إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

383 تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه المبحث الأول : أقاليم الدولة خامسًا: ولاية الشام:


383

تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة

الفصل الخامس : مؤسسة الولاية في عهد أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه

المبحث الأول : أقاليم الدولة

خامسًا: ولاية الشام:

كان معاوية، رضي الله عنه، واليًا على الشام في عهدي عمر وعثمان، رضي الله عنهما، ولما تولى على الخلافة أراد عزله وتولية عبد الله بن عمر فأبى عليه عبد الله بن عمر قبول ولاية الشام، واعتذر في ذلك، وذكر له القرابة والمصاهرة التي بينهم( ), ولم يلزمه أمير المؤمنين على وقبل منه طلبه بعدم الذهاب إلى الشام، وأما الروايات التي تزعم أن عليًا قام بالتهجم على عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، لاعتزاله وعدم وقوفه إلى جانبه، ففي ذلك الخبر تحريف وكذب( ), وأقصى ما وصل إليه الأمر في قضية عبد الله بن عمر وولاية الشام ما رواه الذهبي من طريق سفيان بن عيينة، عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: بعث إلىَّ على قال: يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسر فقد أمرتك عليهم، فقلت: أذكرك الله وقرابتي من رسول الله وصحبتي إياه، إلا ما أعفيتني فأبى على، فاستعنت بحفصة فأبى، فخرجت ليلاً إلى مكة( ), وهذا دليل قاطع على مبايعة ابن عمر، ودخوله في الطاعة، إذ كيف يوليه على وهو لم يبايع؟. وفي الاستيعاب لابن عبد البر من طريق أبي بكر ابن أبى الجهم عن ابن عمر أنه قال حين احتضر: ما آسى على شيء إلا تركي قتال الفئة الباغية مع على رضي الله عنه( )، وهذا مما يدل أيضًا على مبايعته لعلى، وأنه إنما ندم على عدم خروجه مع على للقتال، فإنه كان ممن اعتزل الفتنة، فلم يقاتل مع أحد، ولو كان قد ترك البيعة لكان ندمه على ذلك أكبر وأعظم ولصرح به، فإن لزوم البيعة والدخول فيها واجب، والتخلف عن ذلك متوعد عليه برواية ابن عمر نفسه أن النبي × قال: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»( ).وهذا بخلاف الخروج للقتال مع على، فإنه مختلف فيه بين الصحابة، وقد اعتزله بعض الصحابة، فكيف يتصور أن يندم ابن عمر على ترك هذا القتال، ولا يندم على ترك البيعة لو كان تاركًا لها، مع ما فيه من الوعيد الشديد، وبهذا يظهر بطلان قول بعض المؤرخين في زعمهم من ترك ابن عمر البيعة لعلى – رضي الله عنهما- حيث ثبت أنه كان من المبايعين له بل المقربين منه، الذين كان يحرص على توليتهم، والاستعانة بهم، لما رأى فيه من صدق ولاء والنصح له( ).

وبعد اعتذار ابن عمر عن قبول ولاية الشام، أرسل أمير المؤمنين علىٌّ سهل بن حنيف بدلاً منه، إلا أنه ما كاد يصل مشارف الشام حتى أخذته خيل معاوية وقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحيهلا بك وإن كان بعثك غيره فارجع( ), وكانت بلاد الشام تغلي غضبًا على مقتل عثمان ظلمًا وعدوانًا، فقد وصلهم قميصه مخضبًا بدمائه، وبأصابع نائلة زوجه، التي قطعت أصابعها وهي تدافع عنه، وكانت قصة استشهاده أليمة فظيعة اهتزت لها المشاعر، وتأثرت بها القلوب، وذرفت منها الدموع، كما وصلتهم أخبار المدينة وسيطرة الغوغاء عليها، وهروب بنى أمية إلى مكة، كل هذه الأمور وغيرها من الأحداث والعوامل كان لها تأثير على أهل الشام وعلى رأسهم معاوية، رضي الله عنه، فقال: كان يرى أن عليه مسئولية الانتصار لعثمان والقود من قاتليه فهو ولى دمه، والله عز وجل يقول: +وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا" [الإسراء:33]، لذلك جمع معاوية الناس، وخطبهم بشأن عثمان وأنه قُتل ظلمًا وعدوانا على يد سفهاء منافقين لم يقدروا الدم الحرام؛ إذ سفكوه في الشهر الحرام، في البلد الحرام، فثار الناس، واستنكروا وعلت الأصوات، وكان منهم عدد من أصحاب رسول الله ×، فقام أحدهم واسمه مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله × ما تكلمت، وذكر الفتن فقربها، فمر رجل متقنع في ثوب، فقال: «هذا يومئذ على الهدى»، فقمت إليه، فإذا هو عثمان بن عفان فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا؟ قال: نعم( ). وهناك حديث آخر له تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان وكان منشطًا ودافعًا قويًا للتصميم على تحقيق الهدف، وهو عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله × إلى عثمان بن عفان فجاء فأقبل عليه رسول الله ×، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه فقال:«يا عثمان، إن الله عسى أن يلبسك قميصًا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني» قالها ثلاثًا، فقلت لها: يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته، قال: فأخبرته معاوية بن أبى سفيان فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلى به، فكتب إليه به كتابًا( ).

كان الحرص الشديد على تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي في رفض أهل الشام بزعامة معاوية بن أبى سفيان بيعة على بن أبى طالب بالخلافة، وليست لأطماع معاوية وفي ولاية الشام، أو طلبه ما ليس له بحق، إذ كان يدرك إدراكًا تامًا أن هذا الأمر في بقية الستة من أهل الشورى، وأن عليًا أفضل منه وأولى بالأمر( ), ودليل ذلك ما أخرجه يحيى بن سليمان الجعفى بسند جيد، عن أبى مسلم الخولانى أنه قال لمعاوية: أنت تنازع عليًا، أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إن لأعلم أنه أفضل منى، وأحق بالأمر منى، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه، فأتوه، فقولوا له: فليدفع إلىَّ قتلة عثمان، وأسلم له، فأتوا عليًا، فكلموه، فلم يدفعهم إليه( ), وفي رواية: فأتوه فكلموه فقال: يدخل في البيعة ويحاكمهم إلىَّ، فامتنع معاوية( ), وأما الروايات التي تصور معاوية في خروجه عن طاعة على بسبب أطماع ذاتية وأطماع دنيوية، وبسبب العداء والتنافس الجاهلي القديم بين بنى هاشم وبنى أمية، وغير ذلك من القذف والافتراءات والطعن على أصحاب رسول الله ×، مما اعتمد عليها الكتاب المعاصرون- كالعقاد في عبقرية على، وعبد العزيز الدوري في مقدمة في تاريخ صدر الإسلام- وبنوا عليها تخيلاتهم الباطلة، فهي روايات متروكة مطعون في رواتها عدلاً وضبطًا( ).

وقد استمرت ولاية الشام تابعة لنفوذ معاوية بن أبى سفيان طيلة خلافة على رضي الله عنه، ولم يتمكن على من السيطرة أو تعيين العمال والأمراء فيها، وقد وقعت في الشرق من بلاد الشام بعض المناوشات بين جند على وجند معاوية كان أهمها موقعة (صفين) والتي شهدها على ومعاوية رضي الله عنهما في سنة 37هـ، ولم تمنع هذه المعارك من استمرار سيطرة معاوية على الشام( ).



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق