151
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية
المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام:
سابعاً:الأحوال والمقامات:
2- الزهد :
والشيخ عبد القادر الجيلاني يفرق بين الزاهد الحقيقي والمتزهد الصوري فيقول : المتزهد يخرج الدنيا من يديه والزاهد المتحقق في زهده يخرجها من قبله ( ) ويقول : الصادق في زهده تجيء إليه أقسامه فيناولها ويلبس ظاهره بها قلبه مملوء من الزهد فيها وفي غيرها ( ) ويقول : وفي الناس من تكون الدنيا بيده ولا يحبها يملكها ولا تملكه تحبه ولا يحبها تعدو خلفه ولا يعدو خلفها يستخدمها ولا تستخدمه يفرقها ولا تفرقه، قد صلح قلبه لله عز وجل فلا تقدر الدنيا تفسده فيتصرف فيها ولا تتصرف فيه ( ) ويقول : المؤمن له نية صالحة في جميع تصرفاته لا يعمل في الدنيا للدنيا يبني في الدنيا للآخرة يعمر المساجد والقناطر والمدارس والربط ويهذب طرق المسلمين وإن بنى غير هذا فللعيال والأرامل والفقراء ومالا بدَّ له منه يفعل ذلك حتى يبنى له في الآخرة ( ). وبين الشيخ عبد القادر أن الزهد ليس أمراً سهلاً يمكن الإتصاف به دون تعب أو معاناة، كما أنه ليس في قدرة كل واحد أن يكون زاهداً ، لأن الزهد على حد تعبير الجيلاني : منة صالحة وإلاَّ فما يقدر أحد أن يزهد في قسمه. المؤمن يستريح من ثقل الحرص لا يشره ولا يستعجل. زهد في الأشياء قبله وأعرض عنها سَّره واشتغل بما أمر به وعلم أن قسمه لا يفوته فلم يطلبه ترك الأقسام تعدوا خلفه وتدل وتسأله قبولها ( ) وقال : يا غلام هذا الزهد ليس صنعة تتعلمها ليس هو شيئاً تأخذه بيدك ترميه بل هو خطوات أولها النظر في وجه الدنيا فتراها كما هي على صورتها عند من تقدم من الأنبياء والرسل ( ) والشيخ عبد القادر الجيلاني يربط بين العلم والزهد، ويرى لا بَّد من تلازمهما للوصول إلى الله عز وجل وهذا واضح من قوله : ما وصل من وصل إلاَّ بالعلم والزهد في الدنيا والإعراض عنها بالقلب والقالب ( ). وقال : من صح زهده في الخلق صحت رغبتهم فيه وانتفعوا بكلامه والنظر فيه ( ). والشيخ عبد القادر الجيلاني على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، الذي قال في الزهد : الزهد على ثلاثة أوجه : الأول : ترك الحرام وهو زهد العوام. والثاني : ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخوص الثالث : ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين وعلق ابن القيم على كلام الإمام أحمد فقال : وهذا الكلام من الإمام أحمد يأتي على جميع ما تقدم من كلام المشايخ مع زيادة تفصيله وتبيين درجاته وهو من أجمع الكلام وهو يدل على أنه رضي الله عنه من هذا العلم بالمحل الأعلى وقد شهد الشافعي رحمه الله بإمامته في ثمانية أشياء أحدها الزهد ( ) . وهكذا يتبين موافقة الشيخ عبد القادر الجيلاني لأهل السنة والجماعة في مفهوم الزهد ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق