87
عصر الخلفاء الراشدين (1) أبوبكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره
الفصل الثاني:وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وسقيفة بني ساعدة وجيش أسامة
المبحث الأول:وفاة الرسول وسقيفة بني ساعدة
رابعاً: أهم الدروس والعبر والفوائد في هذه الحادثة:
1-الصديق وتعامله مع النفوس وقدرته على الإقناع:
من رواية الإمام أحمد يتضح لنا كيف استطاع الصديق أبو بكر t أن يدخل إلى نفوس الأنصار فيقنعهم بما رآه هو الحق من غير أن يُعرِّض المسلمين للفتنة، فأثنى على الأنصار ببيان ماجاء في فضلهم من الكتاب والسنة، والثناء على المخالف منهج إسلامي يقصد منه إنصاف المخالف وامتصاص غضبه وانتزاع بواعث الأثرة والأنانية في نفسه ليكون مهيّأ لقبول الحق إذا تبين له، وقد كان في هدي النبي e الكثير من الأمثلة التي تدل على ذلك ثم توصل أبو بكر من ذلك إلى أن فضلهم وإن كان كبيراً لايعني أحقيتهم في الخلافة لأن النبي e قد نص على أن المهاجرين من قريش هم المقدِّمون في هذا الأمر([59])، وقد ذكر ابن العربي المالكي أن أبا بكر استدل على أن أمر الخلافة في قريش بوصية رسول الله e بالأنصار خيراً، وأن يقبلوا من محسنهم ويتجاوزا عن مسيئهم، احتج به أبو بكر على الأنصار قوله: إن الله سمانا (الصادقين) وسمّاكم (المفلحين) إشارة إلى قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ`وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ`} (سورة الحشر، آية:8-9). وقد أمركم أن تكونوا معنا حيثما كنا فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (سورة التوبة، آية:119). إلى غير ذلك من الأقوال المصيبة والأدلة القوية. فتذكرت الأنصار ذلك وانقادت إليه([60])، وبين الصديق في خطابه أن من مؤهلات القوم الذين يرشحون للخلافة أن يكونوا ممن يدين لهم العرب بالسيادة وتستقر بهم الأمور، حتى لاتحدث الفتن فيما إذا تولى غيرهم، وأبان أن العرب لايعترفون بالسيادة إلا للمسلمين من قريش لكون النبي e منهم ولما استقر في اذهان العرب من تعظيمهم واحترامهم.
وبهذه الكلمات النيرة التي قالها الصديق اقتنع الأنصار بأن يكونوا وزراء مُعينين وجنوداً مخلصين كما كانوا في عهد النبي e وبذلك توحد صف المسلمين([61]).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق