إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

428 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم المبحث الأول : الأحداث التي سبقت معركة الجمل أولاً: أثر السبئية في إحداث الفتنة: (1) السبئية حقيقة أم خيال:


428

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم

المبحث الأول : الأحداث التي سبقت معركة الجمل

أولاً: أثر السبئية في إحداث الفتنة:

(1) السبئية حقيقة أم خيال:

حقيقة عبد الله بن سبأ: أجمع القدماء على وجوده بلا استثناء وخالف في ذلك قلة من المعاصرين أكثرهم من الشيعة، وحجة من أنكره أنه من إبداع مخيلة سيف بن عمر التميمي وذلك لانتقاد بعض علماء الرجال له في مجال رواية الحديث أن العلماء يعدونه حجة في الأخبار، علمًا بأنه وردت روايات كثيرة عند ابن عساكر تذكر عبد الله بن سبأ ليس من بين رواتها سيف بن عمر، وقد حكم الألباني على بعضها بأنها صحيحة من حيث السند( ), وهذا غير الروايات الكثيرة عن ابن سبأ في كتب الشيعة سواء في كتب الفرق أو الرجال أو الحديث عندهم، وليس فيها عمر هذا، لا من قريب ولا من بعيد، وقد ابتدأ التشكيك في شخصية عبد الله بن سبأ( ) ووجوده في محاولة منهم لنفي دور العنصر اليهودي الحاقد في زرع الفتنة بين المسلمين من جهة، ومن جهة أخرى يوجه الاتهام للصحابة بأنهم سبب الفتنة بغرض هدم النموذج السامي والصور المشرقة لهم عند المسلمين، وتابعهم على نفي وجود عبد الله بن سبأ بعض المعاصرين كلهم من الشيعة الرافضة لغاية في نفوسهم، وهي محاولتهم الفاشلة لتبرئة أصل مذهبهم من مؤسسة الحقيقي كما أجمع القدماء جميعهم بمن فيهم الشيعة. وتجدر الإشارة أن من أنكر عبد الله بن سبأ من المحسوبين على أهل السنة هم ممن تأثروا وتتلمذوا على أيدي المستشرقين فأين بلغ هؤلاء  من قلة الحياء والجهل؟ وقد ملأت ترجمته كتب التاريخ والفرق، وتناقلت أفعاله الرواة وطبقت أخباره الآفاق، لقد اتفق المؤرخون والمحدثون وأصحاب كتب الفرق والملل والنحل والطبقات والأدب والأنساب الذين تعرضوا للسبئية على وجود شخصية عبد الله بن سبأ الذي ظهر في أخبار الفتنة، ودور ابن سبأ فيها لم يكن قصرًا على تاريخ الإمام الطبري، واستنادًا على روايات سيف بن عمر التميمي فيه، إنما هي أخبار منتشرة في روايات المتقدمين، وفي ثنايا الكتب التي رصدت أحداث التاريخ الإسلامي وآراء الفرق والنحل في تلك الفترة، إلا أن ميزة تاريخ الإمام الطبري على غيره أنه أغزرها مادة وأكثر تفصيلاً لا أكثر، ولهذا فإن التشكيك في هذه الأحداث بلا سند وبلا دليل بحجة عدم ذكر عبد الله بن سبأ إلا من طريق سيف بن عمر حتى بعد ثبوت ذكره من روايات صحيحة ليس فيها سيف ابن عمر كما أسلفنا، إنما يعنى الهدم لكل تلك الأخبار، والتسفيه بأولئك المخبرين والعلماء وتزيف الحقائق التاريخية، فمتى كانت المنهجية ضربًا من ضروب الاستنتاج العقلي المحض في مقابل النصوص والروايات المتضافرة؟ وهل تكون المنهجية في الضرب صفحًا والإعراض عن المصادر الكثيرة المتقدمة والمتأخرة التي أثبتت لابن سبأ شخصية واقعية؟ ( ), وقد جاء ذكر ابن سبأ في كتب أهل السنة كثيرًا منها:
جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان( ) المتوفى عام 83هـ، وقد هجا المختار بن أبى عبيد الثقفي وأنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية

        وأني بكم يا شرطة الكفر عارف( )


وهناك رواية عن الشعبي المتوفى عام103هـ (721م) تفيد كذب عبد الله بن سبأ( )، وتحدث ابن حبيب( ) المتوفى عام 245هـ (860م) عن ابن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الجبشيات( ), كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم المتوفى سنة 253هـ، خبر إحراق على – رضي الله عنه – لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة( ), ويعتبر الجاحظ( ) المتوفى سنة (255هـ) من أوئل من أشار إلى عبد الله بن سبأ( ), ولكن روايته ليست أقدم رواية عن ابن سبأ كما يروى الدكتور جواد على( ), وخبر إحراق على بن أبى طالب – رضي الله عنه – لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن والمسانيد( ), ولفظ الزندقة ليس غريبًا عن عبد الله بن سبأ وطائفته.

ويقول ابن تيمية: إن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ( ).

ويقول الذهبي: عبد الله من غلاة الزنادقة، ضال مضل( ).

ويقول ابن حجر: عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة.. وله أتباع يقال لهم السبئية، معتقدون الإلهية في على بن أبى طالب، وقد أحرقهم على بالنار في خلافته( ).

ويوجد لابن سبأ ذكر في كتب الجرح والتعديل، يقول ابن حبان المتوفى354هـ: وكان الكلبي – محمد بن السائب الإخباري – سبئيًا، من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن عليًا لم يمت، وأنه راجع إلى الدنيا قبل الساعة.. وإن رأوا سحابة قالوا: أمير المؤمنين فيها( ), كما أن كتب الأنساب هي الأخرى تؤكد نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ، وهم الغلاة من الرافضة، وابن سبأ أصله من اليمن، كان يهوديًا وأظهر الإسلام( ), ولم يكن سيف بن عمر هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ، إذ أورد ابن عساكر في تاريخه روايات لم يكن سيف فيها، وهي تثبت ابن سبأ وتؤكد أخباره( ), ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتداع ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في على وادعى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له( ), ويشير الشاطبى( ) والمتوفى عام790هـ إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله – تعالى- وهي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات( ), وفي خطط المقريزى المتوفى عام 845هـ، أن عبد الله بن سبأ قام من زمن على مُحدثًا القوم بالوصية والرجعة والتناسخ( ), وأما المصادر الشيعية التي ذكرت ابن سبأ، فقد روى الكشى عن محمد بن قولوية، قال: حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثني يعقوب بن يزيد، ومحمد بن عيسى، عن على بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الأزدى، عن أبان بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ، أنه ادّعى الربوبية في أمير المؤمنين وكان والله أمير المؤمنين عبدًا طائعًا، الويل لمن كذب علينا، وإن قومًا يقولون فينا ما لا نقول في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم( ), والرواية عند الشيعة من حيث السند صحيحة( ).

وفي كتاب الخصال أورد القمى الخبر نفسه، ولكن موصولاً بسند آخر، وأما صاحب روضات الجنات فقد ذكر ابن سبأ على لسان الصادق المصدوق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير وإذاعة الأسرار والتأويل( ), وقد ذكر الدكتور سليمان العودة في كتابه مجموعة من النصوص التي تزخر بها كتب الشيعة ومروياتهم عن عبد الله بن سبأ، فهي أشبه ما تكون وثائق مسجلة تدين من حاول من متأخري الشيعة إنكار عبد الله بن سبأ، أو التشكيك في أخباره، بحجة قلة، أو ضعف المصادر التي حكت أخباره( ).

إن شخصية ابن سبأ حقيقة تاريخية لا لبس فيها في المصادر السنية والشيعية المتقدمة والمتأخرة على السواء، وهي كذلك أيضًا عند غالبية المستشرقين أمثال: يوليوس فلهاوزن( ), وفان فولتن( ), وليفي ديلافيد( ), وجولد تسيهر( ), ورينولد نكلسن( ), وداويت رونلدس( )..على حين يبقى ابن سبأ محل شك أو مجرد خرافة عند فئة قليلة من المستشرقين أمثال: كيتاني وبرنارد لويس( ), وفريد لندر المتأرجح( ), علمًا بأننا لا نعتد بهم في أحداث تاريخنا.

ومن يستقرئ المصادر، سواء القديمة والمتأخرة، عند السنة والشيعة، يتأكد له بأن وجود ابن سبأ كان وجودًا تؤكده الروايات التاريخية، وتفيض فيه كتب العقائد، وذكرته كتب الحديث، والرجال والأنساب، والأدب، واللغة، وسار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين والمحدثين، يبدو أن أول من شك في وجود ابن سبأ المستشرقون، ثم دعّم هذا الطرح الغالبية من الشيعة المعاصرين بل وأنكر بعضهم وجوده ألبتة، وبرز من الباحثين العرب المعاصرين من أعجب بآراء المستشرقين، ومن تأثر بكتابات الشيعة المحدثين، ولكن هؤلاء جميعًا ليس لهم ما يدعمون به شكهم وإنكارهم إلا الشك ذاته، والاستناد إلى مجرد الهوى والظنون والفرضيات( ), ومن أراد التوسع في معرفة المراجع والمصادر السنية والشيعية والاستشراقية التي ذكرت ابن سبأ فليراجع تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور محمد أمحزون، وعبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام، للدكتور سليمان بن حمد العودة.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق