إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 2 أبريل 2014

134 عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة المبحث الثالث : الهجوم الشامل على المرتدين ثانياً: القضاء على فتنة الأسود العنسي وطليحة الأسدي، ومقتل مالك بن نويرة: 1-القضاء على الأسود العنسي وردة اليمن الثانية:


134

عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره

الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة

المبحث الثالث : الهجوم الشامل على المرتدين

ثانياً: القضاء على فتنة الأسود العنسي وطليحة الأسدي، ومقتل مالك بن نويرة:

1-القضاء على الأسود العنسي وردة اليمن الثانية:

اسمه: عبهلة بن كعب ويكنى بذي الخمار لأنه كان دائماً معتماً متخمراً بخمار( )، ويعرف بالأسود العنسي لاسوداد في وجهه وتكمن قوة الأسود في ضخامة جسمه وقوته وشجاعته، واستخدم الكهانة والسحر والخطابة البليغة، فقد كان كاهناً مشعوذاً، وكان يرى قومه الأعاجيب، ويسبي قلوب من سمع منطقه، واستخدم الأموال للتأثير على الناس( ).

وما أن انتشر خبر مرض رسول الله ? بعد مقدمه من حجة الوداع حتى ادعى الأسود العنسي النبوة، وقيل: إنه أطلق على نفسه (رحمان اليمن) كما تسمى (مسيلمة) (رحمان اليمامة)( ).

وأنه كان يدعي النبوة ولاينكر نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وكان يزعم أن ملكين يأتيانه بالوحي وهما: سحيق وشقيق
-أوشريق( )- وكان قبل أن يظهر مخفياً أمره يجمع حوله من يراه مناسباً، حتى  فاجأ الناس بظهوره( )، وكان أول من تبعه: أبناء قبيلته وهم (عنس)( )، ثم كاتب زعماء قبيلة (مَذحِج) فتبعه العوام منهم( )، وبعض زعمائهم من طالبي الزعامة وقد عمل على إثارة العصبية القبلية لأنه من (عنس) وهي بطن من بطون قبيلة (مذحج) وقد راسله بنو الحارث بن كعب من أهل نجران وهم يومئذ -مسلمون- فطلبوا منه أن يأتيهم في بلادهم فجاءهم فاتبعوه لكونهم لم يسلموا رغبة، وتبعه أناس من (زبيد) و(أود) (مَسْلِيَة)، و(حكم بنى سعد العشيرة)، ثم أقام بنجران بعض الوقت، وقوى أمره بعد أن انضم إليه عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وقيس بن مكشوح المرادي، وتمكن من طرد فروة بن مسيك من مراد، وعمرو بن حزم من نجران، واستهوته فكرة السيطرة على صنعاء فخرج إليها بست مئة - أو سبع مئة- فارس معظمهم من (بني الحارث بن كعب) و(عنس)( ).

فتقابل مع أهل صنعاء وعليهم (شهر بن باذان الفارسي)، وكان قد أسلم مع أبيه - في منطقة خارج صنعاء تسمى منطقة (شعوب)، فتقاتلوا قتالاً شديداً فقتل (شهر بن باذان) وانهزم أهل صنعاء أمام الأسود العنسي فغلب عليها ونزل قصر (غمدان) بعد خمسة وعشرين يوماً من ظهوره( ).

وكان له مواقف بشعة في تعذيب المستمسكين بالإسلام فقد أخذ أحد المسلمين ويسمى -النعمان- فقطعه عضواً عضواً( )، ولهذا تعامل معه المسلمون الذين كانوا في المناطق التي يديرها بالتَّقَّية)( ).

أما بقية المسلمين خارج نطاق سيطرته، فقد حاولوا التجمع وإعادة الانتظام الى صفوفوهم، فكان فروة بن مسيك المرادي قد انحاز الى مكان يسمى (الأحسية)( )، وانضم إليه من انضم من المسلمين، وكتب الى رسول الله ? بخبر الأسود العنسي فكان أول من أبلغ الرسول ? بذلك، وانحاز كل من أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل الى حضرموت في جوار (السَّكاسك والسَّكون)( ).

وقد راسل رسول الله ? الثابتين على الاسلام لمواجهة ردة الأسود وأمرهم بالسعي للقضاء عليه إما مصادمة أو غيلة، ووجه كتبه ورسله الى بعض زعماء (حمير)، و(همدان) بأن يتكاتفوا ويتوحدوا ويساعدوا (الابناء)( ) ضد (الأسود العنسي)، فأرسل (وبر بن يخنس) الى (فيروز الديلمي، وجشيمش الديلمي، وداذويه الأصطخري) وبعث (جرير البجلي) الى (ذي الكلاع، وذي ظليم) الحميريين، وبعث (الأقرع بن عبدالله الحميري) الى (ذي زود، وذي مران) الهمدانيين، وكذلك كتب الى أهل نجران من الأعراب وساكني الأرض من غيرهم( )، وبعث (الحارث بن عبدالله الجهني) الى اليمن قبيل وفاته فبلغته وفاة الرسول ? وهو في اليمن( )، ولم تبين المصادر الى أين بعث إلا أنه من الممكن أنه بعث الى (معاذ بن جبل) لأنه تلقى كتاباً من رسول الله ? يأمره فيه بأن يبعث الرجال لمحاولة ومصاولة (الأسود العنسي) للقضاء عليه( )، كما تلقى (أبو موسى الأشعري) و(الطاهر) بن أبي هالة كتاباً من رسول الله ? ليواجهوا (الأسود) بالغَيْلَة أو المصادمة( )، وكان لهذا العمل من جانب الرسول ? أثر كبير، فقد تماسك من بعث إليهم في حياته وبعد موته، فلم يَعهد عنهم أنهم ارتدوا أو تزلزلوا، فقد كتب زعماء (حمير) وزعماء (همدان) الى الأبناء باذلين لهم المعونة والمساعدة، وفي الوقت نفسه تجمع أهل (نجران) في مكان واحد للتصدي لأي حركة من جانب (الأسود العنسي)، وحينئذ أيقن هذا أنه الى هلاك( ).

 وظلت المكاتبات تتولى بين (الهمدانيين) و(الحميريين) وبين (معاذ بن جبل) وبعض الزعماء اليمنيين، ومن المحتمل أن بعض المكاتبات تمت بين (الأبناء) وبين (فروة بن مسيك)، لأنه كان له دور في قتل (الأسود العنسي)( )، ولكن كان أول من أعترض على (العنسي) هو (عامر بن شهر الهمداني).

وهكذا تجمعت كل قوى الاسلام في اليمن للقضاء على (الأسود العنسي) ويظهر أنهم كانوا مجمعين على أن يقوموا بمقتله لعلمهم أنه بمجرد أن يقتل لن يبقى لأتباعه أي كيان فيسهل التخلص منهم حينئذ، ولهذا وافقوا على خطة (الأبناء) بأن لايقوموا بأي شيء حتى يبرموا الأمر من داخلهم.

واستطاع (الأبناء) فيروز وداذويه أن يتفقوا مع (قيس بن مكشوح المرادي) -وكان قائد جند العنسي- للتخلص من (الأسود العنسي)، لأنه كان على خلاف معه ويخشى أن يتغير عليه( )، وقد ضموا الى صفهم زوجة (الأسود العنسي) (آزاد الفارسية) والتي كانت زوج شهر بن باذان وابنة عم فيروز الفارسي، فقد اغتصبها كذّاب اليمن بعد أن قتل زوجها، فهبت لأنقاذ دينها من براثن وحوش الجاهلية بكل عزم وتصميم، فدبرت مع المسلمين المناوئين للأسود خطة اغتيال هذا الطاغية المتأله( )، ومهدت لهم السبيل لقتله على فراش نومه( )، وحينما قتل (الأسود) ألقي برأسه بين أصحابه فانتابهم الرهبة وعمهم الخوف، ففروا هاربين( ).

وأتى الخبر النبي ? من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي ليبشرنا، فقال: قتل العنسي البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين. قيل: ومن هو؟ قال: فيروز، فاز فيروز( ).
وقد فصل خطة اغتيال الأسود العنسي الدكتور صلاح الخالدي في كتبه صور من جهاد الصحابة عمليات جهادية خاصة تنفذها مجموعة خاصة من الصحابة( ) وظل أمر (صنعاء) مشتركاً بين (فيروز، وداذويه، وقيس بن مكشوح) الى أن جاء معاذ بن جبل الى (صنعاء) فارتضوا أن يكون هو الأمير عليهم ولكنه لم يمكث إلا ثلاثة أيام يصلي بهم حتى بلغهم خبر وفاة رسول الله ?( )، وكانت تفاصيل مقتل (العنسي) قد خرجت من صنعاء، فوصلت الى الصديق بعد أن خرج جيش أسامة وكان هذا أول فتح أتى أبابكر وهو في المدينة( ).

ب- وعين أبوبكر (فيروز الديلمي) والياً على صنعاء وكتب إليه بذلك، ولم يول (أبوبكر) (قيساً) لأنه كان ممن مالأ الأسود العنسي وتابعه مخلصاً، عصبية لمذحج أو رغبة في الزعامة -وكان مبدأ أبي بكر عدم الاستعانة بمن ارتد( )، وجعل كل من داذويه، وجشيش، وقيس بن مكشوح مساعدين لفيروز، فتغيرت نفس قيس بن مكشوح المرادي، فعمل على قتل زعماء الأبناء الثلاثة، وقد تمكن من قتل (داذويه) سواء بنفسه أو بإيعاز منه- فتنبه لذلك (فيروز) فهرب الى أخواله في (خولان)( )، فما كان من قيس إلا أن اثارها عصبية (جنسية) فحاول جمع زعماء بعض القبائل ضد (الأبناء) مدعياً أنهم متحكمون فيهم، وأنه يرى قتل رؤسائهم وإجلاء بقيتهم، ولكن أولئك الزعماء وقفوا على الحياد فلم ينحازوا إليه ولا الى الأبناء وقالوا له: أنت صاحبهم وهم أصحابك؛ فلما يئس منهم عاد فكاتب فلول (الأسود العنسي) سواء الذين بقوا متذبذبين بين صنعاء ونجران، أو ممن إنحاز الى لحج، فطلب منهم الالتقاء بهم -ليكونوا جميعاً- على أمر واحد وهو نفي (الأبناء) فلم يشعر أهل صنعاء إلا وهم محاطون بتلك الفلول، ثم حرص (قيس) على تجميع (الأبناء) تمهيداً لنفيهم( ).

وعندما وصل فيروز الديلمي الى خولان كتب من هناك الى أبي بكر يخبره بما حصل من قيس فما كان منه إلا أن كتب الى الزعماء الذين كتب إليهم رسول الله ?، وكانت صيغة الكتاب واضحة صريحة وهي: (أعينوا الأبناء على من ناوأهم، وحوطوهم، واسمعوا من فيروز، وجدوا معه فإني قد وليته)( ).




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق