إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

23 دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي الفصل الأول السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم المبحث الرابع : السلطان ملكشاه : 6-من أساليب الباطنية :


23

دولة السلاجقةوبروز مشروع إسلامي لمقاومةالتغلغل الباطني والغزو الصليبي

الفصل الأول

السلاجقة ، أصولهم وسلاطينهم

المبحث الرابع : السلطان ملكشاه :

6-من أساليب الباطنية :

حاول دعاة الباطنية خداع جماهير الناس بأساليب عديدة منها.

أ‌-مظاهر التدين :

عمل زعماء الدعوة الباطنية على التظاهر بالإسلام والالتزام بتعاليمه والغلو فيه من أجل الوصول إلى غاياتهم وتحقيق برامجهم الداعية إلى هدم الشريعة الإسلامية ومن ثم إدخال التأثيرات الغربية في دائرة الفكر الديني الإسلامي  ، يقول ابن الجوزي : إن الثنوية والمجوس أرادوا إرجاع مماليكهم وإبطال الإسلام ولكنهم رأوا ضرورة إخفاء مقاصدهم بالتستر بالإسلام  .

وقد أشار الغزالي إلى تظاهر دعاتهم بالتدين والأخلاق الفاضلة في أول اجتماعهم مع المبتدئين،
قال : وقد رسموا للدعاة والمأذنونين أن يجعلوا مبيتهم كل ليلة عند واحد من المستجيبين، ويجتهدون في استصحاب من له صوت طيبّ في قراءة القرآن ليقرأ عندهم زمانا، ثم يتبع الداعي ذلك كله بشيء من الكلام الرقيق وأطراف من المواعظ اللطيفة الآخذة بمجامع القلوب، ثم يردف ذلك بالطعن في السلاطين وعلماء الزمان وجهال العوام، ويذكر أن الفرج منتظر من كل ذلك ببركة أهل بيت رسول الله – وهو فيما بين ذلك يبكي أحياناً ويتنفس الصعداء، وإذا ذكرى آية أو خبراً ذكر أن لله سراً في كلماته لا يطلع عليه إلا من اجتباه الله من خلقه وميزه بمزيد لطفه، فإن قدر على أن يتهجد بالليل مصلياً وباكياً عند غيبة صاحب البيت بحيث يطلع عليه صاحب البيت، ثم إذا أحّس بأنه أطلع عليه عاد إلى مبيته واضطجع كالذي يقصد إخفاء عبادته .

ب‌-الانتساب إلى آل البيت والدعوة إليهم :

يقول أبو عثمان العراقي الحنفي : ومن وصاياهم أن يتشيع الداعي لأهل الشيعة ويستميلهم ويظهر من نفسه أنه منهم ويظهر لهم ما فعل بأهل البيت، كيف قتلوا وكيف سبيت ذراريهم، ونساؤهم ويكتب معايب الصحابة  . بالكذب والافتراء . ويقول الدكتور عبد الله سلوم : ..... إن التستر في الولاء لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة تحقق لهم غرضين في آن واحد :

-الإمعان في التستر والحماية على مواقفهم وعدم تعرضهم للاتهام والانتقام.
-الإساءة لآل البيت من خلال إضفاء صفات عليهم لا يقّرها الشرع  . والأدلة التاريخية تبين أن عدداً كبيراً منهم أما أدعى نصرة آل البيت والأخذ بحقهم، وأما أدعى أنه من صلبهم يعمل على الأخذ بحقه في ولاية المسلمين  ، وكانت أشد الدعوات خطورة دعوة العبيدين الذين زعموا أنهم فاطميون وتمكنوا من تكوين دولة استولت على كثير من بقاع العالم الإسلامي هددت الخلافة الإسلامية العباسية  .

ت‌-نصرة المستضعفين :

من الشعرات التي رفعتها الحركات الباطنية الدعوة إلى نصرة المستضعفين وتحقيق العدل والإنصاف وقهر الظالمين وإقامة دولة العدالة والإنصاف .

ث‌-التقية :

أجازت الشريعة الإسلامية استعمال التقية في حالات قليلة جداً وفي حدود ضيقة جداً أيضاً، ولكن الغلاة والباطنية استعملوها بأكثر من الحد الذي تجيزه شريعة الله عز وجل بل أصبحت دنيا لهم يتدينون به  .

 فقد عملت الحركات الباطنية على مخاطبة الفئات والشرائح الاجتماعية المتنافرة بما تشتهي وبما يحقق مصالحها الذاتية، ويتميزون لخطاب كل فئة عبارات يلبسونها ثوب الخداع ويتسترون على حقيقتها، ويقدمون لبعضهم وعوداً مختلفة عن الوعود التي يقدمونها للبعض الآخر من أجل جمع كميّة من المؤيدين  ، ويقول الغزالي عن الحركة الباطنية ودراسة دعاتها لطبائع الناس وميولهم ووضع الخطط المناسبة لكسبهم ومخاطبتهم بما تشتهي أنفسهم، قال الغزالي : فإن رآه مائلاً إلى الزهد والتقشف دعاه إلى الطاعة والانقياد واتباع الأمر من المطاع وزجره عن اتباع الشهوات وندبه إلى وظائف العبادات، وتأدية الأمانات : من الصدق وحسن المعاملة، والأخلاق الحسنة، وخفض الجناح لذوي الحاجات ولزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان طبعه مائلاً إلى المجون والخلاعة قرر في نفسه أن العبادة بله وأن الورع حماقة وأن هؤلاء المعذبين بالتكاليف مثالهم مثال الحمر المعناه بالأحمال الثقيلة، وإنما الفطنة في اتباع الشهوة ونيل اللذة وقضاء الوطر من هذه الدنيا المنقضية التي لا سبيل إلى تلاقي لذّاتها عند انقضاء العمر  .. إلخ.

ج‌-استمالة بعض رجالات الدولة والتنسيق معهم :

من الأساليب التي اتبعتها هذه الحركات في محاولة السيطرة على الدولة العباسية، كسب بعض ذوي النفوذ من الأمراء والقّواد والأعاجم المحبين للسلطان والسيطرة من غير اعتبار لمبدأ أو دين ومن أمثلة ذلك ما قام به المؤيد هبة الله الشيرازي من استهداف مقدم الأتراك أبي الحارث البساسيري بالدعوة الفاطمية وقد كان هذا المقدم يشغل آنذاك منصب رئيس الأتراك في عهد الخليفة القائم وقد تلقى دعم مادي وعسكري للسيطرة على العراق  وقد مّر ذكر فتنته.

ح‌-استخدام الإرهاب والعنف :

ومن أساليبها استخدام الإرهاب والهجمات المسلحة ضد الخصوم  ، فسوف نرى بإذن الله أعمالهم الوحشية في هذا المضمار.

7-رسالة السلطان جلال الدين ملكشاه إلى حسن الصباح :

كانت سياسة ملكشاه تجاه حركة الحسن الصباح تتراوح بين المهادنة لهم حيناً، ومقاومتهم حيناً آخر، فعندما استولى الحسن الصباح على قلعة الموت في عام 483ه وانتشر فدائيوه يغتالون الآمنين، أرسل له ملكشاه الإمام أبو يوسف يعقوب بن سليمان وكان فقيهاً عالماً بالأصول على مذهب أهل السنة لمناظرتهم، ولكن يبدو أن هذه المناظرة لم تحقق الهدف الذي تطلع إليه ملكشاه من محاولة إقناعهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن ثم لجأ إلى العمل المسلح فأرسل الأمير أرسلان طاش سنة 485ه فحاصر قلعة الموت، ولكن هزم، كما أرسل في العام ذاته أحد قواده فحاصر قلعة " ديرة " وهي مركز آخر من مراكز ويبدو أن الباطنية التابعة لحسن الصباح أصبحوا شوكة حتى أن ابن كثير عندما تحدث عن أهم أحداث عام 494ه قال : فيها عظم الخطب بأصبهان ونواحيها بالباطنيّة، فقتل السلطان منهم خلقاً كثيراً، وأبيحت ديارهم وأموالهم للعامَّة، كلّ ُمن يقدرون عليه فلهم قتله وماله وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأوّل قلعة ملكوها في سنة 483ه، وكان الذي ملكها الحسن الصبّاح، أحد دعاتهم، وكان قد دخل مصر وتعلَّم من الزنادقة الذين كانوا بها، ثم صار إلى تلك النواحي ببلاد أصبهان، فكان لا يدعو إلا غبيَّاً لا يعرف يمينه من شماله، ثم يطعمه العسل بالجوز والشونيز ، حتى يحترق مزاجه ويفسد دماغه، ثم يذكر له شيئاً من أخبار أهل البيت ويكذب له من أقاويل الرافضة الضَُلال، أنهم ظُلِمُوا  ومُنعُِوا حقَّهم، ثم يقول له : فإذا كانت الخوارج تقاتل مع بني أميّة لعلَّي، فأنت أحقُّ أن تقاتل في نصرة إمامك علي بن أبي طالب، ولا يزال يسقيه من هذا وأمثاله حتى يستجيب له، ويصير أطوع له من أبيه وأمَّه، ويظهر له أشياء كثيرة من المخرقة والنَّيرنجات والحيل التي لا تروج إلا على الجهال، حتى التفَّ عليه بشر كثير وجمُّ غفير، وقد بعث إليه السلطان ملكشاه يتهدده ويتوعّده وينهاه عن بعثه الِفداويّة إلى العلماء  ، وهذا نص رسالة ملكشاه إلى الحسن الصّباح : أنت حسن صباح قد أظهرت ديناً وملةّ جديدة فأغريت الناس وخرجت على ولي عصرك، فجمعت حولك بعض سكان الجبال ثم أغويتهم بكلامك حتى حملتهم على قتل الناس وطعنت في الخلفاء العباسيين الذين هم خلفاء الإسلام وبهم استحكم قوام الملك والملّة ونظام الدين والدولة، فعليك أن ترجع عن هذه الضلالة وتكون مسلماً وإلاّ فقد عينت لك جيوشاً وأرجأت توجهها حتى تجييء إلينا أنت وجوابك، وحذار حذار على نفسك ونفوس تابعيك فأرحمها ولا تلقيها في ورطة الهلاك، ولا تغتر باستحكام قلاعك ولتعتقد حقيقة أن قلعة (الموت) المستحكمة لو كانت برجاً من بروج السماء لجعلتها أرضاً يبابا ولساويتها مع التراب بعناية الله تعالى  ، فلما قرأ الكتاب بحضرة الرسول، قال لمن حضره من
الشباب : إنَّي أريد أن أرسِلَ منكم رسولاً إلى مولاه، فاشر أبَّت وجوه الحاضرين منهم، ثم قال لشاب منهم : اقتل نفسك. فأخرج سكَّيناً فضرب بها غَلْصَمتَه  ، فسقط ميِّتاً، وقال لآخر منهم : ألق نفسك من هذا الموضع، فرمى نفسه من رأس القلعة إلى أسفل خندقها فتَّقطع. فقال للرسول : هذا الجواب  . وجاء في رواية أخبر سيدك أن عندي من هؤلاء عشرين ألفاً هذا حد طاعتهم لي فعاد الرسول إلى السلطان فأخبره بما رأى فعجب من ذلك، وترك كلامهم  . وقد وضعت وفاة ملكشاه في عام 485ه حداً لهذه المحاولات التي قام بها  ، على أنه يلاحظ أن ملكشاه لم يبذل في مقاومتهم جهداً يتناسب مع قوته ومكانته فلم يتوجه بنفسه – مثلاً – لحربهم كما فعل في مناسبات كثيرة عندما كان يتهدد دولته خطر من الأخطار، كما أنه صم أذنيه عن نصائح وزيره نظام الملك عندما حذره من أخطار هذه الفئة ولعل العذر الوحيد الذي يغفر لملكشاه سلوكه هذا أنه لم يمتد به العمر طويلاً بعد استيلاء الحسن على قلعة الموت وربما لو أنه مد في أجله لكان من الممكن أن يكون له مواقت   أكثر حزماً.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق