115
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثالث: جيش أسامة وجهاد الصديق لأهل الردة
المبحث الأول : جيش أسـامة
ثالثاً: أهم الدروس والعبر والفوائد من انفاذ الصديق جيش أسامة:
1-الأحوال تتغير وتتبدل والشدائد لاتشغل أهل الإيمان عن أمر الدين:
ماأشد التحول وأخطره! وماأسرعه كذلك! سبحان الله الذي يقلّب الأحوال كيفما يشاء {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (سورة البروج، آية:16)، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (سورة الأنبياء، آية:23). تأتي وفود العرب مذعنة منقادة، مطيعة، وبهذه الكثرة حتى سمّي العام التاسع عام الوفود، ثم تتقلب الأحوال فيخشى من أن تأتي القبائل العربية للإغارة على المدينة المنورة عاصمة الإسلام( )، بل قد جاءت للإغارة للقضاء -على حسب زعمها الباطل - على الإسلام والمسلمين( )، ولاغرابة في هذا، فإن من سنن الله الثابتة في الأمم أن أيامها لاتبقى ثابتة على حالة، بل تتغير وتتبدل، وقد أخبر بذلك الذي يقلب الايام ويصرِّفها عزوجل بقوله: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (سورة آل عمران، آية:140).
قال الرازي في تفسيره: والمعنى أن أيام الدنيا هي دول بين الناس، لايدوم مسارها ولامضارها. فيوم يحصل فيه سرور له، والغم لعدوه، ويوم آخر بالعكس من ذلك، ولايبقى شيء من أحوالها، ولايستقر أثر من آثارها( ).
وجاءت صيغة المضارع {نُدَاوِلُهَا} للدلالة على تجدّد سنة مداولة الأيام من الأمم واستمرارها. وفي هذا قال القاضي أبو السعود: وصيغة المضارع الدالة على التجدّد والاستمرار للإيذان بأن تلك المداولة سنة مسلوكة بين الأمم قاطبة سابقتها ولاحقتها( ) وقد قيل: الأيام دول والحرب سجال( ).
وقال الشاعر:
فيوم لنا ويوم علينا
ويوم نُساء ويوم نُسّرّ( )
فالصديق يعلّم الأمة إذا نزلت بها الشدة وألمت بها المصيبة أن تصبر، فالنصر مع الصبر، وأن لاتيأس ولاتقنط من رحمة الله {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (سورة الأعراف، آية:56). وليتذكر المسلم دائماً أن الشدة مهما عظمت، والمصيبة مهما اشتدت وكبرت فإن من سنن الله الثابتة، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا?إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا?} (سورة الانشراح، آية:5-6) وإن المسلم لأمره عجيب في هذه الدنيا فقد بين رسول الله ? ذلك في قوله: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)( ).
ومن الدروس المستفادة من بعث جيش أسامة: أن الشدائد والمصائب مهما عظمت وكبرت لاتشغل أهل الإيمان عن أمر الدين. إن وفاة الرسول الكريم ? لم تشغل الصديق عن أمر الدين وأمر ببعث أسامة في ظروف كالحة مظلمة بالنسبة للمسلمين ولكن ماتعلمه الصديق من رسول الله من الاهتمام بأمر الدين مقدم على كل شيء وبقى هذا الأمر حتى ارتحل من هذه الدنيا( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق