167
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثالث سياسة نور الدين الخارجية
المبحث الأول:علاقته مع الخلافة العباسية:
أولاً : الخليفة المقتفي لأمر الله :
هو : أمير المؤمنين، أبو عبد الله، محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم بأمر الله بن القادر بالله أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر، الهاشمي العباسي البغددي الحبشيُّ الأم وقد بويع بالخلافة في سادس عشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمس مئة ( ).
كان المقتفي عاقلاً لبيباً، عاملاً مهيباً، صارماً، جواداً محباً للحديث والعلم مكرماً لأهله، وكان حميد السيرة، يرجع إلى تدين وحسن سياسة، جّدد معالم الخلافة، وباشر المهمات بنفسه، وغزا في جيوشه ( ) ، وأقام حشمة الخلافة وقطع عنها أطماع السلاطين السلجوقية وغيرهم، وكان من السلاطين خلافته صاحب خراسان سنجر بن ملكشاه، والملك نورالدين صاحب الشام، وأبوه قسيم الدولة ( ) . ولقب بالمقتفي لأنَّه يقال : إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المنام وهو يقول له : سيصل هذا الأمر إليك فاقتف بي فصار إليه بعد ستة أيام فُلقَّبَ بذلك لذلك ( ).
1- سياسته الحكيمة :
لم يكن الخليفة المقتفي لأمر الله أكثر حظاً من سلفه من حيث معاملة السلاجقة له إلا إنه كان دون شك أكثر قابلية ودهاء من الخليفة الراشد بالله، لقد حاول الخليفة المقتفي لأمر الله سياسة اقتناص الفرص من أجل تأكيد سلطة الخلافة والقضاء على النفوذ السلجوقي، كما أنه لم يذعن لطلبات السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه بن أرسلان وقال له عندما أرسل وزيره يطلب منه مائة ألف دينار : ما رأينا أعجب من أمرك أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله فجرى ما جرى وإن الراشد ولي ففعل ما فعل ورحل وأخذ ما تبقى ولم يبق إلا الإثات فأخذته كله ! وتصرفت في دار الضرب، وأخذت التركات والجوالي، فمن أي وجه نقيم لك هذا المال ؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدار وتسلمها فإني عاهدت الله لا أخذ من المسلمين حبة ظلماً فترك السلطان الأخذ من الخليفة وعندما نشب الخلاف بين إمراء السلاجقة استغله الخليفة لصالحه، واستطاع أن يحصل على موافقة السلطان مسعود السلجوقي بإنشاء جيش في بغداد تابع للخلافة مباشرة، وكان ذلك إنجازاً كبيراً للخليفة المقتفي، ثم جاءت وفاة السلطان السلجوقي مسعود سنة 547ه فارتفعت معنويات أهل العراق وأطلقت يد الخليفة لكي يثبت مركزه ويوسع دائرة نفوذه الذي امتد ليشمل الحلة والكوفة وواسط والبصرة ثم تكريت، وتفرغ الخليفة لأحوال العراق الداخلية، فأصلح سور بغداد، ورمم مواضعها الدفاعية، واسترد الاقطاعات السلجوقية، وخرج بنفسه يقاتل من عاداه يساعده في ذلك وزيره المعروف عون الدين بن هبيرة ( ) ، فنجح الخليفة الذي دام حكمه 24 سنة في إزالة الكثير من النفوذ السلجوقي في العراق، وعمل على تقوية الجيش، وحفظ الأمن والاستقرار، وأصبح هو الذي يختار من يشاء من الأمراء للسلطة ( ) ويقول ابن الأثير أن الخليفة المقتفي أول من استبد بالعراق منفرداً عن سلطان يكون معه من أول أيام الديلم إلى لآن (زمن القائل) وأول خليفة تمكن من الخلافة وحكم على عسكره وأصحابه ( ) ومن هنا يتضح أن الخليفة أصبحت بيده السلطة الحقيقية وأن الخلافة علت مكانتها وهيبتها وزاد احترام الأمراء وولاة الأقاليم لها ( ) ومن أراد التوسع في جهود المقتفي لإنهاء التسلط السلجوقي واقتلاعه من العراق وإرجاع الهيبة والقوة والسطوة لمؤسسة الخليفة فليزاجع كتاب الخلافة العباسية دراسة في الأحوال السياسية والإدارية والاقتصادية للأستاذ محمد حسون الجبوري ( ).
2- وفاة الخليفة المقتفي لأمر الله :
قال ابن كثير في أحداث سنة 555ه : فيها كانت وفاة الخليفة المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله، وأمه نسيم، المدعوة : ستَّ السادة، سمراء من خيار الجواري؛ مرض بالترافي، وقيل : بُدمَّل خرج من حَلْقِه. فمات ليلة الأحد ثاني ربيع الأوَّل من هذه السنة عن سِتًّ وستَين سنة إلا ثمانية وعشرين يوماً وكانت خلافته أربعاً وعشرين سنة وثلاثة أشهر وستة عشر يوماً، ودفن بدار الخلافة ثم نقل إلى التراب، وقد كان شجاعاً مقداماً، يباشر الحروب بنفسه وشاهد الحروب ويبذل الأموال الكثيرة لأصحابه الأخيار وهو أوَّلُ من استبَّد بالعراق منفرداً عن السلاطين، من أوّل أيام الديلم إلى أيامه، وتمكن من الخلافة وحكم على العسكر والأمراء ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق