إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

391 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه المبحث الأول : أقاليم الدولة سابعًا: ولاية مصر:


391

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه

المبحث الأول : أقاليم الدولة

سابعًا: ولاية مصر:

6- رواية هذه الكتب الكثيرة بين قيس ومعاوية وعلى رضي الله عنهم بهذا التسلسل وبهذه الدقة تدخل الشك والريبة على القارئ لجهالة المطلع والناقل لها( ).

يقول الدكتور يحيى اليحيى: إن ولاية قيس بن سعد بن عبادة، رضي الله عنهما، على مصر من قبل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه أمر مجمع عليه( ), وكل من ترجم لقيس لم يذكر هذه التفاصيل( ), أي التي ذكرها أبو مخنف في روايته، وحتى مؤرخو مصر المعتبرون لم يذكروا ذلك( ), هذا وقد نقل رواية أبى مخنف من الطبري بعد حذف واختصار كل من: ابن الأثير، وابن كثير، وابن خلدون، وابن تغرى بردى( ), وقد أخرج الكندي أيضًا عن عبد الكريم بن الحارث قال: لما ثقل مكان قيس على معاوية كتب إلى بعض بنى أمية بالمدينة: أن جزى الله قيس بن سعد خيرًا واكتموا ذلك، فإني أخاف أن يعزله على إن بلغه ما بينه وبين شيعتنا، حتى بلغ عليًا فقال من معه من رؤساء أهل العراق وأهل المدينة: بدل قيس وتحول، فقال على: ويحكم، إنه لم يفعل، فدعوني، قالوا: لتعزلنه فإنه قد بدل، فلم يزالوا به حتى كتب إليه: إني قد احتجت إلى قربك، فاستخلف على عملك وأقدم( ), وقد رجح هذه الرواية الدكتور اليحيى في كتابه القيم مرويات أبى مخنف في تاريخ الطبري قال:

1- إنها من رواية مصري ثقة وهو أعلم بقطره من غيره.
2- أخرجها مؤرخ مصري.
3- خلوها من الغرائب.
4- متنها مما يتفق مع سيرة أولئك الرجال.
5- بينت تردد على في عزل قيس حتى ألح عليه الناس فاستبقاه عنده، وهكذا القائد لا يفرط بالقيادات الحاذقة وقت المحن( ).

- تعيين محمد بن أبى بكر على ولاية مصر: تدخل بعض الناس للإفساد بين على وقيس بن سعد لكي يعزله، وفي نهاية المطاف طلب بعض مستشاري على منه أن يعزل قيسًا وصدقوا تلك الإشاعات التي قيلت فيه، وألحوا في عزله، فكتب إليه على: إني قد احتجت إلى قربك فاستخلف على عملك وأقدم( ). وكان هذا الكتاب بمثابة عزل لقيس عن ولاية مصر، وقد عين على مكانه الأشتر النخعى( ), على أكثر الأقوال، وقد التقى على بالأشتر قبل سفره إلى مصر، فحدثه حديث أهل مصر وخبره خبر أهلها، وقال: ليس لها غيرك، اخرج رحمك الله فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك، واستعن بالله على ما أهمك؛ فاخلط الشدة باللين، وارفق ما كان الرفق أبلغ، واعزم بالشدة حين لا تغنى عنك إلا الشدة( ), وقد توجه الأشتر إلى مصر ومعه رهط من أصحابه، إلا أنه حينما وصل إلى أطراف (بحر القلزم)- البحر الأحمر- مات قبل أن يدخل مصر، وقد قيل إنه سقى شربة مسمومة من عسل فمات منها، وقد اتهم أناس من أهل الخراج أنهم سموه بتحريض من معاوية( ), والتهمة الموجهة إلى معاوية في قتل الأشتر بالسم لا تثبت من طريق صحيح.

واستبعد ذلك ابن كثير( ), وابن خلدون( ), وسار على نهجهما الدكتور يحيى اليحيى( ), وملت إلى هذا القول.

هذا وقد مات الأشتر قبل أن يباشر عمله في مصر، ومع ذلك فإن المصادر تتحدث عنه كأحد ولاة مصر لعلى بن أبى طالب، وقد ولى بعده على مصر محمد بن أبى بكر( ). وقد سبق لمحمد بن أبى بكر أن عاش في مصر في عهد عثمان، وتدل الروايات على أن محمد بن أبى بكر قد وصل إلى مصر قبل أن يغادرها الوالي الأول قيس بن سعد، وقد دارت محاورة بين قيس بن سعد ومحمد بن أبى بكر قدم فيها قيس عدة نصائح لمحمد، خصوصًا فيما يتعلق بالناس الغاضبين لمقتل عثمان، والذين لم يبايعوا عليًا بعده، وقد قال قيس: يا أبا القاسم إنك قد جئت من عند أمير المؤمنين وليس عزله إياي بمانعي أن أنصح لك وله، وأنا من أمركم هذا على بصيرة، ودع هؤلاء القوم ومن انضم إليهم- يقصد الذين لم يبايعوا عليًا ولا غيره – على ما هم عليه، فإن أتوك فاقبلهم وإن تخلفوا عنك فلا تطلبهم، وأنزل الناس على قدر منازلهم وإن استطعت أن تعود المرضى وتشهد الجنائز فافعل، فإن هذا لا ينقصك( ).

وقد حمل محمد معه عهدًا من على رضي الله عنه فقرأه على أهل مصر وخطبهم( ), وقد كتب أمير المؤمنين على لمحمد بن أبى بكر كتابًا جاءه عندما ولاه على مصر، ولم يكن هذا الكتاب مقتصرًا على سياسة الولاية، بل يحوى دعوة محمد بن أبى بكر الصديق إلى الله، ومما جاء في هذا الكتاب: واعلم يا محمد أنك وإن كنت محتاجًا إلى نصيبك من الدنيا، إلا أنك إلى نصيبك من الآخرة أحوج، فإن عرض لك أمران: أحدهما للآخرة والآخر للدنيا، فابدأ بأمر الآخرة، ولتعظم رغبتك في الخير، ولتحسن فيه نيتك، فإن الله عز وجل يعطي العبد على قدر نيته، وإذا أحب الخير وأهله ولم يعمله كان- إن شاء الله- كمن عمله، فإن رسول الله× قال حين رجع من تبوك: «إن بالمدينة لأقوامًا ما سرتم من مسير، ولاهبطتم من واد إلا كانوا معكم، ما حبسهم إلا المرض. يقول: كانت لهم نية»( ) , ثم اعلم يا محمد أني قد وليتك أعظم أجنادي: أهل مصر ووليتك ما وليتك من أمر الناس، فأنت محقوق أن تخاف فيه على نفسك وتحذر فيه على دينك، ولو كان ساعة من نهار، فإن استطعت أن لا تسخط ربك لرضا أحد من خلقه منه، فاشتد على الظالم، ولِنْ لأهل الخير وقربهم إليك واجعلهم بطانتك، وإخوانك، والسلام( ).
وبدأ محمد بن أبى بكر يمارس ولايته، وقد مضى الشهر الأول من ولايته بسلام، إلا أن الأمور بدأت تتغير بعد ذلك، فلم يعمل محمد بنصيحة قيس بن سعد، وبدأ يتحرش بأولئك الأقوام الذين لم يبايعوا عليًا، فكتب إليهم يدعوهم إلى المبايعة فلم يجيبوه، فبعث رجالاً إلى بعض دورهم فهدموها ونهب أموالهم وسجن بعض ذراريهم، فعملوا على محاربته( ), ثم إن معاوية أعد جيشًا بقيادة عمرو بن العاص فغزا به مصر، وتحالف مع من قاتلهم محمد بن أبى بكر، وكانت قوتهم كبيرة تصل إلى عشرة آلاف مقاتل وفيهم مسلمة بن مخلد ومعاوية بن حديج( ) ووقعت بينهم وبين محمد بن أبى بكر معارك قوية انتهت بمقتل محمد بن أبى بكر واستيلاء أجناد معاوية على مصر، وبذلك خرجت مصر من حكم على بن أبى طالب رضي الله عنه سنة ثمان وثلاثين للهجرة( ), وقد انفرد أبو مخنف الشيعي الرافض برواية مفصلة ذكرها الطبري( ), شوهت كثيرًا من حقائق التاريخ والتي لم يخرجها غيره ثم ذكرها بعض المؤرخين على النحو التالي:

اليعقوبي: ذكر قتال عمرو بن العاص لمحمد بن أبى بكر، وأن معاوية بن حديج أخذه وقتله ثم وضعه في جيفة حمار فأحرقه( ), وأما المسعودي( ), وابن حبان( ), فقد أشارا إلى قتل محمد بن أبى بكر ولم يذكرا التفاصيل( ), ونقل ابن الأثير( ) رواية أبى مخنف في الطبري بعدما حذف منها كتاب معاوية إلى محمد بن أبى بكر، ونص المكاتبات بين على وابن أبى بكر، وحذف رد ابن أبى بكر على معاوية وعمرو بن العاص، من رواية أبى مخنف في الطبري.

وقد ذكر النويرى نحوًا مما ذكره ابن الأثير( )، وذكر ابن كثير قريبًا مما ذكره ابن الأثير والنويرى، وأما ابن خلدون فأشار إلى معنى روايات أبى مخنف( ), واختصر ابن تغرى بردى روايات أبى مخنف( ), وكل هذه الروايات جاءت من طريق أبى مخنف وساهمت في تشويه التاريخ الإسلامي لتلك الحقبة، وتناقلها الكتاب المعاصرون دون تمحيص وساهموا في نشرها، واستقرت كثير من تلك الأكاذيب في أذهان بعض المثقفين، فأصبحت جزءًا لا يتجزأ من ضمن سلسلة المفاهيم المغلوطة التي نشروها بين الناس.

هذا وإن قتل معاوية بن حديج لمحمد بن أبى بكر قد ثبت من طريق صحيح فيما أخرجه أبو عوانة عن عبد الرحمن بن شماسة قال: دخلت على عائشة أم المؤمنين فقالت لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل مصر، قالت: كيف وجدتم ابن حديج في غزاتكم هذه؟ فقلت: وجدناه خير أمير، ما مات لرجل منا عبد إلا أعطاه عبدًا، ولا بعير إلا أعطاه بعيرًا، ولا فرس إلا أعطاه فرسًًا، قالت: أما إنه لا يمنعني قتله أخي أن أحدث ما سمعت من رسول الله × يقول: «اللهم من ولى من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فشق عليه»( ).


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق