120
موسوعة الحروب الصليبية (2)عصر الدولة الزنكية
الفصل الثاني :عهد نور الدين زنكي وسياسته الداخلية
المبحث السادس:أهمية التربية والتعليم في النهوض الحضاري:
رابعاً : ابن عساكر ودوره في الجهاد ضد الصليبيين :
1- مساندته الفكرية والعقائدية لنور الدين محمود :
برزت شخصية ابن عساكر إلى جانب السلطان نور الدين محمود في معاضدته على الوحدة والجهاد، حيث اندفع يطلب منه إلى التطبيق العملي في تأليف "الأربعون حديثاً في الحث على الجهاد" قال ابن عساكر : وأحب أن أجمع له أربعين حديثاً في الجهاد تكون واضحة المتن متصلة الاسناد تحريضاً للمجاهدين الأجلاء ( ).
وكان هدف ابن عساكر هو تثقيف المجتمع الإسلامي آنذاك القيام بواجب الوقت وهو الوقوف إلى جانب نور الدين محمود ضد الخطر الصليبي وبسبب قناعة آل زنكي بأن الأعمال العسكرية والسياسية لا تكن ناجحة مؤثره إلا بدعم فكري وعقائدي وعاطفي وديني، واستجاب ابن عساكر لطلب نور الدين وقال في مقدمته : ... فسارعت إلى امتثال ما التمس من المراد وجمعت له ما يرتضيه أهل المعرفة والانتقاد، واجتهدت في جمعها غاية الاجتهاد، رجاء أن يحصل لي أجر التبصير والإرشاد، والله الموفق للصواب في الإصدار والإيراد، والمسدد في الأقوال في الإسهاب والاقتصاد ( ) وقد خصص ابن عساكر العشرة الأولى منها من توضيح منزلة الجهاد بعد منزلة الإيمان بالله مباشرة لتحريض المسلمين لمواجهة الخطر الصليبي ( ) ومن هذه الأحاديث.
- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي الإيمان أفضل ؟ قال : إيمان بالله عز وجل، قيل ثم ماذا ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله عز وجل قيل ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور ( ).
- قلت يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت : يا رسول الله فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمناً قال : فإن لم أجد قال : تعين ضائعاً أو تضع لأخرق قال : فإن لم استطع قال : تكف أذاك عن الناس فإنها تصدق بها عن نفسك ( ).
- قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل قال : أن تصلي الصلوات لمواقيتها قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ولو استزدته لزادني ( ) . وفي الأحاديث الأخرى حاول ابن عساكر أن يذكر الناس بمنزلة المجاهد في سبيل الله فمثلاً في الحديث الحادي عشر قال الرسول صلى الله عليه وسلم يا أبا سعيد الخدري – من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة قال : فعجب لها أبو سعيد، قال : أعدها علي يا رسول الله، ففعل، ثم قال : رسول الله وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قال : وما هي يا رسول الله قال : الجهاد في سبيل الله عز وجل ( ) .
- وفي الحديث الثاني عشر : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله ( ). وهناك الكثير من الأحاديث التي ذكرها ابن عساكر فهي لا تدعو ولا تذكر الجهاد مباشرة، ولكنه تدعو إلى القتال في سبيل الله.
- كما هو الحال في الحديث التاسع عشر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس ؟ إن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت وهو على ذلك ( ) . كما أورد أحاديث في الرباط في سبيل الله مثلاً كالحديث الواحد والعشرين.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ( ) .
- وفي الحديث الثالث والعشرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ( ). كما ذكر الخيل وضرورته في القتال مثلاً في الحديث السابع والعشرين.
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم من احتبس فرساً في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقاً بموعد الله كان شبعه وروثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة ( ).
- وفي الحديث الخامس والثلاثين : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله ( ).
وأحاديث أخرى في صناعة الأسلحة في الحديث التاسع العشرين.
- مثلاً يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله والذي يرمى به في سبيل الله، قال : أرموا وأركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا ( ) . وليس ذلك فقط، بل وذكر فضل أولئك الذين يوجهون أسلحتهم لأعداء الإسلام.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تقلد سيفاً في سبيل الله قلده الله عز وجل يوم القيامة وشاحين من الجنة لا تقوم لهما الدنيا وما فيها ( ) . وفي أحاديث أخرى ساوى بين الإنفاق في الحج والإنفاق في سبيل الله في الحرب مثلاً في الحديث.
- الثلاثين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النفقة في الحج مثل النفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة ( ).
إن نظرة سريعة للأحاديث التي ذكرها ابن عساكر نلاحظ أنه أختارها بدقة كبيرة من بين الأحاديث الكثيرة التي تطرقت إلى الجهاد، وبصورة عامة فهو اختار أحاديث تتحدث عن منزلة الجهاد في الإسلام، وفضل المجاهد على غيره من المسلمين، وعن أولئك المسلمين الذين يجهزون للقتال أدوات الحرب آنذاك كالخيول والسلاح والمرابطة في سبيل الله .. إلخ وقد استفاد نور الدين من جهود ابن عساكر في تعبئته الفكرية والدينية التي كرس حياته لها وقد آتت ثمارها في مواجهة الغزو الصليبي، فقد ساندتها السلطة السياسية العسكرية المتمثلة في شخص نور الدين محمود، والتي اعتمد عليها كقاعدة استند عليها في صراعه الطويل مع الصليبين.
إن تحالف العلماء مع القادة السياسيين العسكريين، كتحالف ابن عساكر ونور الدين خير مثال على أهمية وحدة الصف في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية ضد الإسلام والمسلمين ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق