102
دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الفصل الثالث
النظم الحربية عند السلاجقة
المبحث الخامس:أثر نظم السلاجقة في الدولة الزنكية والأيوبية والمماليك:
ثانياً :الأيوبيون والمماليك :
5-وسائل نقل الأخبار ووسائل الاتصال :
تأثرت وسائل الاتصال الأيوبية في عهد صلاح الدين بما وجد لدى سيده نور الدين محمود في مجال استخدام الحمام الزاجل التي كانت تُعلّق فيها الكتب حيث تعود بها إلى أوكارها فيوصل المسؤل عنها الكتاب إلى من وجَّه إليه، ونسب بعض الباحثين إلى عماد الدين زنكي استخدام الحمام الزاجل قبل ابنه نور الدين ، ويعتبر عماد الدين من ولاة السلاجقة، وقد أظهر الخليفة العباسي الناصر في العصر السلجوقي العناية بالحمام وتربيته ، واستخدمه الفاطميون وبالغوا في الاهتمام به حتى أفردوا له ديواناً بأنسابه ، فاستفاد صلاح الدين من الحمام وإيصالها لأخبار العدو إليه، حتى كان بعض الجند يتخذ حماماً يدرَّبه تدريجياً على الطيران من مسافات بعيدة، وعمل لها الأبراج الخشبية قرب خيمته حيثما نزل، كما استفاد منها في التعرف على أخبار مدينة عكا وحصار الصليبين لها والتنسيق مع أهلها لمقاومته ، وساهم استخدام الحمام في مباغتة صلاح الدين للصليبيين أثناء محاولتهم الاستيلاء على الإسكندرية ودمياط نتيجة لوصول أخبارهم إليه مباشرة بهذه الوسيلة ، وكان تأثر الصليبيين بهذه الوسيلة في نقل الأخبار كبير، فأعجبوا بها ونقلوها إلى بلدانهم ، وقد استخدم الحمام الزاجل بعد ذلك في عصر المماليك فأطلق على المشرف على أبراجه بَّراج .
6-الإقطاع العسكري :
يقول المقريزي بعد حديثه عن الوزير نظام الملك والإقطاع موضحاً التأثير السلجوقي في هذا المجال على من جاء بعدهم واقتدى بفعله من جاء بعده من الملوك من أعوام بضع وثمانين وأربعمائة إلى يومنا هذا . هذا كما وجد عند الأيوبيين كناحية من نواحي التأثير المتعددة للسلاجقة على الدولة الأيوبية، ويرى بعض المؤرخين أن الإقطاع ذا الصبغة العسكرية في عهد صلاح الدين كان استمراراً لوجوده السابق عند السلاجقة وأتابكتهم ، ووجد الإقطاع أيضاً عند المماليك بعد ذلك بينما احتفظ العثمانيون بما كان متبعاً لدى السلاجقة في مجال الإقطاع ، وفي ذلك كله دلالة واضحة على التأثير الذي أحدثه نظام الإقطاع العسكري السلجوقي لدى الدول التي جاءت بعد السلاجقة .
7-التقسيم العشري :
اتبع السلاجقة التقسيم القائم على تقسيم القادة العسكريين ابتداءً من كبار القادة أمراء المائة ومروراً بأمراء الطبلخاناة ثم العشرات فالخمسات وهي أقل هذه الدرجات وهي من التنظيمات المهمة في عصر السلاجقة، وكان لها تأثيرها البالغ في بعض من جاء بعدهم من الدول، فكان عماد الدين زنكي قد اتبع هذا التنظيم العسكري، ثم اتخذ أساساً لتنظيمات الأيوبيين في هذا المجال ، وبلغ أوج استقراره ونضجه لدى المماليك بعد ذلك .
8-الألقاب العسكرية :
أ-الأتايك : كانت بداية هذا اللقب عند السلاجقة، وتطور حتى وصل بالأتابك من الناحية العمالية بعد ذلك توريث وظيفته حتى على مستوى امتلاك الحكم، فكان صلاح الدين قد تدرّع بكونه اتابكاً للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين وعن هذا الطريق ضّم سوريا – كما سيأتي بيانه عند حديثنا عن صلاح الدين في الدولة الأيوبية بإذن الله، كما ظلَّ هذا اللقب حرفة مستقلة كذلك حتى عهد المماليك .
ب-الاسفهسلار : وكانت مهمته الإشراف على الجند في العصر السلجوقي، ثم انتقل اللقب عن طريق الدولة النورية إلى الدولة الأيوبية ،
ج-اللباس العسكري : يفضَّل القلقشندي التأثيرات السلجوقية في هذا المجال على الأيوبيين عن طريق أتابكتهم، فكان اللباس العسكري الأيوبي مماثلاً، سواء في ذلك القادة أو الجند، فكانوا يلبسون الكلوتات الصفر على رؤوسهم مكشوفة بغير عمائم، وذوائب شعورهم مرخاة تحتها، سواء في ذلك المماليك والأمراء وغيرهم ، ويوافقه محسن محمد على ذلك حتى أن التغييرات التي أحدثها بعض الأتابكة، كسيف الدين غازي ابن عماد الدين زنكي ثاني أتابكة الموصل (544) حينما استحدث حمل السنجق ، على رأسه، وألزم الجند بشد السيوف في أوساطهم، وجعل الدبابيس تحت ركبهم عند الركوب، قام السلطان صلاح الدين بتطبيق ذلك ، ويؤكد ذلك القلقشندي بقوله عن صلاح الدين بإنه : جرى على هذا النهج أو ما قاربه ، ومعلوم أن اللباس عند الأتابكة قبل تعد يلات سيف الدين غازي هو بذاته لباس السلاجقة وبذلك يكون التأثير السلجوقي قد انتقل بواسطة أتابكتهم، وكان من عادة السلاجقة استخدام الجاليش في مقدمة الجيش السلجوقي وهو عبارة عن خصلة من شعر الحصان توضع في أعلى الراية أمام الجيش ثم انتقلت على مقدمة الجيش وقد انتقلت هذه العادة إلى الأيوبيين ، فهذه بعض الإشارات العابرة حول أثر نظم السلاجقة في الدول الأخرى.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق