214
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية
المبحث الرابع : سياسة الدولة النورية تجاه القوى المسيحية :
رابعاً : أهم الدروس والعبر والفوائد :
8- الحرب النفسية عند نور الدين :
ركز نور الدين على الحرب النفسية وأحسن استخدامها، فقد وجه حربه النفسية في البداية نحو حكام الإمارات الإسلامية الذين كانوا غارقين في حياة اللهو والترف غير مهتمين بأحوال رعاياهم السيئة أو بمقاومة التوسع الفرنجي على حساب بلاد المسلمين ونحو من كان على شاكلتهم من أبناء الأمة من التجار والأثرياء الذين كان همهم جمع الثروات بأية وسيلة، كانت المبادئ التي يدعو إليها نورالدين في حربه النفسية بسيطة وواضحة ومحّددة هي : دين واحد هو الإسلام السني، دولة واحدة لمحاصرة الفرنجة من كل صوب هدف واحد هو الجهاد لتحرير الأرض المحتلة ( ) . وأما الجهاز الدعائي الذي كان نور الدين يعتمد عليه لبث هذه المبادئ بين صفوف الأمة، فيتألف من العلماء والعبّاد والزهاد، فكان يطلب منهم كتابة قصائد ورسائل وكتب تدور كلها حول مضمون المبادئ المذكورة أعلاه مع التركيز على توضيح فضائل القدس ومحاسنها وأهميتها بالنسبة للمسلمين، ثم يتم نشر هذه الرسائل بين الناس وقرائتها في المساجد والأسواق واللقاءات في مختلف المناسبات وكان من الطبيعي أن تشير هذه الرسائل القصائد والكتب إلى نور الدين باعتباره رائد الجهاد الملتزم قولاً وفعلاً بالمبادئ وكانت صورة نور الدين التي ترسخت في أذهان الناس تؤيد وتدعم ما تشير إليه الرسائل والقصائد والكتب المذكورة ( ) ، وقد أسفرت الحرب النفسية المذكورة عن نتائج إيجابية كبيرة، فقد تحّولت اتجاهات الرأي العام الإسلامي نحو الجهاد لتحرير الأرض المحتلة واكتسب نور الدين ثقة المسلمين ومحبتهم وتعاطفهم، مما كان له أكبر الأثر في الضغط على باقي الحكام والأمراء للاستجابة لدعوته للجهاد والإنضواء تحت لوائه ( ) . أما الحرب النفسية الموجهة للفرنجة (العدو) فقد كان مضمونها أن المسلمين بقيادة نور الدين لن يتوقفوا عن الجهاد حتى يحرروا بلادهم ومقدساتهم المحتلة، وأن الإسلام يأمر بالعدل والمساواة وإلاحسان إلى الأسرى ويحّرم الظلم والعدوان، وأن من يعتنق الإسلام يكتسب من الحقوق ما للمسلمين فكان لهذه الأفكار وما عرف عن نور الدين من ورع وعدل والتزام بالعهود والمواثيق وما تحقق له من انتصارات، أثر عميق في نفوس قادة الفرنجة وأفرادهم فصاروا يرهبونه ويحترمونه في الوقت نفسه، وكانوا يعتقدون أن له سراً مع الله، فإذا طلب منه طلباً استجاب الله لطلبه ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق