاورد أكبر أبناء جفري، ولاية الطبَّس   ونواحي كرمان   وحصل إبراهيم بن ينال على همذان  ، كما حصل ياقوتي على أبهر  ، وزنجان  ، ونواحي أذربيجان  ، وكان من نصيب قُتلميش بن إسرائيل جرجان ودامغان  .

 والواقع أن فكرة التقسيم هذه تتعارض مع الفكرة الإيرانية عن الملك بوصفه صاحب السلطة المطلقة في الدولة، وهي غريبة على السلاجقة الأوائل إلا أن المسؤولين السلاجقة هدفوا من وراء ذلك على إحاطة السلطنة الغزنوية ومنعها من محاولة استعادة خراسان ثم تأمين فتح طريق جيحون من أجل قدوم مهاجرين غز جدد  .

-يُعد عام 429ه البداية الفعلية لقيام السلطنة السلجوقية في خراسان، لأن طغرل بك باشر، منُذ ذلك التاريخ مهامه السياسية والقيادية والإدارية. وأما اعتراف الخليفة العباسي به سلطاناً والذي جاء متأخراً، في عام 432ه، لم يغيرَّ من الواقع فاعتراف الخليفة هو بمثابة اعتراف بالأمر الواقع، كما أنه شكلي فقط لإضفاء الشرعية على السلطنة الناشئة حتى يرضى عنها الناس ويقبلوا بحكمها، لأن الخلافة لم تكن تملك قوة مادية تسمح بالتدخل والمساهمة في الأحداث السياسية، وكان الخليفة يعترف عادة بالسلطان المنتصر والدولة المنتصرة  .

-كان لقيام السلطنة السلجوقية أثر كبيرة في تاريخ المشرق الإسلامي وغربي آسيا بشكل خاص، والتاريخ الإسلامي بعامة ذلك أن السلطنة قد ساهمت في توجيه الأحداث السياسية في المشرق الإسلامي بشكل بارز، وفي رسم سياسة توسعية باتجاه العالم النصراني، لنشر العقيدة الإسلامية  .

-إن ما حقَّقه طغرلبك من نجاح، أغراه بالتمدد نحو العراق، قلب العالم الإسلامي للسيطرة على الخلافة العباسية وإقامة دولة سلجوقية مترامية الأطراف، يُعُّد هذا التوجه طبيعياً، فكل من سبقوه في السيطرة على خراسان تطلَّعوا إلى التمدد نحو الغرب للسيطرة على بغداد والتحكم بمقدرات الخلافة العباسية، ولنا في محاولات السامانيين والصفّاريين والغزنويين أمثلة كافية، أضف إلى ذلك، فقد هدف طغرل بك إلى إنقاذ الخلافة، والمذهب السنيَّ من السيطرة البويهية الشيعية  .

3-القراخانيون : 349ه - 536ه :

في عام 349ه أسلمت قبائل كثيرة من الأتراك ودخلوا في الإسلام، وكان من نتائج ذلك أن ظهرت أول دولة تركية مسلمة مقابلة لأتراك الشرق، هي الدولة القراخانية نسبة لأحد ملوكها وهو ساتوق بغراخان عبد الكريم الذي كان يسمى أيضاً " قراخان "، فقد أتخذ هذا الملك مدينة كاشغر عاصمة له ولكنه، نقل العاصمة بعد ذلك إلى بلاساتمون حيث حاول القراخانيون من هناك فتح بلاد ما وراء النهر ، وما أن قامت هذه الدولة حتى شرعت في محاربة أعداء الإسلام ولاسيما المجاورين لها من الأتراك الوثنيين، وقد قاد ظهور القراخانيين في هذه المنطقة إلى اصطدامهم بالسامانيين وكان ذلك في عام 379ه .

وقد تمكن من إلحاق الهزيمة بجيش السامانيين وأسر جماعة من القواد، واستطاع القراخانيون احتلال بخارى عام 388ه بدون مقاومة وبذلك انهوا حكم السامانين   بها وبقي القراخانيون يتنازعون فيما بينهم للسيطرة على مناطق ما وراء النهر وكان بعضهم يستنجد بملوك الصين والبعض الآخر بالسلاجقة حين أصبحوا تابعين لهم بعد إقامة الدولة السلجوقية، وقد حدثت موقعة قطوان بين الأتراك الوثنيين " الخطا" الذين كان يساعدهم ملك الصين وبين الأتراك المسلمين الذين كان يساعدهم سنجر السلجوقي (511ه - 548ه) وكانت نتيجة هذه المعركة أن انتصر الأتراك الوثنيون  ، ويصف ابن خلدون الموقف بقوله : واستقرت الدولة فيما وراء النهار للخطأ .. وهم يؤمئذ على دين الكفر وانقرضت دولة الخانية المسلمين الذين كانوا فيها وذلك سنة 536 ه.

4-البويهيون : 334ه - 447ه :

تنتسب هذه الأسرة إلى بويه بن فنّاخسرو الديلمي الفارسي وقد حكمت العراق وفارس لمدة تزيد عن القرن، وكان الخليفة العباسي في بغداد ضعيفاً بإزائهم أكثر مما كان مع الأتراك من قبل ولا تختلف هذه الأسرة عن أي أسرة أخرى عن كثير من الأسر في هذا العصر من ناحية الاستبداد والفساد الاقتصادي والاجتماعي وإن المؤسسين لهذه الدولة : علي بن بويه والحسن بن بويه فيهم سيادة ومداراة وحلم، ولكن الجيل الثاني والثالث فيهم بطش وقسوة وتعصب للمذهب الشيعي  .

‌أ-لمحة تاريخية عن البويهيين : ظهر أولاد بويه : علي والحسن وأحمد على مسرح التاريخ بظهور أكبرهم الملقب عماد الدولة عام 321ه وكان متولياً من قِبل أحد ملوك الديلم وأسمه " مرداويح " على منطقة صغيرة اسمها (كرج) ولم يزل يتلطف الناس ويحسن إليهم حتى اشتهر بين البلاد المجاورة وأحبوه وخضعوا له ونزلوا على طاعته وساعده في ذلك إخوته حتى استولى على إقليم فارس وفي سنة 334ه زحف أحمد بن بويه إلى بغداد، ودخلها دون قتال، وغدت العراق تحت سيطرةبني بويه، وأظهروا الطاعة للخليفة، وأخذوا ألقابهم منه، فلقب أحمد " معز الدولة " وبقي حاكماً على العراق نائباً عن أخيه عماد الدولة نيفاً وعشرين سنة ت 356ه وأما ركن الدولة الحسن بن بويه فقد حكم أصبهان وطبرستان وجرجان، وأخوهم الكبير عماد الدولة، شيراز وما حولها، ولكنه هو المقدم فيه الذي يسمعون كلامه  .

‌ب-تشيع البويهيين : لم يخف البويهيون تشيعهم، بل شجعوا المذهب الشيعي في بغداد للقيام بالأعمال الاستفزازية ضد أهل السنة، فكانت لا تمر سنة دون شغب واصطدامات تقع بين السنة والشيعة تذهب فيها الأرواح، والممتلكات وتحرق الأسواق، وجاء في حوادث 351ه : وكتب الشيعة في بغداد بأمر معز الدولة على المساجد بلعن معاوية والخلفاء الثلاثة والخليفة العباس لا يقدر على منع ذلك  ، وفي سنة 352ه أمر معز الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء وأن يظهروا النياحة وأن يخرج النساء منتشرات الشعور، مسودات الوجوه، يدرن في البلد بالنوائح ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي – رضي الله عنه – ففعل الناس ذلك ولم يكن للسنة قدرة على المنع منه لكثرة الشيعة ولأن السلطان معهم  ، وهذا أول مانيح عليه   وقد وصف ابن كثير ما يفعل الشيعة من تعدي لحدود الكتاب والسنة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها فقال : فكانت الدَّبادب  ، تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء ويُذرُّ الرماد والتبن في الطرقات والأسواق وتعلق المسوح على الدكاكين ويظهر الناس الحزن والبكاء وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين، لأنه قتل عطشان ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة والأهواء الفظيعة والهتائك المخترعة  .

‌ج-إهانتهم للخلفاء : تابع البويهيون سياسة الأتراك في إضعاف هيبة الخلافة وجعلها كأنها غير موجودة، وهم بهذا العمل إنما يدللون على بعدهم عن أي حس حضاري زيادة عما في قلوبهم من حقد على السنة، وكانوا يرون أن العباسيين مغتصبون للخلافة ولذلك فكر معز الدولة بإعادة الخلافة إلى " آل علي " رضي الله عنه، فاستشار خواص أصحابه في إخراج الخلافة عن العباسيين والبيعة للمعز العبيدي في مصر، ولكن أحد أصحابه قال له : ليس هذا برأي، فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من يعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته فلو أمرهم بقتلك
لفعلوه   واستحسن معز الدولة هذا الرأي وأعرض عن فكرته  ، وعندما قلّت الأموال عند بهاء الدولة حسّن له وزيره القبض على الخليفة الطائع وأطمعه في ماله، ودخل بهاء الدولة على الخليفة وأنزله على سريره، وهو يستغيث ولا يلتفت إليه أحد وأخذ ما في داره من الذخائر ونهب الناس بعضهم بعضها  ، وكان سلفه معز الدولة البويهي هو الذي أهان المستكفي وأمر الجنود بشده من عمامته ثم أمر به إلى السجن ولم يزل فيه حتى وفاته .

‌د-وزراؤهم : كما وزر للعبيديين الفاطميين اليهود والنصارى كذلك وزر للبويهيين النصارى، ففي عهد عضد الدولة (فنّاخسرو بن الحسن بن بويه) كان وزيره نصر بن هارون وقد أذن له عضد الدولة بعمارة البيعَ والأديرة وأطلق الأموال لفقراء النصارى .

ه -الصلة بين البويهيين والقرامطة : إن الذي يقرأ التاريخ مجزأ مقطعاً قد لا يدرك ولا يتنبه إلى الصلات التي كانت بين الحركات الباطنية ولا إلى الصلات بين الدولة الشيعية وهذه الحركات ويظن أن كل دولة قائمة بنفسها ولا تربطها صلات مع الأخرى، وهكذا يظن – البعض – الآن، فلا يرون أن هناك صلات بين الرافضة والباطنية وإذا كان هناك شيء من هذا فهو يظن أنه للمصلحة السياسية المؤقتة.

ولكن من يقرأ التاريخ ويقرأ الحاضر ويقارن بينهما سوف لا يجد فرقاً يذكر في المواقف  . وجاء في حوادث 360ه : وفي ذي القعدة أخذت القرامطة دمشق وقتلوا نائبها جعفر بن فلاح وكان رئيس القرامطة الحسين بن أحمد بن بهرام، وقد أمّده معز الدولة البويهي من بغداد بالسلاح والعدد الكثيرة  .

وكتب الملك البويهي أبو كاليجار إلى المؤيد داعي الدعاة الفاطمي العبيدي عند سفره إلى مصر
سنة 438ه بعد أن تأثر بدعوته الإسماعيلية يقول : فيجب أن تصور لتلك الحضرة الشريفة " المستنصر العبيدي في مصر" ما أطلعت عليه من شواهد صفاء عقيدتنا وتُعلمها أن هؤلاء التركمان " السلاجقة " المسؤولين عن أعمال خراسان والري لا يقصر خطابهم عن بلادها المحروسة " الشام ومصر " الإثبات عساكرنا المنصورة في وجوههم وبذلنا الأموال في كف عاديتهم  . فهذا الملك البويهي يطلب شهادة حسن سلوك من الدولة العبيدية في مصر، ويشعرهم في نفس الوقت أنه هو المدافع عنهم أمام الزحف التركماني السلجوقي السني  . ومن هنا يتضح لنا درس مهم وهو حقيقية استعدادهم للتحالف والتعاون فيما بينهم مع الاختلاف في العقائد ومع ذلك يتحالفون ضد العدو المشترك.

‌و-موقفهم من حماية حدود الدولة الإسلامية : استغاث أهل الجزيرة بالعاصمة بغداد لصد غارات الروم واستجاب الشعب في بغداد لهذا النداء، وتجهزوا للجهاد، وأرسل بختيار بن معز الدولة إلى الخليفة يطلب مالاً لتجهيز الناس للغزو، واضطر الخليفة لبيع أثاث بيته ليدفع له الأموال ولكن بختيار أنفقها على مصالحه الشخصية وبطل أمر الغزو . وهكذا ظهر أن بختيار كان مراوغاً ولم يكن صادقاً في طلب الأموال أو التهيؤ للغزو والجهاد  وإنما كان يقصد استنزاف أكثر قدر ممكن للقدرة المالية للخلافة العباسية رغم ضعفها.

‌ز-البويهيون والإقطاع العسكري : من بدع وظلمهم وجورهم التي ما سبقهم إليها أحد إقطاعهم الأرض للقادة العسكريين وللجنود، وذلك بدلاً من الرواتب النقدية التي كانت تصرف لهم، وهذه الأرض المعطاة ليست من أراضي الدولة أو من الأرض الموات التي تقطع لإحيائها بل هي من الأرض المصادرة تعسفاً وظلماً من أصحابها الفلاحين وكان هؤلاء الجنود إذا لم تعجبهم الأرض أو لم تغل عليهم ما يريدون تركوها وأخذوا غيرها، وأدى هذا النظام إلى تدمير الحياة الزراعية وإفقار خزينة الدولة، ولم تحل مسألة الرواتب، يقول الدكتور عبد العزيز الدوري : والذي أراه هو أن خط البويهيين هو بداية الإقطاع العسكري ويبدوا لي أن البويهيين انطلقوا من نظرة قبلية تعتبر الأرض المفتوحة غنيمة بحق الغزو وأهمل المفهوم الإسلامي بالنسبة للأرض ، كما أن بدعة ضمان القضاء بدأت في عهدهم، ففي سنة 350ه أمر معز الدولة بتسمية عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب قاضياً على بغداد على أن يؤدي مائتي ألف درهم في كل سنة  .


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن



 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق