إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

392 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه المبحث الأول : أقاليم الدولة سابعًا: ولاية مصر:


392

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه

المبحث الأول : أقاليم الدولة

سابعًا: ولاية مصر:

وقد اشتملت روايات أبى مخنف في تاريخ الطبري حول ولاية محمد بن أبى بكر لمصر ومقتله على جملة من الغرائب أبرزها ما يأتي:

1- ما ذكره من مبايعة أهل الشام لمعاوية بالخلافة بعد التحكيم فهذا غير صحيح، فقد نقل ابن عساكر بسند رجاله ثقات عن سعيد بن عبد العزيز التنوخى أعلم الناس بأمر الشام( ), أنه قال: كان علىٌّ بالعراق يدعى أمير المؤمنين وكان معاوية بالشام يدعي الأمير، فلما مات على دُعي معاوية بالشام أمير المؤمنين( ) , فهذا النص يبين أن معاوية لم يبايع بالخلافة إلا بعد وفاة على وإلى هذا ذهب الطبري، فقد قال في آخر حوادث سنة أربعين: وفي هذه السنة بويع لمعاوية بالخلافة بإيليا( ), وعلق على هذا ابن كثير بقوله: يعنى لما مات على قام أهل الشام فبايعوا معاوية على أمرة المؤمنين لأنه لم يبق له عندهم منازع( ), وكان أهل الشام يعلمون بأن معاوية ليس كفئًا لعلى بالخلافة، ولا يجوز أن يكون خليفة مع إمكان استخلاف على رضي الله عنه، فإن فضل على وسابقته وعلمه، ودينه، وشجاعته، وسائر فضائله كانت عندهم ظاهرة معروفة، كفضل إخوانه أبى بكر وعمر وعثمان، وغيرهم رضي الله عنهم( ), وإضافة إلى ذلك فإن النصوص تمنع من مبايعة خليفة مع وجود الأول، فقد أخرج مسلم في صحيحة عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله ×: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»( ), والنصوص في هذا المعنى كثيرة، ومن المحال أن يقدم الصحابة على مخالفة ذلك( ).

2- قوله: إن عمرو بن العاص صالح معاوية على أن له مصر طعمه ما بقى، فهذه القصة أخرجها ابن عساكر بسند فيه مجهول( ), وذكرها الذهبي بصيغة التمريض، وبالتالي تصبح ساقطة لا اعتبار لها.

3- اتهام محمد بن أبى بكر بقتل عثمان رضي الله عنه بمشاقصه، فهذا باطل، وقد جاءت روايات ضعيفة في ذلك، كما أن متونها شاذة لمخالفتها للرواية الصحيحة التي تبين أن القاتل هو رجل مصري( ), وقد ذكر الدكتور يحيى اليحيى عدة أسباب ترجح براءة محمد بن أبى بكر من دم عثمان منها:

(أ) أن عائشة، رضي الله عنها، خرجت إلى البصرة للمطالبة بقتلة عثمان ولو كان أخوها منهم ما حزنت عليه لما قتل.
(ب) لعن على رضي الله عنه لقتلة عثمان، رضي الله عنه، وتبرؤه منهم، يقتضى عدم تقريبهم وتوليهم، وقد ولى محمد بن أبى بكر مصر فلو كان منهم ما فعل ذلك.

(جـ) ما أخرجه ابن عساكر بسنده عن محمد بن طلحة بن مصرف قال: سمعت كنانة مولى صفية بنت حيى قال: شهدت مقتل عثمان وأنا ابن أربع عشرة سنة، قال: هل أندى محمد بن أبى بكر شيء من دمه، فقال: معاذ الله، دخل عليه، فقال عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي، فخرج، ولم يند من دمه بشيء( ), ويشهد بهذا ما أخرجه خليفة بن خياط والطبري بإسناد رجاله ثقات عن الحسن البصري، وكان ممن حضر يوم الدار( ), أن ابن أبى بكر أخذ بلحيته، فقال عثمان: لقد أخذت مني مأخذًا أو قعدت منى مقعدًا ما كان أبوك ليقعده، فخرج وتركه( ), وبهذا يتبين لنا براءة محمد بن أبى بكر الصديق من دم عثمان، براءة الذئب من دم يوسف،كما تبين أن سبب تهمته هو دخوله قبل القتل( ), وقد ذكر ابن كثير – رحمه الله – أنه لما كلمه عثمان- رضي الله عنه – استحى، ورجع وتندم، وغطى وجهه وحاجز دونه فلم تفد محاجزته( ).

(د) ما ورد من تخويف معاوية بن أبى سفيان (رضي الله عنه) لمحمد بن أبى بكر بالمثلة، وما ذكر من جعل محمد بن أبى بكر في جيفة حمار وإحراقه، كل هذا لا يستقيم مع أحكام الشرع في القتلى، فقد ورد الزجر عن التمثيل بالكفار فكيف بالمسلمين، أخرج مسلم في صحيحة أن رسول الله × كان إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اعزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا( ), وقال الشافعي: وإذا أسر المسلمون المشركين فأرادوا قتلهم، قتلوهم بضرب الأعناق ولم يجاوزوا ذلك، أي أن لا يمثلوا بقطع يد ولا رجل ولا عضو ولا مفصل ولا بقر بطن، ولا تحريق، ولا تغريق ولا شيء يعدو ما وصفت، لأن رسول الله × نهى عن المثلة( ), وهل يظن بالصحابة الكرام مخالفة هذا، وهم كما وصفهم ابن مسعود: خير هذه الأمة، أبرها قلوبًا وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ×، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم أصحاب محمد ×، كانوا على الهدى المستقيم ورب الكعبة( ), وقال عنهم ابن أبى حاتم: ندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم والجري على مناهجهم، والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم قال: +وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"( ) [النساء:115].

وأصح رواية جاءت في إحراقه ما أخرجه الطبراني عن الحسن البصري قال: أخذ هذا الفاسق محمد بن أبى بكر في شعب من شعاب مصر فأدخل في جوف حمار فأحرق( ), وهذا الرواية مرسلة إذ إن الحسن لم يشهد الحادثة، ولم يسم لنا من نقل عنه، إضافة إلى أن النص لم يذكر من قام بإحراقه، وأيضا ما كان الحسن أن يرميه بالفسق وهو يعلم ثناء على رضي الله عنه عليه وتفضيله له( ).

(هـ) ما ذكره من قوله (على رضي الله عنه)، الفاجر ابن الفاجر يقصد معاوية، فهذا يستبعد صدوره من على(رضي الله عنه)، إذ إن الخلاف مع معاوية دون أبيه، وأبو سفيان، رضي الله عنه، قد أسلم وحسن إسلامه ومات قبل مقتل عثمان رضي الله عنه، فلم يدرك الفتنة( ), والله تعالى يقول: +وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" [فاطر:18]، والصحابة أعلم الناس بكتاب الله وأشدهم وقوفًا عند حدوده، فكيف ينسب لهم مثل هذا الفعل( ).

(و) ما ذكره من قول معاوية بن حديج- رضي الله عنه – لعمرو بن العاص- رضي الله عنه- لما طلب ابن أبى بكر وتلاوته لهذه الآية + أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ" [القمر:43]، فهذا يعنى تكفير محمد بن أبى بكر وغيره، وهذا لم يعرف من الصحابة وما كان بينهم لم يصل إلى درجة التكفير، وقد وضح سعد بن أبى وقاص، رضي الله عنه، هذا بقوله: «إن ما بيننا لم يبلغ ديننا»( ), وأيضًا فإن معاوية بن حديج من جند عمرو بن العاص، رضي الله عنه، وما كان له أن يرفض طلب قائده( ).

(ز) ما أورده من قول محمد بن أبى بكر أن عثمان عمل بالجور ونبذ حكم الكتاب لم أقف له على أصل يثبت صحة نسبته إلى ابن أبى بكر، أما إظهار براءة عثمان، رضي الله عنه، من ذلك فأشهر من أن تذكر( ), وقد توسعت فيها في كتابي «تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان».



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق