26
دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الأول
السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم
المبحث الخامس :وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله :
ثانياً :خلافة المقتدي بالله :
هو أبو القاسم عدّة الدين عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله بن القادر العباسيُّ وأمه أرمينية تسمى أرجوان، وتدعى قرّة العين، وأدركت خلافته وخلافة ولديه : المستظهر والمسترشد، وقد كان أبوه توفي وهو حمل، فحين ولد ذكراً فرح جده والمسلمون به فرحاً شديداً؛ إذ حفظ الله على المسلمين بقاء الخلافة في البيت القادري، لأنَّ من عداهم يبتذلون في الأسواق مع العوامَّ، وكانت القلوب تنفر من تولية مثل أولئك الخلافة على الناس، ونشأ هذا في حجر جدَّه القائم بأمرالله يرُبيه بما يليق بأمثاله، ويدربه على أحسن السجايا، وكان عمر المقتدي حين ولي الخلافة عشرين سنة وهو في غاية الجمال خلْقاً وخُلُقاً، وكانت بيعته يوم الجمعة الثالث عشر من شعبان من هذه السنة، وجلس في دار الشجرة بقميص أبيض، وعمامة بيضاء لطيفة،... وجاء الوزراء والأمراء والأشراف ووجوه الناس فبايعوه، فكان أوّل من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الحنبلي وأنشده قول الشاعر :
إذا سَّيدٌ منا مضى قام سيَّدٌ
ثم أُرتج عليه فلم يدر ما بعده، فقال الخليفة :
قئول لما قال الكرام فَعُولُ
وبايعه من شيوخ العلم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والشيخ أبو نصر بن الصَّباغ، الشافعيان، والشيخ أبو محمد التميمي الحنبلي، وبرز فصلّى بالناس العصر، ثم بعد ساعة أخرج تابوت جده بسكون ووقار من غير صراخ ولا نواح فصلىَّ عليه وحمل إلى المقبرة رحمه الله، وقد كان المقتدي بالله شهماً شُجاعاً، أيامه كلها مباركة، والرزق دار، والخلافة معظمة جدَّاً، وتصاغرت الملوك له، وتفاءلوا بين يديه، وخطب له بالحرمين وبيت المقدس، والشامات كلها، واسترجع المسلمون الرُّها وأنطاكية من أرض العدو، وعُمَّرت بغداد وغيرها من البلاد، واستوزر ابن جهير ثم أبا شجاع، ثم أعاد ابن جهير وقاضيه الدّمغاني، ثم أبو بكر الشامي وهؤلاء من خيار القضاة والوزراء ولله الحمد ، وفي شعبان من خلافته أخرج المفسدات من الخواطئ من بغداد على حُمُرات ينادين على أنفسهن بالعار والفضيحة، وخرّب دورهن وأسكنهن الجانب الغربيَّ، وخرَّب أبرجة الحمام، ومنع من اللعب بها، وألزم الناس بالمآزر في الحمّامات ومنع أصحاب الحمّامات أن يصرفوا فضلاتها إلى دجلة وألزمهم بحفر آبار لتلك المياه القذرة صيانة لماء الشرب .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق