187
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية
المبحث الثالث : العلاقات مع القوى الإسلامية في بلاد الشام والجزيرة الأناضول :
أولاً : الأسر الحاكمة في المدن والبقاع الشمالية من بلاد الشام :
5- فتح قلعة جعبر :
وأما سياسة الدولة تجاه قلعة جعبر، فإنها لم تشأ أن تجعل من مناطق الحدود بين العراق والشام مراكز قوية قد تعاديه يوماً، فقد كانت قلعة جعبر تقع على نهر الفرات وامتازت بحصانتها المنيعة، وقد اهتم عماد الدين زنكي بفتحها وقد قتل وهو يحاصرها عام 541ه/1146م وقد استخدم نور الدين محمود الطرق السلمية مع شهاب الدين العقيلي فبعد أن أسره على أيدى أعراب بني كلاب، عمل على إكرامه في أسره وملاينته لتسليم القلعة غير أنه رفض ( )، وعندما أدرك عدم جدوى الملاينة سعى إلى حصارها بيد أنه عجز عن ذلك، فعاد مرة أخرى لملاطفته وعوضه عنها بمناطق سروج وأعمالها ومنطقة الملاحة من أعمال حلب وباب بزاغة ( ) ، وهي مناطق ثرية بمواردها الزراعية، كذلك أسال لعابه عندما وهبه عشرين ألف دينار وهكذا تمكن من الاستيلاء عليها عام 564ه/ 1168م ( ) .
ولكل ولاية نهاية، يؤتي الله الملك من يشاء وينزعه وكان آخر أمر بني مالك حكام قلعة جعبر وكان آخر أمراءهم شهاب الدين مالك بن علي بن مالك العُقيلي من آل عقيل من بني المسيَّب، وكانت بيده ويد آبائه من قبل من أيام السلطان ملكشاه ( ) . وقيل لشهاب الدين : أيما أحب إليك وأحسن مقاماً، أسروج والشَّام أم القلعة ؟ فقال : هذا أكثر مالاً، والعِزُّ بالقلعة فارقناه ( ) وقال العماد الأصفهاني قصيدة أنشدها لنور الدين لقلعة جعبر جاء فيها :
إسلم لبكر الفتُُوح مُفتَرِعا
??وَدُمْ لمُلك البلاد منتزِعا
فإنَّ أولى الورى بها مَلِكٌ
??غدا بعبء الخُطُوب مضطِلعاً
إن ضاق أمر فغيُر همته
??لكشفِ ضيقِ الأمور لن يَسَعا
يا محيي العدل بعد مِيْتَِتِه
??ورافع الحقَّ بعدما القنَعا
ونور دين الهدى الذي قمع
??الشرك وعفَّى الضَّلال والبِدَعا
أنت سليمان في العفاف وفي
??الملكِ وتحكي بزهدك اليَسَعا
وحُزت التُّقى والحياء والكرم
??المحضَ وحُسنَ اليقينِ والوَرَعا
أسقطت أقساط ما وجدت
??من المَكْسِ بعدلٍ والقاسطُ ارتدعا
إلى أن قال
ومالك حين رُمت قَلْعَتَهُ
??غدا مطيعاً للأمر مُتَّبِعا
عنا خشوعاً لربَّ مملكةٍ
??لغير ربَّ السماء ما خشعا ( )
وفي سابع عشر صفر من سنة 564ه توفي بها عمر أخو مجد الدين ابن الدّاية، وفيه وفي إخوته يقول العماد الكاتب من قصيدة :
أنتم لمحمودٍ كاَلِ محمدٍ
??متصادفي الأفعال والأسماء
يتلو أبا بكر على حسناته
??عمُر الممَّدحُ في سناً وسناء
ويليه عثمانُ المرجَّى للعُلا
??وعلىٌّ المأمولُ في اللأواء
ويقبَّلُ الحسنَ الممجَّدَ مجدهم
??فهمُ ذُوو الإحسان والنعمَّاء
فرعت بمجد الدين إخوته الذُّرى
??دون الورى في المجد والعلياء
من سابق كرماً وشمس سيادةٍ
??شرفاً وبدر دُجُنَّةٍ وبهاء
سُرُجُ الهدى سُحُبُ النَّدى شُهُب النُّهي
??أسدُ الحروب ضراغمُ الهيجاء
يريد سابق الدين عثمان، وشمس الدين عليا، وبدر الدين حسناً وبهاء الدين عمر، ومجد الدين الأكبر، فهم خمسة رحمهم الله تعالى ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق