إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

125 موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام: أولاً : اسمه ونسبه ورحلاته في طلب العلم وشيوخه : 1- اسمه :


125

موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية

الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية

المبحث السابع:الإمام عبد القادر الجيلاني وجهوده في الدعوة الشعبية والإصلاح العام:

أولاً : اسمه ونسبه ورحلاته في طلب العلم وشيوخه :

1- اسمه :

هو عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن أبي عبدالله بن يحي الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض، ويلقب أيضاً بالمجل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه ( ) . وبعض الناس ينكر نسبته إلى علي بن أبي طالب ( ) ويبدو أن الصحيح صحة انتسابه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لضعف أدلة الطاعنين وندرتهم وقوة أدلة المثبتين وكثرتهم ( ) .

2- كنيته ولقبه :

تكاد تجمع كتب السير والتراجم على أن كنيته أبو محمد ونسبته الجيلاني أو الجيلي ( ). وأما الألقاب التي أطلقت عليه فهي كثيرة توحي بدلالات متعددة وهي تشبه في عصرنا الإجازات العلمية والأوسمة التي تمنح للعلماء والعظماء إقراراً بفضلهم وبيانا لعلو منزلتهم، فمن الألقاب التي أطُلقت عليه لقب الإمام، أطلقه عليه السمعاني فقال إمام الحنابلة وشيخهم في عصره. نقله عنه ابن رجب ( ) . ومنها لقب شيخ الإسلام أطلقه عليه الذهبي ( ).

3- ولادته :

ولد الشيخ عبد القادر في بلدة جيلان وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها إكيل وكيلان، والنسبة إليها جيلي وجيلاني كيلاني وذلك سنة إحدى وسبعين وأربعمائة للهجرة ( ) وقيل : إنه ولد سنة سبعين وأربعمائة هجرية ( ).

4- طلبه للعلم ورحلاته :

رحل الشيخ عبد القادر الجيلاني من بلده ومسقط رأسه جيلان إلى بغداد حيث دخلها سنة 488ه وعمره آنذاك ثماني عشرة سنة والتقى في بغداد بمجموعة من مشاهير العلماء الذين نهل من مناهلهم واستفاد من معارفهم حتى أصبح عالماً في مختلف العلوم إذ يصفه الذهبي في ترجمته له بأنه : الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام وعلم الأولياء ومحي الدين ( ) ، وكما يصفه ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة بأنه : شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ صاحب المقامات والكرامات والعلوم والمعارف ( )، وقد أمضى في طلب العلم اثنين وثلاثين سنة درس فيها مختلف علوم الشريعة ثم جلس للتعليم والوعظ سنة 520ه ( ) . وكان خلال فترة طلبه للعلم رغم طولها يعاني من ضيق العيش ويكابد مرارة الحرمان إلا أن ذلك لم يفت في عزيمته ولم يعوقه عن المثابرة في طلب العلم ( ) ، وقد نقل ابن رجب ما يصَّور لنا تلك المعاناة من كلان الشيخ نفسه حيث يقول : وكنت أقتات الخرنوب ( ) ، الشوك وقمامة البقل وورق الخس من جانب النهر والشط وبلغت الضائقة في غلاء نزل ببغداد أن بقيت أياماً لم آكل طعاماً بل كنت أتتبع المنبوذات أطعمها يوماً من شدة الجوع لعلي أجد ورق الخس أو البقل، أو غير ذلك، فأتقوت به فما ذهبت إلى موضع إلاَّ وغيري قد سبقني إليه، وإن وجدت أجد الفقراء يتزاحمون عليه فأتركه حياءاً، فرجعت أمشي وسط البلد لا أدرك منبوذاً إلا وقد سبقت إليه حتى وصلت إلى مسجد ياسين بسوق الرياحين ببغداد وقد أجهدني الضعف وعجزت عن التماسك فدخلت إليه ووقعت في جانب منه وقد كدت أصافح الموت، إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز صاف وشواء وجلس يأكل فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن أفتح فمي من شدة الجوع حتى أنكرت ذلك على نفسي فقلت : ما هذا وقلت ما ههنا إلاَّ الله أو ما قضاه عليّ من الموت إذا التفت إليّ العجمي فرآني فقال : بسم الله يا أخي فأبيت فأقسم عليّ فبادرت نفسي فخالفتها فأقسم أيضاً فأجبته فأكلت متقاصراً، فأخذ يسألني ما شغلك ومن أين أنت وبمن تُعرف فقلت : أنا متفقه من جيلان فقال : وأنا من جيلان فهل تعرف شاباً جيلانياً يسمى عبد القادر فقلت : أنا هو فأضطرب وتغير وجهه وقال : والله لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقيت نفقة لي فسألت عنك فلم يرشدني أحد ونفدت نفقتي ولي ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلاّ مما كان لك معي وقد حلَّت لي الميته وأخذت من وديعتك هذا الخبز والشواء، فكل طيباً فإنما هو لك وأنا ضيفك الآن بعد أن كنت ضيفي فقلت له : وما ذاك فقال : أمك وجهّت لك معي ثمانية دنانير فاشتريت منها هذا للاضطرار فأنا معتذر إليك فسكتُّه وطيبت نفسه ودفعت إليه باقي الطعام وشيئاً من الذهب برسم النفقة فقبله وانصرف ( ).

5- شيوخه : ونتحدث عن بعضهم :

أ- أبو سعيد : المبارك بن علي المخرمي شيخ الحنابلة تفقه بالقاضي أبي يعلي وبنى مدرسة باب الأزج درّس بها بعده تلميذه الشيخ عبد القادر الجيلاني بعد أن طوَّرها وأدخل عليها بعض التوسعة والتجديد، وكان نزيهاً عفيفاً، وقد فتحت عليه الدنيا، فبنى داراً وحماماً وبستاناً، مات سنة 513ه.
ب- أبو الوفاء علي بن عقيل بن عبد الله البغدادي : الإمام العلامة البحر شيخ الحنابلة الحنبلي المتكلم صاحب التصانيف ولد سنة 431ه وكان يتوقد ذكاءاً وكان بحر معارف وكنز فضائل لم يكن له في زمانه نظير ( ) . وقد نقل عنه الذهبي قوله : عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة وقصر محبتي على العلم وما خلطت لعاباً قط ولا عاشرت إلاَّ أمثالي من طلبة العلم وأنا الآن في عشر الثمانين أجد من الحرص على العلم أشد مما كنت أجده وأنا ابن العشرين وبلغت لاثنتي عشرة سنة وأنا اليوم لا أرى نقصاً في الخاطر والفكر والحفظ وحدَّة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية إلاَّ أن القوة ضعيفة ( ) . قال ابن الجوزي : كان ابن عقيل ديناً حافظاً للحدود توفي له ابنان فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه وكان كريماً ينفق ما يجد وما خلفَّ سوى كتبه وثياب بدنه توفي سنة 513ه ( ) ، وينقل الذهبي عن أبي المظفر سبط ابن الجوزي قول ابن عقيل : حججت فألتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر فإذا شيخ أعمى ينشده ويبذل لملتقطه مائة دينار فرددته عليه فقال : خذ الدنانير فامتنعت وخرجت إلى الشام وزرت القدس وقصدت بغداد فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع فقدموني فصليت بهم فأطعموني وكان أول رمضان فقالوا : إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر ففعلت فقالوا : لإمامنا بنت فتزوجت بها وأقمت معها سنة وأولدتها ولداً ذكراً فمرضت في نفاسها فتأملتها يوماً فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر فقلت لها : لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت وقالت : أنت هو والله لقد كان أبي يبكي : ويقول : اللهم أرزق ابنتي مثل الذي رد العقد عليَّ وقد استجاب الله منه ثم ماتت فأخذت العقد والميراث وعدت إلى بغداد ( ).
ج- حماد بن مسلم الدباس : كان الشيخ عبدالقادر من تلامذته ( ) وقد أثنى ابن تيمية على الجيلاني وشيخه حماد حيث قال : فأمر الشيخ عبد القادر وشيخه حماد الدباس وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة رضي الله عنهم : بأنه لا يريد السالك مراداً قط وأنه لا يريد مع إرادة الله عز وجل سواها بل يجري فعله فيه فيكون هو مراد الحق ( ).
ح- أبو محمد جعفر بن أحمد البغداي السراج : الشيخ البارع المحدث المسند بقية المشايخ كتب بخطه الكثير وصنَّف الكتب كان صدوقاً ألفَّ في فنون شتَّى وكان ممن يفتخر برؤيته ورواياته لديانته ودرايته ثقة مأمون عالم صالح ولد سنة 417ه وتوفي سنة 500ه ( ).
س- أبو عبد الله يحي بن الإمام أبو علي الحسن بن أحمد بن البناء البغدادي الحنبلي : كان الحافظ عبد الله بن عيسى الأندلسي يثني عليه ويمدحه ويطريه ويصفه بالعلم والفضل وحسن الأخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد وملازمته ولد سنة 453ه وتوفي سنة 531ه ( ). هؤلاء من أشهر شيوخه الذين أخذ عنهم وكان لهم الأثر الكبير في حياته ( ).

6- مكانته العلمية :

ويكفي في معرفة مكانة الشيخ عبد القادر الجيلاني العلمية ثناء شيخ الإسلام ابن تيمية عليه، فقد شهد ابن تيمية للشيخ عبد القادر بأنه من الشيوخ الكبار ( ). ثم شهد له بأنه من أعظم مشايخ زمانه في الأمر بالتمسك بالشريعة الغراء فيقول : والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشايخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع والأمر والنهي وتقديمه على الذوق والقدر من أعظم المشايخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية ( ) . وقال القاضي أبو عبد الله المقدسي، قال : سمعت شيخنا موفق الدين ابن قدامة يقول : دخلنا بغداد سنة 561ه فإذا الشيخ الإمام محي الدين عبد القادر ممن انتهت إليه الرئاسة بها علماً وعملاً وحالاً وافتاءاً وكان يكفي طالب العلم عن قصده غيره من كثرة ما اجتمع فيه من العلوم والصبر على المشتغلين وسعة الصدر وكان ملء العين وجمع الله فيه أوصافاً جميلة وأحوالاً عزيزة وما رأيت بعده مثله وكل الصيد في جوف الفراء ( ) . وكان يبذل أوقاتاً كثيرة في سبيل تعليم الناس الذين كانوا يحرصون على حضور دروسه على اختلاف مستوياتهم يقول ابنه عبد الوهاب : كان والدي رحمه الله يتكلم في الأسبوع ثلاث مرات بكرة الجمعة وعشية الثلاثاء وبالرباط بكرة الأحد وكان يحضره العلماء والفقهاء والمشايخ وغيرهم ومدة كلامه على الناس أربعون سنة أولها 521ه وآخرها 561ه ومدّة تصدره للتدريس والفتوى بمدرسته 33 سنة أولها 528ه وآخرها 561ه وكان يكتب ما يقول في مجلسه أربعمائة محبرة ( ). وأما ذكاؤه وفطنته وقدرته على حل المعضلات من الحوادث والمسائل فيشهد لذلك ما ذكره ابنه عبد الرزاق بقوله : جاءت فتوى من العجم إلى بغداد فلم يتضح لأحد منهم فيها جواب شافٍ وصورتها : ما تقول السادة العلماء في رجل حلف بالطلاق الثلاث أنه لابَّد له أن يعبد الله عبادة ينفرد بها دون جميع الناس في وقت تلبسه بها فيما يفعل من العبادات ؟ قال : فأتى بها إلى والدي فكتب عليها على الفور : يأتي مكة ويخلي له المطاف ويطوف أسبوعاً – أي سبعاً – وحده وتنحل يمينه قال : فمابات المستفتي ببغداد ( ) ، وعندما ترجم له ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة قال : شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ وسيد أهل الطريقة في وقته محي الدين أبو محمد صاحب المقامات والكرامات والعلوم والمعارف والأحوال المشهورة ( ) ويقول ابن الجوزي عنه : تكلم على الناس بلسان الوعظ وظهر له صيت بالزهد وكان له سمت وصمت وكان يجلس عند سور بغداد مستنداً إلى الرباط ويتوب عنده في المجلس خلق كثير ( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق