125
دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الرابع
المدارس النظامية في عهد السلاجقة
المبحث الثاني :الإمام الشافعي وأثره في المدارس النظامية :
تاسعاً : هل الإمام الشافعي من المجددين ؟
توفرت في الإمام الشافعي مآثر وصفات رفعته إلى مصافَّ المجددين ولعل من أبرزها :
1-دفاعه عن عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وحربه للمنحرفين عنها.
2-تدوينه علم أصول الفقه : ويعد الشافعي أول من صنَّف في أصول الفقه، وأرسى قواعده بلا اختلاف ولا ارتياب، وذلك في كتابه " الرسالة " .
3-نصرته للسنة : وقد برزت نصرته للسنة في عدة ميادين.
أ-وضعه لقواعد أصول الحديث يقول أحمد شاكر : وليس كتاب الرسالة أول كتاب ألف في علم أصول الفقه، بل هو أول كتاب في علم أصول الحديث، لأن ما عرض له الشافعي في كتاب الرسالة من بيان لحجية خبر الواحد، وشروط صحة الحديث، وعدالة الرواة، وردَّ الخبر المرسل والمنقطع إلى غير ذلك، هو أدق وأغلى ما كتب العلماء في أصول الحديث، بل إن المتفقه في علوم الحديث يعرف أن ما كتب بعده، إنما هو فروع منه وعالة عليه وأنه جمع ذلك وصنفه على غير مثال سبق .
ب-تعظيم السنة ورد شبهات المنكرين لحجيتها أو حجية بعضها.
ج-جمعه بين رواية السنة ودرايتها : فقد كان أصحاب الحديث يعنون بالرواية والنقل، أكثر من عنايتهم بالفقه والاستنباط مما جعلهم عاجزين عن المناظرة والمجادلة، وغير قادرين على تزييف طريق أصحاب الرأي، فجاء الإمام الشافعي، فأقام توازناً بين الفقه والحديث، وبين الرواية والدراية، من غير غلو ولا شطط، وأعاد الناس إلى منهج الاعتدال والوسطية لذلك فرح أصحاب الحديث بالشافعي فرحاً شديداً وأثنوا عليه ثناء حاراً، وسموه ناصر السنة ، وقال إبراهيم الحربي : سألت أبا عبد الله عن الشافعي فقال : حديث صحيح ورأي صحيح . وقال محمد بن الحسن : إن تكلم أصحاب الحديث يوماً فبلسان الشافعي، يعني لما وضع من كتبه ، وقال أحمد : ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فبيَّنها لهم .
د-إنصافه ورجوعه إلى الدليل وعدم تعصبه : فقد قال : إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا به ودعوا قولي، فإني أقول به وإن لم تسمعوا مني وفي رواية : فلا تقلدوني. وفي رواية : فلا تلتفتوا إلى قولي. وفي رواية : فاضربوا بقولي عُرض الحائط، فلا قول لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الحميدي : روى الشافعي يوماً حديثاً فقلت : أتاخذ به ؟ فقال : رأيتني خرجت من كنيسة أو عليَّ زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله حديثاً لا آخذ به . وكان يقول لأحمد : يا أبا عبد الله إذا صح عندكم الحديث، فأعلمني به أذهب إليه حجازياً كان أو شامياً، أو عراقياً أو يمنياً .
و-عموم علمه ونفعه أهل الإسلام : ومن خلال ما مضى عن سيرة الإمام الشافعي يتضح لنا أن اختيار نظام الملك لتراث الإمام الشافعي وفقه في مناهج المدارس النظامية كان صحيحاً، وقد كانت جهود الوزير نظام الملك في نصرة المذهب الشافعي ذات أثر بالغ الأهمية في تثبيت دعائمه في المشرق وتزامنت هذه الجهود مع وفرة عدد من كبار فقهاء الشافعية المتبجرين من الذين رسخت أقدامهم في العلم، وليس أدل على المكانة المرموقة التي حطي بها الوزير نظام الملك عند علماء الشافعية من تصنيف إمام الحرمين الجويني – وهو من أكابر الشافعية – كتاباً في أحكام الشريعة وجهه لنظام الملك وسماه بالنظامي، ثم تصنيفه لكتاب الغياثي، والمسمى أيضاً غياث الأمم في التيات الظلم وهو في أحكام السياسة الشرعية كذلك، حيث جعل قسماً كبيراً منه موجهاً للوزير نظام الملك، بعد أن أثنى عليه في مقدمة الكتاب ثناء حسناً ومدحه ببعض أبيات الشعر .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق