174
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية
المبحث الأول:علاقته مع الخلافة العباسية:
خامساً:تعاون نور الدين محمود مع الخلفاء العباسيين:
2- الصعيد الاقتصادي :
ارتبط الجانبان بعلاقات طيبة، فمعلوم أن العالم الإسلامي توقف ازدهاره على مدى سيطرته على محاور التجارة العالمية كذا منافذها، إذ شكلت التجارة معظم دخل العالم الإسلامي، ومن الثابت أن معابر التجارة العالمية بين الشرق والغرب وقعت في مناطق خاضعة لسيادة العباسيين، إذا قدمت التجارة من الشرق الأقصى وتدفقت سلعها عبر الخليج العربي إلى شمال العراق ومنه إلى شمال الشام ثم الإمبراطورية البيزنطية ( )، وأوروبا كذلك أرتبط شمال الشام بشمال العراق بطرق تجارية ( ) ، عديدة لاسيما بين حلب والموصل، وعملت الدولة النورية على انتعاش حركة التجارة بين العراق والشام، من خلال إزالة جانب من المكوس على التجار المسافرين بين الإقليمين لتشجيعهم على المتاجرة ( )، فقد اهتمت الدولة النورية، بإنعاش التجارة مع مناطق العباسيين والإفادة من ثراء التجار العراقيين، وتشجيعهم على المتاجرة مع الأسواق الشامية، ولاشك أنها جنت من وراء ذلك مكوساً وفيرة ( ) ، ومن جهة أخرى، اتجهت الدولة النورية في بعض الأحيان إلى طلب المساعدة المالية من الخلافة العباسية للإنفاق على مرافق البلاد، ونجد مثالاً دالاً على ذلك، عندما وقعت أحداث زلزال عام 565ه/1170م، والذي اجتاح بلاد الشام، خاصة مدن حلب، وبعلبك، وحمص وحماه، وشيزر، وبعرين، وتهدمت أسوارها وقلاعها، وتأثرت به مدينة حلب أكثر من غيرها بمظاهر الخراب والدمار ( ) ، وعلى الرغم من أن نور الدين : أخرج من الأموال ما لايقدر بقدر ( ) ، من أجل ترميم ما تهدم، إلا أن ذلك لم يكف فاتجه إلى طلب عون الخلافة، ففي نص أورده ابن الفرات شرح نور الدين للخليفة المستنجد بالله ما حل بمناطق دولته من دمار بالغ على نحو أثر على دفاعاتها في مواجهة الصليبيين، واستصراخه أن يقدم له العون المالي اللازم ( )، ولا ريب في أن الخلافة العباسية كانت تحرص على دعم الدولة النورية مالياً، لتواجه أعداءها من الصليبيين، ولذلك فإنها بادرت بتقديم مساعدتها، والمرجح أن ذلك تم بسرعة واضحة لتدارك خطر تهدم أسوار وقلاع مدن الدولة النورية، خوفاً من هجوم صليبي مفاجئ عليها إغتناماً للموقف ( ) . ومن جهة أخرى قدمت الدولة النورية للخلافة العباسية الأموال اللازمة التي كانت بدورها تطلبها، كدليل على الولاء، ونجد أنها عندما أقدمت في بعض الأحيان على إنقاض المكوس المفروضة على النشاط التجاري، راسل نورالدين محمود الخليفة ليوضح له الأمر، وليطلب منه تقليل ما كان يحصل عليه من قبل ( ).
إن تلك العلاقات المالية تدل بوضوح على خصوصية علاقة الخلافة العباسية بالدولة النورية في بلاد الشام والجزيرة، وحرص الخلافة على دعمها وحمايتها من الخطر الخارجي بتوفير الدعم المالي لها عندما احتاجت إليه ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق